كتب هذا المؤلف الماتع الشهيد سيد قطب حول سحر القرآن الكريم البلاغي وجمالياته الفنية الدقيقة وبعده في التركيبات التصويرية الرائقة، وإن القارئ ليشعر منذ اللحظة الأولى وهو يقلب ورقات هذا الكتاب أن الأديب الشهيد لم يكتبه بقلم المنظّر الإسلامي والمفكر المناضل، وإنما استدعى فيه سيد قطب الأديب العبق والشاعر المرهف مؤسس فن النقد الأدبي في كتابه «كبت وشخصيات»، ثم وضع أصوله في كتاب «النقد الأدبي أصوله ومناهجه».
تناول أ. قطب هذا الكتاب في 6 فصول، بدأها بسحر القرآن، ثم منبع السحر فيه، وأغراض التصوير الفني، ومن ثم تصوير المعاني الذهنية المجردة في صورة محسوسة إلى تصوير الحالات النفسية والمعنوية، وختاماً مشاهد الحوادث الواقعة.
هنا يتحدث أ. قطب عن سحر القرآن ومنبعه: «يجب إذن أن نبحث عن «منبع السحر في القرآن» قبل التشريع المُحكَم، وقبل النبوءة الغيبية، وقبل العلوم الكونية، وقبل أن يصبح القرآن وحدة مكتملة تشمل هذا كله، فقليل القرآن الذي كان في أيام الدعوة الأولى كان مجردًا من هذه الأشياء التي جاءت فيما بعد، وكان -مع ذلك- محتويًا على هذا النبع الأصيل الذي تذوَّقه العرب، فقالوا: «إنْ هذا إلا سحر يُؤْثَر»، إننا نقرأ الآيات المَكيّة في هذه السور فلا نجد فيها تشريعًا محكمًا، ولا علومًا كونية -إلا إشارة خفيفة في السورة الأولى لخلق الإنسان من علق- ولا نجد إخبارًا بالغيب يقع بعد سنين كالذي ورد في سورة «الروم»، وهي السورة الرابعة والثمانون، فأين هو السحر الذي تحدث عنه الوليد ابن المغيرة بعد التفكير والتقدير؟ لا بد إذن أن السحر الذي عناه كان كامنًا في مظهر آخر غير التشريع والغيبيات والعلوم الكونية، لا بد أنه كامن في صميم النسق القرآني ذاته، لا في الموضوع الذي يتحدث عنه وحده».
تميز الكتاب كعادة كاتبه بجزالة العبارة مع رقتها وامتلاكها ناصية الصورة والخيال المركبين وقوة الحجة ومنطقية الطرح واتساقها مع التراث.
لتحميل الكتاب كاملاً اضغط على الرابط: https://2h.ae/xPAJ