لم يفقد أبناء عائلة الدهشان في حي الصبرة جنوب مدينة غزة الأمل في العثور على أحياء تحت ركام منزلهم الذي دمرته طائرات الاحتلال بداية العدوان على غزة وسوته في الأرض على رؤوس قاطنيه.
عائلة الدهشان واحدة من عشرات العوائل التي دمر الاحتلال منازلهم وهي مأهولة، وبقي عدد من سكان هذا المنزل تحت أنقاضه، حيث تعجز فرق الدفاع المدني عن انتشالهم لعدم وجود المعدات الثقيلة المخصصة لذلك.
يحاول أبناء العائلة النبش بمعدات بسيطة وأيديهم من أجل إخراج من تم دفنهم تحت أنقاض عمارة تتكون من عدة طوابق سويت بالأرض بفعل صواريخ طائرات الاحتلال، ولكن أنَّى لهم ذلك؟!
وقال أحد أبناء العائلة لـ«المجتمع»: نلتمس العذر للدفاع المدني في هذا الأمر لحجم العدوان، فهناك ضحايا غيرنا هم الآن بأمسّ الحاجة لمعداتهم البدائية المتهالكة، ولكن نأمل أن نُخرج أياً ممن هم تحت الركام أحياء.
إنقاذ ما يمكن إنقاذه
واضطرت إدارة الدفاع المدني إلى اتخاذ القرار الذي وصفه الناطق باسمها محمود بصل بأنه «قرار مجنون» من أجل إنقاذ آخرين في ظل عشرات الغارات في آن واحد.
يوجد قرابة 1600 مواطن فلسطيني بين الأنقاض غير معروف مصيرهم ليتحولوا إلى شهداء مع وقف التنفيذ، وربما فارقوا الحياة إلا من القليل الذين تم انتشالهم بعد عدة أيام كالطفلة ريم القريناوي من مخيم البريج وسط قطاع غزة، بحسب بصل.
ويروي بصل لـ«المجتمع» كيف تم اتخاذ هذا القرار الصعب للمفاضلة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وذلك بعد التأكد من أنَّ مَنْ في داخل هذا البيت المستهدف قد فارقوا الحياة.
وقال بصل: إذا ثبت لدينا أن جميع من في البيت شهداء نضطر التوجه إلى منزل آخر لإنقاذ مَنْ فيه ونترك هذا المنزل لحين ما يأتي دوره للعمل فيه من خلال ما توفر لدينا من «باقر» كبير لرفع الأنقاض؛ لأن العمل في هذا البيت يحتاج إلى ساعات طويلة.
وكشف أنه يوجد في قطاع غزة 5 «بواقر» فقط، في كل محافظة «باقر» واحد وبعض الجرافات، مشيراً إلى أنهم ناشدوا سابقاً من أجل إدخال هذه المعدات، لكن الاحتلال منع ذلك.
وقال بصل: لا يوجد دفاع مدني في غزة، فجميع معداته متهالكة وقديمة، مشيراً إلى أنهم فقدوا خلال هذا العدوان 15 شهيداً من العاملين في الدفاع المدني، وأصيب 50 آخرون، وتم تدمير 4 سيارات إطفائية.
وأضاف: عدد نداءات الاستغاثة عن مفقودين وصل حتى ظهر الثلاثاء 24 أكتوبر نحو 1600 نداء استغاثة لمواطنين تحت الأنقاض مفقودون لا نعلم إنْ كانوا أحياء أم أمواتاً.
وأشار إلى أن ما تتعرض له غزة يستوجب أن تعلن منطقة منكوبة تسخر لها كل الإمكانيات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن لا أحد يتعامل مع ما يطلقونه من مناشدات.
وأوضح أنه في اعتداءات سابقة لم يكن هذا القرار مفعلاً؛ لأنه في اليوم الواحد كان يُقصف منزل أو منزلان مأهولان، ولكن في هذا العدوان كل 5 دقائق هناك قصف منزل مأهول وتدميره على رؤوس قاطنيه؛ لذلك اتخذوا هذا القرار «المجنون»، وفق تعبيره.
وناشد الناطق باسم الدفاع المدني الفلسطيني بضرورة إدخال معدات عاجلة للدفاع المدني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا سيما الأجهزة التي تكتشف أحياء تحت الأنقاض من أجل التعامل مع هذا الكم من النداءات.
ومن جهته، قال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة: إنهم لأول مرة يتم استحداث مسمى «مفقود»؛ نظراً للكم الكبير من استهداف المنازل المأهولة.
وأضاف القدرة لـ«المجتمع»: إحصائية الشهداء التي نعلن عنها وتُحدَّث باستمرار لتواصل العدوان هم فقط ممن وصولوا إلى المشافي، أما من لم يصل إلى المشافي ممن هم تحت الأنقاض فهم أصبحوا في عداد المفقودين.