يُعد الجهاز المناعي هو خط الدفاع الأول للحماية من الأمراض، التي تستهدف الجسم ومحاربة المواد والجراثيم الضارة التي تدخل عبر الجلد أو النظام الهضمي، وهو شبكة واسعة من الأعضاء وخلايا الدم البيضاء، والبروتينات (الأجسام المضادة) والمواد الكيميائية، حيث تعمل هذه المنظومة معاً عن الحماية من الميكروبات الخارجية التي تسبب العدوى والالتهابات والآفات المرضية، كما يحتفظ بسجل بكل جرثومة هزمها، لكي يتعرف إليها بسرعة ويدمرها في حال دخولها مجدداً، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.
يولد الإنسان بالمناعة الفطرية أو الطبيعية، وهي بمثابة الحماية العامة، ويسمى النوع الثاني من المناعة التكيفية أو النشطة، وهي تتطور على مدار الحياة، حين يتعرض الجسم للأمراض ويحصل على التطعيم، أما المناعة السلبية فهي مناعة مستعارة من مصدر آخر وتدوم لفترة قصيرة، وعلى سبيل المثال، يحتوي حليب الأم على أجسام مضادة تمنح الرضيع مناعة مؤقتة سلبية من المشكلات المرضية التي تُصاب بها الأم أثناء الرضاعة، وفقاً للدكتورة ديفيا مانغال أخصائية طب الأسرة.
وتضيف: عندما يولد الطفل، تكون لديه مناعة سلبية لأن الأجسام المضادة تنتقل إليه من الأم عبر المشيمة، ولكن بعد 6 أشهر تبدأ هذه المناعة بالانخفاض ويبدأ الطفل بتطوير مناعته الذاتية، والتي تسمى المناعة الطبيعية وتستغرق نحو 3 إلى 4 أعوام لتتطور بشكل كامل، وبحسب بعض العلماء، فإن أفضل مناعة لدينا هي في سن البلوغ، ومن ثم بعد ذلك تبدأ بالتناقص تدريجياً مع التقدم بالسن، ما يؤدي لزيادة فرص الإصابة بالأمراض الالتهابية والسرطانات بحسب الخليج.
عادات خاطئة
تشير د.مانغال إلى وجود العديد من العوامل التي ترتبط بأسلوب الحياة، وتؤثر بشكل سلبي في الجهاز المناعي، بما في ذلك التوتر وقلة النوم والاضطرابات النفسية والتدخين وشرب الكحول، إلى جانب الحمية الغذائية غير الصحية التي تشمل الدهون المشبعة والسكر والملح مع قلة النشاط الجسدي وسوء النظافة وعدم غسل اليدين جيداً، وقلة الحصول على فترات الاسترخاء.
وتتابع: يجب الحرص على أخذ التطعيم المناسب للعمر وأثناء السفر عند اللزوم، إلى جانب التأكد من سلامة الماء والغذاء، وتقليل التوتر، والمواظبة على التمارين الرياضية، لتعزيز الجهاز المناعي.
تلفت د.مانغال إلى أن الجهاز المناعي يتعرض للإصابة بالمشكلات المرضية، نتيجة نوعين مختلفين هما:
- 1. العوامل الجينية التي تشمل بعض الأمراض الناجمة عن افتقار الجسم للخلايا المسؤولة عن تعزيز المناعة في الجسم منذ الولادة.
- 2. العوامل غير الجينية، مثل العمر (حيث تتناقص المناعة مع التقدم بالسن)، ونوع الجنس (الإناث لديهن مناعة أقل)، والمتغيرات البيئية (أي التقلبات الموسمية السنوية)، والتغذية، والالتهابات الكامنة، والعوامل الأخرى المرتبطة بنمط الحياة.
الذئبة الحمامية
توضح د. سلافيكا فوكوفيتش، أخصائية الطب الباطني، أن مرض الذئبة الحمراء داء التهابي مزمن يصيب أي عضو من أعضاء الجسم، وله مسار الانتكاس والهدوء، ويُصنف ضمن مشكلات المناعة الذاتية، ويتميز بإنتاج أجسام مضادة ذاتية لبعض المكونات الخلوية (النووية والهيولي) لأسباب غير معروفة، ولكن هناك عدة عوامل تساهم في تطور المرض مثل الجينات والهرمونات والبيئة، وتحدث الإصابة لأكثر من 90٪ من الحالات في جميع أنحاء العالم لدى النساء، وعادة ما تبدأ في سن الإنجاب.
تذكر د. سلافيكا فوكوفيتش أن أعراض الإصابة بالذئبة الحمامية تظهر مع ثالوث من الحمى وآلام المفاصل والطفح الجلدي، وتشمل أيضاً التعب والحمى وتغيرات الوزن، ما يؤثر في أجهزة الأعضاء المختلفة مثل: الجهاز العضلي الهيكلي عندما يشكو المريض من آلام المفاصل وآلام العضلات والتهاب المفاصل.
وتضيف: يرتبط المرض بأشكال الطفح الجلدي ويبدو وكأنه فراشة على الوجه، أو تغيرات قرصية، مع حساسية للضوء، ويمكن أن يعاني المريض الفشل الكلوي الحاد أو المزمن، وأمراض الالتهاب الكلوي الحاد، والتهاب الرئة، والتهاب الجنبة، وأمراض الرئة المعوية.
وتتابع: يمكن أن تتأثر أغشية الأعضاء الأخرى أيضاً، ويصاب المرضى بالتهاب التامور والتهاب عضلة القلب، ويشكو بعض المصابين من الغثيان وآلام البطن وعسر الهضم، وكشفت النتائج المعملية مؤخراً عن الاضطرابات الدموية مثل انخفاض عدد الصفائح الدموية وخلايا الدم البيضاء، والمعاناة الشديدة من فقر الدم، وفي حالات أخرى توجد مظاهر عصبية على شكل نوبات أو اضطرابات عقلية.
تشير د. فوكوفيتش إلى أن تشخيص الذئبة الحمراء يتم من خلال الفحوص السريرية والمخبرية للكشف عن الأجسام المضادة الذاتية، واختبار الدم والكيمياء الحيوية، وتشمل خطة العلاج الدوائي في حال تأكيد الإصابة: بعض الأدوية المضادة للملاريا، والكورتيكوستيرويدات، والأدوية غير البيولوجية المضادة للالتهابات، ومضادات الالتهابات غير الستيرويدية، والعلاجات المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض، والتي حققت خطوة كبيرة إلى الأمام في مكافحة هذا المرض المزمن.
وتتابع: تشمل العلاجات المساعدة مكملات فيتامين (د)، الأنشطة البدنية المنتظمة على النحو المسموح به، ولا يوصى باتباع نظام غذائي محدد، وينصح المرضى بتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، والحفاظ على ممارسة نمط الحياة الصحي، للسيطرة على عدم تطور الأعراض.
الروماتويد المفصلي
تحدث الإصابة بمرض الروماتويد المفصلي نتيجة خلل في الجهاز المناعي، ويقوم بمهاجمة خلايا معينة في الجسم، وهو داء مزمن يصاحبه التهاب بالمفاصل، والشعور بآلام، تورم، تيبس في الصباح، عدم القدرة على استخدام المفصل إلا باستخدام الأدوية المُسكنة، ويتم التشخيص عن طريق الكشف السريري وإجراء الفحوص والاختبارات التي يتم تحديدها بحسب شكوى المصاب والأعراض التي يعانيها، بحسب د. إيمان وجيه أخصائية الأمراض الروماتيزمية.
وتؤكد د.إيمان وجيه، على أن علاجات الروماتويد المفصلي تتمثل في مضادات الالتهابات وأنواع المسكنات، وتظهر نتائجها ببطء، وتستغرق من 6 أسابيع إلى 8 أسابيع، وربما يحتاج بعض المرضى إلى تغيير خطة التداوي في حال عدم استجابة الجسم للأدوية الموصوفة.
وتشدد على ضرورة التشخيص المبكر للسيطرة على تطور الأعراض ومنع المضاعفات الخطيرة مثل: تشوهات المفاصل، والمتابعة المنظمة مع الطبيب المختص، لقياس مدى الاستجابة للعلاج وتجنب العلامات الجانبية للأدوية، مع الالتزام بالنظام الغذائي الصحي، وممارسة الرياضة وعدم الإجهاد، والحد من التعرض للضغوط العصبية والبدنية، وتجدر الإشارة إلى أن الروماتويد المفصلي لا يمنع الزواج والإنجاب، ولكن يُفضل التخطيط للحمل عن طريق خطة علاجية مناسبة.
مصادر طبيعية
تتمثل وظيفة الجهاز المناعي في إرسال الأجسام المضادة لمحاربة الأمراض التي تستهدف الجسم البشري، ويشير خبراء الصحة إلى أن الأطعمة التي يتناولها الإنسان، تلعب دوراً محورياً في الحماية من الفيروسات والحد من زيادة فرص الإصابة بالأمراض، وخاصة الوجبات التي تحتوي على المعادن وفيتامينات (ج، أ، د، ب) وعنصر الحديد والزنك، وتوصي الإرشادات الغذائية بتنوع العناصر وحصتين أو ثلاث يومياً من الفواكه كالبنجر والبرتقال، والخضراوات الورقية.
* تتصدر المياه قائمة العناصر المسؤولة عن صحة أداء الوظائف في الجسم والحفاظ على صحة البشرة والشعر، وتجديد مستويات الطاقة، وبالتالي دعم الجهاز المناعي، ولذلك يحتاج الإنسان إلى تناول الكثير من الماء خلال اليوم، بمعدل 8 أكواب يومياً وكذلك العصائر الطبيعية أو الحساء أو شاي الأعشاب، وخاصةً مع ارتفاع درجات الحرارة الشديد في الهواء.
* يشير خبراء الصحة إلى أن نقص الحصول على النوم الجيد، يؤدي إلى زيادة التوتر وقلة التركيز، ما يؤثر سلباً في جهاز المناعة في الجسم، ولذلك ينصح بألا تقل ساعات النوم عن 6-8 ساعات في اليوم، لتحقيق الراحة والاسترخاء.
* كشفت الدراسات الحديثة أن نشر الزيوت الأساسية في المنزل يعزز المناعة، وتستخدم في الحد من الأعراض المزعجة للصداع والتوتر، وخاصة المصنوعة من مستخلصات بعض الفواكه والزهور والتي تحتوي على رائحة عطرية مثل: الليمون أو النعناع أو الأوكالبتوس.
* تُمثل ممارسة الرياضة أحد الطرق الهامة التي تزيد من إنتاج هرمونات تقوية المناعة، ويشير الخبراء إلى ضرورة حصول الشخص على 30 دقيقة من التمارين يومياً، حيث إن تعرق الجسم أثناء أداء التدريبات يساهم في طرد السموم، ومحاربة الجراثيم.