وقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، اتفاقية منحة بهدف تقديم المساعدات النقدية متعددة الأغراض للنازحين داخلياً في السودان، وذلك صباح الثلاثاء الموافق 24 أكتوبر 2023م، بمقر نماء الخيرية في منطقة الروضة، بحضور الرئيس التنفيذي لنماء الخيرية سعد مرزوق العتيبي، ورئيس قطاع الاتصال عبدالعزيز الكندري، ونسرين ربيعان، ممثلة المفوضية لدى دولة الكويت.
من خلال هذه المساهمة، ستتمكن المفوضية من دعم 338 أسرة نازحة داخلياً في السودان ممن تضرروا جراء اندلاع الصراع في البلاد، من خلال تقديم المساعدات النقدية متعددة الأغراض، التي سوف تعينهم على تغطية نفقاتهم الأساسية والطارئة، كسداد الديون، والإيجار، والطعام، والرعاية الصحية، وغيرها.
الإغاثة والتعاون الإنساني
وقال رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي د. خالد المذكور: إن الإغاثة والتعاون الإنساني ليست مجرد مفهومات تعلن بالأفواه، بل هي قيم عميقة مرسومة في ديننا الإسلامي، وقد شدد القرآن الكريم في العديد من الآيات على أهمية تقديم المساعدة والإغاثة للمحتاجين، فقال الله تعالى في كتابه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الإنسان: 8)، وقال أيضًا: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (الحشر: 9).
وتابع د. المذكور: علمنا من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كيف كان يتعامل مع المحتاجين والملهوفين، كان دائمًا يشجع على العطاء ويوصي برعاية الأيتام والمساكين، مشيراً إلى أن الشراكة بين نماء الخيرية ومفوضية شؤون اللاجئين تأتي تجسيداً لهذه القيم الإنسانية، هذه الشراكة تسعى إلى إغاثة ومساعدة النازحين في السودان الذين يواجهون صعوبات جسيمة بسبب النزاعات والأوضاع الصعبة.
العتيبي: هذه الاتفاقية تجسد التزامنا الجاد والمشترك تجاه تحسين ظروف النازحين ودعمهم في هذه الفترة الحرجة
وأضاف د. المذكور: لنحتفظ بمبادئنا الإسلامية، ونتبنى روح العطاء والتعاون، لا يمكن لأحدنا تغيير العالم بمفرده، ولكن يمكننا أن نقدم الفرصة للتغيير من خلال التعاون والعطاء، فلنجعل هذا الجهد مشروعًا يجمعنا كمؤمنين وكبشر في خدمة الإنسانية.
أولويات الإنفاق
من جانبها، أشادت ونسرين ربيعان، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بدولة الكويت، بالمساهمة الكريمة المقدمة من نماء الخيرية، وقالت: مع استمرار الصراع في السودان وعدم وجود نهاية لهذا القتال في المستقبل القريب؛ تزداد الاحتياجات الإنسانية للأشخاص الذين يفرون من منازلهم بحثاً عن الأمان، ونأمل أن تسهم هذه المساهمة في تخفيف بعض من الأعباء الملقاة على عاتق العائلات النازحة ومساعدتهم بطريقة تحفظ كرامتهم من خلال المساعدات النقدية، التي ستسمح لهم بتحديد أولويات الإنفاق لديهم وتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً.
وأضافت: نقدر شراكتنا الإنسانية مع نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، التي تعكس الالتزام الراسخ لدولة الكويت بكافة هيئاتها الحكومية والإنسانية والقطاع الخاص بمد يد العون للنازحين قسراً أينما كانوا، ويؤكد مكانتها كمركز عالمي للعمل الإنساني.
شراكة مميزة
فيما قال الرئيس التنفيذي لنماء الخيري سعد العتيبي: نعلن اليوم عن شراكة مميزة بين نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي ومفوضية شؤون اللاجئين؛ بهدف تقديم المساعدة والإغاثة للنازحين في السودان، هذا اليوم يمثل لنا مناسبة خاصة للتحدث عن العمق التاريخي والإنساني لهذا المشروع البارز.
وتابع العتيبي: يعكس العمق التاريخي بين السودان والكويت في مجال الإغاثة الارتباط القوي والتضامن الدائم بين الشعبين، فالكويت دائمًا كانت وما زلت داعمة قوية للسودان في مجال الإغاثة والتنمية، ونحن نفتخر بعمق هذا التاريخ المشترك، ونعتبر هذه الشراكة استمرارًا لهذا الرابط القوي.
ربيعان: 330 أسرة نازحة داخلياً في السودان ممن تضرروا جراء اندلاع الصراع يستفيدون من هذه الاتفاقية
وأكد العتيبي أن هذه الاتفاقية تجسد التزامنا الجاد والمشترك تجاه تحسين ظروف النازحين ودعمهم في هذه الفترة الحرجة، وندرك أهمية هذه الخطوة للفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعنا، ونعتزم بذل كل جهد ممكن لضمان تحقيق الأهداف المحددة في هذا الاتفاق.
وأوضح العتيبي أن العالم يشهد اليوم تزايدًا ملحوظًا في التحديات التي تواجه الأشخاص النازحين من بيوتهم بسبب الأزمات والنزاعات، هؤلاء النازحون يجدون أنفسهم في حاجة ملحة إلى الدعم والمساعدة لتلبية احتياجاتهم الأساسية والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.
وأشار العتيبي إلى أن هذه الاتفاقية تعكس التزامًا حقيقيًا بمساعدة الأشخاص الأكثر ضعفًا في السودان، وتوفير الإغاثة المناسبة لهم، نحن نسعى إلى تحقيق التنمية والرفاهية لهؤلاء النازحين وتوفير بيئة تعينهم على العيش بكرامة.
وقال العتيبي: إن التعاون بين نماء الخيرية ومفوضية شؤون اللاجئين مثال على كيفية العمل الجماعي لتحقيق الخير والعطاء في العالم، وتابع أننا ندرك الأهمية البالغة لهذا التعاون في الدعم المشترك لمن يحتاجون، فمشاريع نماء الخيرية التعليمية والصحية والإغاثية في السودان تشكل جزءًا أساسيًا من رؤيتنا لدعم وتحسين الحياة في هذه المناطق، نحن نعمل جاهدين على تقديم المساعدة في مجموعة متنوعة من المجالات لدعم الناس وتحسين جودة حياتهم.
وأضاف العتيبي: نعلم جميعًا أن التعليم مفتاح الازدهار والتقدم، ولهذا فقد ركزت نماء الخيرية على المشاريع التعليمية والتنموية والصحية في السودان، إن رؤيتنا هي تمكين الشباب بالتعليم والمعرفة التي تمكنهم من خلق مستقبل أفضل لأنفسهم ومجتمعهم.
وأكد العتيبي أن اهتمام نماء الخيرية بقضايا التعليم يعكس التزامنا الراسخ بتوفير التعليم كأحد أهم محاور العمل الإنساني، نحن نعتقد بأن التعليم هو المفتاح لبناء مستقبل أفضل وتحقيق التنمية المستدامة؛ ولهذا السبب نسعى جاهدين لتوفير الفرص التعليمية للأفراد من جميع الفئات الاجتماعية، ومن خلال هذه الشراكة، سنتمكن من تقديم الدعم والتعليم للأطفال والشباب النازحين السودانيين؛ مما سيسهم في بناء مستقبل أفضل لهم والمساهمة في تطوير مجتمعهم، كما أن مشاريعنا الصحية تستند إلى الالتزام الراسخ بتوفير الرعاية الصحية الأساسية للسكان؛ من خلال تطوير المستشفيات وتقديم خدمات طبية متميزة، ونهدف إلى تحسين صحة السكان وزيادة الوصول إلى الخدمات الصحية، أما المشاريع التنموية فهي تستهدف تعزيز البنية التحتية وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير المياه وتطوير المشاريع التنموية التي تشكل جزءًا من تفانينا في دعم التنمية المستدامة وتحقيق التقدم في السودان.
واختتم العتيبي تصريحه قائلاً: من خلال هذه الشراكة المميزة مع مفوضية شؤون اللاجئين، نقدم تعبيرًا عمليًا عن التزامنا المشترك بتحقيق التنمية المستدامة والعمل من أجل توفير بيئة آمنة للأفراد النازحين.
وفي الختام، نؤكد دور نماء الخيرية في الاهتمام بالإنسان والمساهمة في تحسين حياة الناس، نحن نسعى جاهدين لجعل العالم مكانًا أفضل من خلال دعم الأفراد والمجتمعات في الأوقات التي يحتاجون فيها بشكل أكبر.
تعزيز التنمية المستدامة
وقال رئيس قطاع الاتصال والتكنولوجيا في نماء الخيرية عبدالعزيز الكندري: تعد الشراكة في العمل الخيري والإنساني وسيلة قوية للمؤسسات الخيرية لتعزيز الجهود الإنسانية وتحقيق أهداف تقديم المساعدة وتخفيف معاناة الناس في الأماكن المتأثرة بالنزاعات والأوضاع الصعبة.
وأوضح الكندري أن الشراكات تؤدي دورًا بارزًا في تحقيق التأثير الإيجابي في مجتمعاتنا، ومن بين هذه الشراكات القيمة تلك التي تجمع مؤسسات الخيرية مع مفوضية شؤون اللاجئين، هذه الشراكات لها أهمية كبيرة في تحقيق الأهداف الإنسانية وتوفير الإغاثة للمحتاجين.
وأكد أن نماء الخيرية تسعى من خلال شراكاتها إلى تقديم المساعدة الإنسانية للأشخاص النازحين واللاجئين الذين يواجهون أوضاعًا صعبة، بالإضافة إلى تعزيز التنمية المستدامة وإعادة تأهيل اللاجئين والنازحين ليتمكنوا من العيش بكرامة.
وتتطرق الكندري إلى أهمية الشراكة التي تتمثل في زيادة تأثير العمل الإنساني حيث تساعد الشراكات على زيادة تأثير الجهود الإنسانية فعندما تتعاون مؤسسة خيرية مع مؤسسات أخرى، يمكنها توجيه مواردها ومعوناتها نحو الأماكن والمجموعات التي تحتاجها بشكل أكثر فعالية بالإضافة إلى الوصول إلى مجموعات مستهدفة أوسع.
وتتطرق الكندري إلى الشراكة مع مفوضية شؤون اللاجئين وقال: إن مفوضية شؤون اللاجئين لديها وصول واسع إلى اللاجئين والمهاجرين من خلال الشراكة، يمكن للمؤسسة الخيرية الوصول إلى مجموعات مستفيدة جديدة وتقديم الدعم للأشخاص الذين قد يكونون خارج نطاق الوصول العادي.
ومنذ اندلاع الصراع في السودان، في أبريل الماضي، أجبر أكثر من 5.3 ملايين شخص على الفرار من ديارهم، بما في ذلك أكثر من 4 ملايين نازح داخلياً، وأكثر من مليون شخص ممن عبروا الحدود الدولية إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمان
وتعمل فرق المفوضية مع الشركاء والسلطات داخل السودان في ظروف صعبة، نظراً لزيادة الاحتياجات بشكل يفوق ما يمكن توفيره بالموارد المتاحة، وتبذل المفوضية قصارى جهدها لتوسيع نطاق الاستجابة.
وكانت المفوضية قد وجهت نداءً لتمويل عملياتها في السودان بمبلغ 508.5 ملايين دولار أمريكي، تم تمويل 30% منها فقط حتى الآن.