في ختام كل عام دراسي خلال مايو ويونيو، تطل علينا المدارس الإسلامية في البلقان وخصوصاً في البوسنة وصربيا بصور مبهجة لحفلات تخرج دفعات جديدة من طلابها، يجوب خلالها الخريجون شوارع المدينة وسط فرحة واحتفاء الأهالي، ثم يقام حفل عام بحضور واسع.
قبل يومين، كان حفل تخرج الدفعة (511) من طلاب وطالبات مدرسة «غازي عيسى بك» الثانوية الإسلامية في مدينة نوفي بازار في صربيا، والحفل ظهر مبهجاً كعراقة وتاريخ المدرسة الذي يعود إلى فترة الحكم العثماني، وخرّجت مئات الدفعات من الخريجين من دارسي العلوم الإسلامية.
توقفت المدرسة فقط خلال الحكم الشيوعي ليوغسلافيا، وعاودت العمل من جديد كمدرسة إسلامية بعد سقوط الشيوعية، ومدة الدراسة في المدرسة 4 سنوات، يدرس خلالها الطلاب والطالبات العلوم الإسلامية الشرعية بجانب العلوم الأخرى.
في الحفل، خرج الطلاب والطالبات، حيث يرتدي الطلاب زيّاً رسمياً، والطالبات يرتدين زياً إسلامياً موحداً، يتقدمهم المدرسون ومسؤولو المدرسة، ويصطف الطلاب خلفهم يحملون الورود التي يهديهم إياها الأهالي، ويجوب الخريجون شوارع المدينة وسط احتفاء واسع من قِبَل الأهالي، ثم يجتمعون في قاعة الاحتفال، لتبدأ مراسم التخرج ومنح الشهادات وتكريم الطلاب.
فخر واعتزاز
وفي مقابلة مع «المجتمع»، قال د. خير الدين، وهو والد إحدى الطالبات الخريجات في هذه الدفعة: في حفل التخرج يجوب أبناؤنا الشوارع؛ تعبيراً عن الاحتفاء بهم كخريجي مدارس إسلامية، وإنه لشيء يدعو للفخر أن تكون ابنتي ضمن هذه الكوكبة من الطلاب الخريجين، الذين يجعلوننا كآباء نشعر بالفخر، ويكسون الشوارع ببهجتهم خلال التخرج خاصة في بلد أغلبيته غير مسلمة.
ومن جانبه، قال الشيخ عامر جانكو، إمام مسجد بدر في مدينة توتين بصربيا، لـ«المجتمع»: إن هذا التقليد في حفلات التخرج من المدارس الإسلامية بهذا الشكل له أثر طيب؛ تعبيراً عن الحرية التي يتمتع بها المسلمون، فيجوب أبناؤهم شوارع المدينة بهذا الزي الإسلامي، والطالبات يرتدين الحجاب؛ ما يمثل تقديراً للفتاة المسلمة، وترسيخاً للوجود الإسلامي، وهذا يجعل الأهالي جميعاً يشعرون بالاعتزاز بدينهم كمسلمين فخورين بالتعبير عن هويتهم.
وفي البوسنة كذلك، كان حفل تخرج الدفعة (256) بمدرسة «التشي إبراهيم باشا» في مدينة ترافنيك التي تأسست عام 1705م منذ العهد العثماني، ومرت خلال تلك الفترة بمحطات عديدة، لكنها عادت وتواصل عملها في تخريج الطلاب الدارسين للعلوم الإسلامية.
نظرة دونية
وعن هذا التقليد في حفلات التخرج بالمدارس الإسلامية في البوسنة وصربيا، قالت الكاتبة البوسنية مريم تولتش، في مقابلة مع «المجتمع»: في الزمن الشيوعي كانت هناك نظرة دونية نوعاً ما لطلبة المدارس الدينية، باعتبارهم طلاباً من الدرجة الثانية، إما أن يكون أغلبهم من القرى، وليسوا متميزين علمياً، وبعد زوال الحكم الشيوعي، صار هذا التقليد في حفلات التخرج بالمدارس الإسلامية كمحاولة للاحتفاء بهؤلاء الطلاب خريجي المدارس الإسلامية كونهم طلاباً متميزين وليسوا وفق الصورة التي تم تنميطهم بها كدرجة ثانية في المستوى التعليمي، بل ربما هم أفضل كثيراً من خريجي المدارس التي تدرس المنهاج العلمي أو المهني.
وأضافت: فحفلات التخرج بهذا الشكل، وأن يجوب الطلاب والطالبات خريجو المدارس الإسلامية شوارع المدن؛ لإبراز قيمة طلاب المدارس الدينية، وإبراز تفوقهم على غيرهم من طلاب المدارس الأخرى، فالآن أصبحت التخصصات على تنوعها مفتوحة أمامهم، بعكس فترة الحكم الشيوعي التي كانت محدودة جداً في التخصصات المتاحة أمام طلاب المدارس الإسلامية.