أتذكر أنه في إحدى المرات كنت ذاهباً مع مجموعة من المشتركين في النادي للمشاركة في معسكر خارج الكويت، وبمجرد ركوبنا للطائرة، وكانت من الشركات التي تسمح بتقديم الخمر للركاب -عافانا الله وإياكم- وحين الإقلاع بدأ مجموعة من الركاب من فئة المراهقين شرب الخمر، طبعاً كان المشهد صادماً للصبية الذين كانوا معي.
قارنت هذا المشهد مع مئات المشاهد للشباب الذين كانوا قد تربوا في المحاضن التربوية على مدى سنوات ثم ذهبوا للابتعاث في الخارج، وكان الدافع الأول الذي وقاهم من الوقوع في الحرام الصحبة الصالحة التي تربوا معهم، لا أقول: إن كل من لم يختلط في هذه المجموعات المباركة ستزل قدمه، ولكنها من أبرز المعينات على الحفاظ على دين المرء وأخلاقه.
ولذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر بالتزام الصحبة الصالحة، فقال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف: 28)؛ لذا وجود الطفل والمراهق في هذه المجموعات الطيبة يزيده تزكية، ويعزز ما تريد غرسه فيه من قيم وأخلاق فاضلة.
وللنوادي التربوية الصيفية أثر بالغ على شخصية الأبناء من عدة جوانب؛ كالجوانب الشخصية والمهارية، فالطفل فيها يشعر بالأمان الذي يفتقده في المدرسة؛ لأنه يكثر فيها التنمر، فأصبح شعار المدارس اليوم «إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب»، فلا بد للطفل أن يكون متنمراً أو يتنمر عليه، وهذا عكس ما يكون في النوادي الصيفية؛ فهناك الولد يستطيع أن يشعر بأن رأيه مقدر، وأنه شخص محترم ومحبوب، فترى الطفل ذا الشخصية البارزة يتحدث فيُنصت له، وكذلك المتواضع يتحدث، بل يقوم المشرفون بتشجيعه.
وأضف على ذلك جملة من المهارات التي يتعلمها ابنك من الثقة بالنفس والمهارات الاجتماعية من اكتساب الأصدقاء وحل المشكلات والمهارات الحرفية التي قد يزودونه بها.
بالطبع، كل الآباء والأمهات يبحثون عن الأفضل لأبنائهم من فترة الولادة إلى الكبر، فتراهم يحرصون على الولادة في أفضل المستشفيات والرعاية الصحية، ثم الملابس والأكل، ثم أفضل التعليم، وهذا مطلوب؛ ولذلك فالحرص على إعطاء ابنك أفضل التربية الخُلقية والدينية هي التي ستضمن لك قطف ثمارهم في المستقبل، إن شاء الله تعالى، وهنا يكون دور النوادي التربوية.