مصطفى إبراهيم
في ظل التحريض الصهيوني ضد الفلسطينيين وضرورة الرد على العمليات الفدائية المتصاعدة في الضفة الغربية، التي امتدت إلى جنوبها في الخليل والخشية الصهيونية من تصاعد المقاومة وهجماتها، والتقديرات والتخوفات من شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، أو تنفيذ عمليات اغتيال ضد قيادة المقاومة خاصة من حركة «حماس»، تتجه الأنظار إلى القطاع على اعتبار أنه الحلقة الأضعف، حسب وجهة النظر «الإسرائيلية»، وعدم قدرتها على المغامرة في جنوب لبنان.
وحسب ما نقلته وسائل الإعلام أن المجلس الوزاري الأمني السياسي (الكابينيت)، اتخذ القرار بترك المهمة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع اليميني المتطرف يواف جالانت، واتخاذ القرار المناسب بطبيعة الرد، وأين سيكون، ومتى.
تصريحات استجدائية
بعد عملية الخليل ومقتل مستوطنة يهودية، ارتفعت وتيرة التهديد والتحريض، رافقتها دعاية صهيونية رخيصة وتغطية للفشل الأمني والتنكر للحقوق الفلسطينية ومقاومة الاحتلال وإرهاب المستوطنين.
وما رافقها من تصريحات نتنياهو ووزير الأمن جالانت بتوجيه الاتهام لإيران، والحديث عن ضرورة جباية ثمنًا باهظًا من كل من يقف خلف الهجمات الأخيرة، وما ذكره مسؤول صهيوني كبير، من أن إيران تغرق الضفة الغربية بالأموال وتريد تحويلها إلى جبهة ضدنا.
وتزامنت مع ما ذكرته قناة «كان» العبرية نقلاً عن مصادر فلسطينية، أن «حماس» تجند عناصر من الأمن الفلسطيني لخدمتها بالضفة الغربية، وتستغل الحركة الظروف الاقتصادية لعناصر الأمن الذين يتلقون رواتبهم بنسبة 80%.
تصريحات إن ثبت صحتها تعبر عن طبيعة العلاقة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والصهيونية، التي لا تراعي طبيعة الاحتلال والجرائم التي يرتكبها، وهي تصريحات استجدائية وتسيء للشعب الفلسطيني ومقاومته، من أجل دعم الأجهزة الأمنية مالياً.
وعلى الرغم من التهديد «الإسرائيلي» والتحريض على المقاومة في غزة والخارج، وأنها التي تمول وتدعم المقاومة في الضفة، فهي وسيلة للهروب من الفشل الأمني، وكأن الشبان الفلسطينيين ينقصهم الشجاعة والبطولة، وهم الذين يقاومون الاحتلال سواء كانت رد فعل على إرهاب الجيش والمستوطنين بطريقة تظهر وكأنها أعمال انتقامية، أن كل هذه البطولة هي إنتــاج إيراني.
مع أن مؤسسة الاحتلال الأمنية غير متأكدة من صحة هذه المعلومات، وهي تلمح إلى أن حركة «حماس» تقود جهود إشعال الضفة الغربية المحتلة، والدفع لتنفيذ المزيد من العمليات، على غرار العمليات التي نفذها أعضاء ينتمون لـ«حماس»، التي اعتبرت أكثر خطورة.
وبناء على ذلك، تشير التوقعات إلى أنه من الممكن توجيه ضربة للإضرار بمقدرات «حماس» العسكرية في قطاع غزة أو لبنان.
كل الاحتمالات واردة في ظل اشتعال المقاومة وامتدادها للخليل التي تعتبر مركز قوة مهماً لـ«حماس»، الأمر الذي يشكل تحديًا مختلفًا للمؤسسة الأمنية عندما يتعلق الأمر بروتين العمليات في المدينة.
وفي حال قيام الاحتلال بعملية اغتيال لشخصية قيادية، أو استخدام القوة العسكرية لن يؤدي إلى حل، بل إلى المزيد من التصعيد ليس في قطاع غزة، بل قد ستزيد المقاومة من عملياتها في الضفة بشكل أوسع.
«إسرائيل» التي تقول: إن هذا العام هو الأصعب منذ 20 عاماً، وإن عدد المستوطنين والجنود الذين قتلوا وصل إلى 36 قتيلاً.
حصيلة جرائم الاحتلال
منذ 30 مارس 2022م، وحتى اليوم، لم يتوقف جيش الاحتلال عن عملياته العدوانية العسكرية في الضفة الغربية، ولم يكن هناك يوم واحد لم يدخل فيه المدن والقرى ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية؛ وتنفيذ حملات اعتقال، وتدمير منازل وبنية تحتية واغتيالات، وغيرها من الجرائم، منذ بداية عام 2023 قُتل حوالي 190 فلسطينيًا في الضفة الغربية، 43 منهم أطفال.
إضافة إلى إرهاب المستوطنين تحت رعاية وحماية الجيش، وحرق القرى وقطع الأشجار والاعتداء على الرعاة، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وقتل الفلسطينيين والاعتداء عليهم بالضرب، وإطلاق يد وزير المستوطنات سموترتش في زيادة ميزانيات الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها، ورخص البناء.
وفي نظرة سريعة على عدد قتلى الصهاينة، بناء على توثيق «بيتسيلم»، قُتل 22 يهودياً هذا العام حتى يونيو الماضي، رغم أنهم أكثر بـ5 أضعاف من العام الماضي، ولكن أقل بـ10 مرات من العام 2002، عندما قُتل 269 صهيونياً.
وفي المقابل، حتى يونيو الماضي، استشهد 160 فلسطينياً، مع أنه حسب التوثيق الفلسطيني 226، مقارنة بـ183 فلسطينياً في العام الماضي، و1021 في عام 2002.
وبالمناسبة، لم يكن هذا العام هو العام الأكثر دموية، حيث إن العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2014م، استشهد فيه 2271 فلسطينياً، منهم 140 رجلاً وامرأة وطفلاً في يوم واحد بمدينة رفح ومخيمها فيما سمي بـ«الجمعة السوداء».
إضافة إلى عدد الشهداء، في مسيرات العودة عام 2018، نحو 300 شهيد، ودورات العدوان في العام 2019م (30 شهيداً في يومين)، و«هبة الكرامة»، و«سيف القدس» 2021م (232 شهيداً)، والعام 2022م (52 شهيداً)، وعدوان مايو الماضي (33 شهيداً).
هذا تذكير سريع للجرائم وحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال، وما نشاهده يومياً، من إعدامات ميدانية، وهي جرائم حرب يرتكبها الجنود الصهاينة في الضفة الغربية المحتلة، القتل من أجل القتل في سلوك إجرامي يومي.