من قطاع غزة المُحاصر “إسرائيلياً” للعام الـ15 على التوالي، بدأت أكاديمية تعليمية دينية العمل على نطاق واسع، لتحفيظ القرآن ونشر علومه، حول العالم، عبر المنصّات الإلكترونية.
وافتتحت جمعية “دار القرآن الكريم والسُّنة” بمدينة غزة، منتصف أكتوبر الجاري، أكاديمية “دار القرآن الكريم والسنة الإلكترونية العالمية”، بتمويل من مؤسسة يدي باشاك التركية.
وفي غرف متلاصقة للتعليم الإلكتروني، يفصل بينها عوازل زجاجية، يجلس الشيوخ والأساتذة أمام أجهزة الحواسيب، يشرحون طريقة نطق بعض الكلمات في القرآن، ويفسّرونها للمتدربين، عبر منصّة “زووم”.
الشيخ عبد الساتر زيادة، مُحفّظ القرآن ومُدرّب التجويد، يشرح لطلابه خطة حفظ القرآن، فضلاً عن توضيحه لأفضل طُرق تثبيت السور بعد حفظها باستخدام أسلوب التكرار.
وفي غرفة قريبة منه، يتحدث الشيخ وسيم الشوبكي باللغة الإنجليزية مع أحد طلّابه المقيمين في فرنسا، طالباً منه البدء بتسميع ما حفظه من القرآن خلال الأيام السابقة.
كما يشارك الشوبكي في تعليم متدربيه أحكام وتفسير القرآن.
نحو 3 آلاف طالب وطالبة انضموا للأكاديمية من 82 دولة بينهم غير ناطقين بالعربية
انطلاقة الأكاديمية
يقول بلال عماد، مدير جمعية “دار القرآن الكريم والسنّة”، الجهة المُنفّذة للأكاديمية: إنها استقبلت، مؤخراً، نحو 3 آلاف طالب ومتدرب من 82 دولة، بينهم أجانب غير ناطقين بالعربية.
ويضيف عماد أن هذه الأكاديمية تضمّ 60 مُدرباً من نخب الشيوخ والأساتذة، القادرين على تحفيظ القرآن، وشرح وتفسير علومه، بلغات مختلفة.
ويوضح أن جمعيته أطلقت عام 2015 مقرأة إلكترونية صغيرة، فيها عدد من المدرّبين، وعدد قليل من المتدربين أيضاً.
ويلفت عماد إلى أن المقرأة الإلكترونية (برنامج تحفيظ وتعليم القرآن عن بُعد)، خرّجت منذ عام 2015، وحتّى عام 2021، نحو 20 ألف طالب وطالبة حول العالم.
لكنّ الأكاديمية تطمح أن تُخرج ذات العدد، بشكل سنوي، وفق قول عماد، الذي أكد أن الحصار “الإسرائيلي” المتواصل لم يقف حائلاً أمام تعليم القرآن للمسلمين في الدول المختلفة.
ويبين أن “الحصار منع الشيوخ والأساتذة من التنقّل بين الدول وأبناء الأمة بأجسادهم، إلا أنهم اليوم من خلال الأكاديمية يتجولون في العالم كلّه، بعلمهم وقراءاتهم”.
ويعرب مدير “دار القرآن” عن اعتزازه لأن الناس باتوا “يُقبلون على غزة المُحاصرة والمُنهكة لتعلّم القرآن”.
تخريج 20 ألف طالب وطالبة منذ انطلاق الأكاديمية في 2015
وتعتمد الأكاديمية في وصولها إلى المتدرّبين حول العالم على المنصّات الإلكترونية مثل تطبيقات “زووم”، و”جوجل ميت”، و”فيسبوك”، و”واتساب”.
وتعتزم الأكاديمية، بحسب عماد، الوصول خلال السنوات القادمة إلى كافة دول العالم التي لم تصلها بعد لتعليم وتحفيظ القرآن.
ويتابع: عزمنا ألا نقف عند هذه الدول الكثيرة ونتوسع لنصل لكل القارات والدول والمنازل.
وحول المتدربين الملتحقين بالأكاديمية غير الناطقين بالعربية، يقول عماد: إن الشيوخ والأساتذة مؤهلون وبعضهم لديه لغات مختلفة.
وينوه إلى وجود أساتذة يقدّمون دروسهم باللغة الإنجليزية، والماليزية، فيما يجري التحضير لإعطاء دروس باللغة الإندونيسية أيضاً.
كما تمتلك الأكاديمية الطموح لتعليم القرآن وعلومه بكافة اللغات من بينها التركية، لافتاً إلى أنهم التقوا بمجموعة من الأتراك والعرب المقيمين في تركيا، خلال انطلاقتهم عبر المقرأة الإلكترونية.
ويعبّر عماد عن شكره لمؤسسة “يدي باشاك”، التركية، التي موّلت إنشاء الأكاديمية، والغرف التعليمية.
تخريج نحو 100 طالب وطالبة منذ مطلع عام 2021 نجحوا بتسميع القرآن على جلسة واحدة
البرامج التعليمية
تُقدّم الأكاديمية عدداً من البرامج التعليمية الدينية لطلابها خارج فلسطين، وهي ذات البرامج التي تقدّمها دار القرآن الكريم والسُّنة، لطلبتها في قطاع غزة.
ويقول عماد: إن الجمعية، ومنذ انطلاقتها للعمل بغزة عام 1992، قدمت عدداً من البرامج، التي يستفيد منها ما يزيد على 400 ألف طالب وطالبة سنوياً.
ويوضح أن أول هذه البرامج هو “تحفيظ القرآن”، الذي يلتحق فيه حالياً أكثر من 42 ألف طالب وطالبة، في القطاع، باتوا يحفظون أجزاء من القرآن.
ويضيف أن الدائرة الثانية هي “منتدى الحفّاظ”، المعنية بتثبيت الحفظ، لافتاً إلى أن “الطالب الذي يحفظ القرآن، ينتقل مباشرة إلى المنتدى لتثبيت ما حفظ”.
ويؤكد عماد حرص الجمعية على صنع جو تكاملي بين برامج الدار، كي يخرج الطالب وهو ملم بالعلوم الدينية والشرعية.
ويذكر أن نحو 5 آلاف طالب وطالبة ملتحقون حالياً بمنتدى الحفّاظ، لتثبيت القرآن ضمن دورات متنوعة، تبدأ بالتسميع التدريجي للقرآن، وتنتهي بتسميعه في جلسة واحدة.
ومنذ مطلع عام 2021م خرّجت دار القرآن الكريم والسُّنة نحو 100 طالب وطالبة، نجحوا بتسميع القرآن على جلسة واحدة، ودون أي خطأ، بحسب عماد.
ويبين عماد أن الدائرة الثالثة في جمعية دار القرآن الكريم والسُّنة تحمل اسم “القراءات والسند”، تختص بتعليم التلاوة والقراءة الصحيحة للقرآن كما جاءت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ووفق عماد، يتخرج بشكل سنوي من تلك الدائرة نحو 150 ألف طالب وطالبة بغزة.
ومن دائرة تعليمية حديثة (رابعة)، أنشأتها الدار عام 2020، تحت اسم “التفسير والتدبّر”، تخرّج نحو 30 ألف طالب وطالبة.
وأخيراً، تُخرّج الدار، بحسب عماد، نحو 100 ألف طالب وطالبة من دائرة “السنة النبوية” وهي الدائرة الخامسة، التي تقدّم علوم السُّنة والشريعة والفقه والسيرة والعقيدة.
دورات مجانية
ويؤكد عماد أن كافة البرامج التي تقدّمها الأكاديمية العالمية، أو الجمعية بغزة، هي مجانية، هدفها “نشر القرآن”.
ويتابع: “نحن جمعية خيرية، هدفنا خدمة كتاب الله، ونشر سُنة النبي في كل مكان بغزة، ويقوم على ذلك جيش من الشيوخ والأستاذة المتطوعين؛ الذين يحتسبون أجرهم على الله”.
ويشير عماد إلى جهود تبذلها إدارة الدار لتحصيل “مكافآت مالية للأستاذة والشيوخ، من الداعمين”.