حكم صيام الست من شوال
هل هناك أفضلية لصيام ست من شوال؟ وهل تصام متفرقة أم متوالية؟
– نعم، هناك أفضلية لصيام ستة أيام من شهر شوال، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر”(1)، يعني: صيام سنة كاملة، وينبغي أن يتنبه الإنسان إلى أن هذه الفضيلة لا تتحقق إلا إذا انتهى رمضان كله، ولهذا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان صامه أولاً ثم صام ستاً من شوال، وإن صام الأيام الستة من شوال ولم يقض ما عليه من رمضان فلا يحصل هذا الثواب سواء قلنا بصحة صوم التطوع قبل القضاء أم لم نقل، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم أتبعه…”، والذي عليه قضاء من رمضان يقال صام بعض رمضان ولا يقال صام رمضان، ويجوز أن تكون متفرقة أو متتابعة، لكن التتابع أفضل؛ لما فيه من المبادرة إلى الخير وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصيام(2).
فضل صيام الستّ من شوال
ما حكم صيام الستّ من شوال؟ وهل هي واجبة؟
– صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب، ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال، وفي ذلك فضل عظيم، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر”(3)، وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها )”، وفي رواية: “جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة”(4)، ورواه ابن خزيمة بلفظ: “صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة”، وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضاً، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموماً ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها، ثم إنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه، ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم: “إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذا كم”(5)، والله أعلم(6).
شهر شوال كله محل لصيام الست
هل يجوز للإنسان أن يختار صيام ستة أيام في شهر شوال، أم أن صيام هذه الأيام لها وقت معلوم؟ وهل إذا صامها تكون فرضاً عليه؟
– ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر” (أخرجه الإمام مسلم في الصحيح)، وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله، أو في أثنائه، أو في آخره، وإن شاء فرقها، وإن شاء تابعها، فالأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير، ولا تكون بذلك فرضاً عليه، بل يجوز له تركها في أي سنة، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل”(7)، والله الموفق(8).
المشروع تقديم القضاء على صوم الست
هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟
– قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر”، ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان؛ ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام والعناية(9).
هل صيام الست من شوال مكروه؟
ماذا ترى في صيام ستة أيام بعد رمضان من شهر شوال، فقد ورد في “موطأ” مالك: أن الإمام مالك بن أنس قال في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: أنه لم ير أحداً من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه، هذا الكلام في “الموطأ” الرقم (228) الجزء الأول.
– الحمد لله: ثبت عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر”(10).
فهذا حديث صحيح يدل على أن صيام ستة أيام من شوال سنة، وقد عمل به الشافعي وأحمد وجماعة من أئمة من العلماء، ولا يصح أن يقابل هذا الحديث بما يعلل به بعض العلماء لكراهة صومها من خشية أن يعتقد الجاهل أنها من رمضان، أو خوف أن يظن وجوبها، أو بأنه لم يبلغه عن أحد ممن سبقه من أهل العلم أنه كان يصومها، فإنه من الظنون، وهي لا تقاوم السنة الصحيحة، ومن عَلِم حجة على من لم يعلم(11).
_____________________________
(1) رواه مسلم في كتاب الصيام بشرح النووي (8/ 56).
(2) من فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – كتاب الدعوة (1/ 52-53).
(3) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
(4) النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 421).
(5) سنن أبي داود رقم (865).
(6) الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com).
(7) أخرجه البخاري (6465)، ومسلم (783) واللفظ له.
(8) مجموع فتاوى سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز – رحمه الله- الجزء 15 ص 390.
(9) مجموع فتاوى سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز رحمه الله الجزء 15 ص 392.
(10) رواه أحمد (5/417) ومسلم (2/822) وأبو داود (2433) والترمذي (1164).
(11) اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/389) (www.islam-qa.com).