بعد اعترافه بفشله في تنفيذ حكم العشائر في قطاع غزة، كشف رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو للقناة «14» العبرية القريبة من المستوطنين واليمين المتطرف عن مخطط آخر لإنشاء إدارة مدنية بالتعاون مع فلسطينيين محليين.
وقال نتنياهو، في حديثه عن خططه في قطاع غزة بعد الحرب العدوانية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023م: نريد إنشاء إدارة مدنية بالتعاون مع فلسطينيين محليين؛ وخطتنا لمنح عائلات وعشائر فلسطينية في غزة للسيطرة على القطاع فشلت.
وأضاف أن هناك مخططاً آخر لإدارة غزة قد نكشف عنه لاحقاً بالشراكة مع دول معينة في المنطقة، لكن المهم الآن هو نزع السلاح من القطاع.
كما أقر بأن إعادة الاستيطان إلى غزة ليس أمرًا واقعيًا، مشددًا رفضه لإقامة دولة فلسطينية وعدم السماح بتسليم غزة للسلطة الفلسطينية.
https://x.com/ajmubasher/status/1805026792048132433
ما قصة الإدارة المدنية «الإسرائيلية»؟
يذكر المؤرخ «الإسرائيلي» أهارون بيرغمان، في كتابه «النصر الملعون: تاريخ إسرائيل والأراضي المحتلة»، أن الإدارة المدنية هيئة حكم «إسرائيلية» تعمل في الضفة الغربية وتعتبر الجسم الذي خلف الحكم العسكري «الإسرائيلي» الذي أدار الأراضي التي احتلتها «إسرائيل» في عام 1967م (الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان) بعد توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» مع مصر.
ففي عام 1981م أنشأ الاحتلال الصهيوني بموجب أمر صادر عن وزير الدفاع آنذاك أرئيل شارون ما يسمى بـ«الإدارة المدنية»؛ وهي عبارة عن جهازي إدارة منفصلين واحد لقطاع غزة والآخر للضفة الغربية، بهدف الاهتمام بشؤون السكان المحليين.
وتعد الإدارة المدنية جزءاً من كيان أكبر يعرف بمكتب تنسيق الحكومة في المناطق، ووحدة في وزارة الدفاع «الإسرائيلية»، وبعد توقيع اتفاقية «أوسلو» تولت السلطة الوطنية الفلسطينية مهامها إلى حد كبير في عام 1994م، ولكنها لا تزال تعمل بشكل محدود بإدارة شؤون السكان الفلسطينيين في المنطقة «ج» من الضفة الغربية، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية (موقع ويكيبيديا).
عملت الإدارة المدنية منذ نشأتها على محاولة خلق جسم تمثيلي فلسطيني تابع لها، ففي أواخر سبعينيات القرن الماضي، حاوت إنشاء ما يسمى روابط القرى كجسم فلسطيني خاضع لإرادة «إسرائيل» الكاملة، ليحل محل منظمة التحرير الفلسطينية، سوى أن الرفض الفلسطيني حال دون تثبيت روابط القرى كما أريد لها. (موقع ويكيبيديا).
وفق ادعاء الكيان الصهيوني، هدفت هذه الإدارة لتحسين صورة الاحتلال أمام العالم، وإعطاء انطباع وكأن هناك حالة سياسية في الأراضي الفلسطينية، تبعد الأنظار عن حقيقة وجود احتلال مرفوض من قبل السكان، ووفق القانون الدولي (المركز الفلسطيني للدراسات «الإسرائيلية»- مدار).
ونالت الإدارة المدنية كل صلاحيات جيش الاحتلال المدنية، وشملت 3 فروع، وضمت موظفين ضباطاً عسكريين ومدنيين، على رأسهم المنسق ومكتبه في وزارة الجيش، ويتبع لوزير جيش الاحتلال مباشرة (موقع الجزيرة نت).
خطة نتنياهو لـ«اليوم التالي»
في 21 يونيو الجاري، عرض رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، خلال مقابلة معه نشرها الموقع الإخباري الأمريكي «بانتش بول» (PUNCHBOWL)، خطة من 4 أمور رئيسة لما بعد الحرب على قطاع غزة.
وقال نتنياهو: أعتقد أننا سوف نضطر إلى تحقيق نزع السلاح بشكل مستدام، وهو ما لا يمكن أن تقوم به إلا «إسرائيل» ضد أي جهد إرهابي متجدد.
وحول الإدارة المدنية، أكد نتنياهو أنه لا بد من وجود إدارة مدنية لإدارة ليس فقط توزيع المساعدات الإنسانية، وأن أفضل طريقة للقيام بذلك هي التعاون مع الدول العربية.
واعتبر أن الأمر الثالث هو عملية نزع التطرف التي سوف تبدأ في المدارس والمساجد لتعليم هؤلاء الناس مستقبلاً مختلفاً عن المستقبل الذي يقتضي إبادة «إسرائيل» وقتل كل يهودي على وجه الأرض.
وتابع أن الأمر الرابع هو إعادة الإعمار، وهو ما أعتقد أن المجتمع الدولي سوف يتولى المسؤولية عنه إلى حد كبير.
هل ستنجح الخطة؟
تعليقاً على مخطط نتنياهو في غزة، أكد الكاتب والصحفي الفلسطيني في غزة إياد القرا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سيفشل في فرض إعادة الإدارة المدنية لغزة مجدداً كما فشل في مشاريع سابقة خلال الحرب بتعيين جهات محلية وصفها بـ«العميلة» لإدارة غزة.
وحذر القرا، في تصريح لـ«المجتمع»، من أن نتنياهو يمارس سياسة التجويع لشمال قطاع غزة على أن تنسحب لكل مناطق القطاع للضغط على سكان غزة للقبول بأي جهة يطرحها لإدارة القطاع.
وقال: باتت خطة نتنياهو التي يسعى من خلالها لخلق أجسام عميلة جديدة وجهات متعاونة، لتظهر كمخرج لهذه الإبادة الجماعية وحرب التجويع.
وأضاف: اعتراف نتنياهو أمس بأنه فشل في ذلك هو إقرار منه بأن خطته لم تلق آذاناً صاغية؛ وتؤكد مدى وعي شعبنا في إحباط هذه المشاريع كما أحبط العديد منها سابقاً، لا سيما في تجربة روابط القرى في سبعينيات القرن الماضي. وتابع: “هذا ما سيحدث لأي خطة يريدها الاحتلال، وهو الفشل.
وشدد القرا على أن ما لم يحققه نتنياهو وجيشه بالقوة العسكرية خلال 9 أشهر من العدوان على غزة لا يمكن تحقيقه بطرق أخرى باتت مكشوفة لشعبنا مهما بلغت معاناته.
من جهته، يعتقد الكاتب والمحلل الفلسطيني إبراهيم المدهون أن رؤية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمستقبل غزة بعد انتهاء العدوان واضحة، مبيناً أن الحركة منفتحة على خيارات سياسية متنوعة، مرجحاً أن (حماس) مستعدة للتعاون مع حكومة وحدة وطنية، أو حكومة وفاق وطني، أو حتى حكومة تكنوقراط بشرط أن تكون بمرجعية وطنية وبرنامج وطني.
وأكد المدهون في تصريحات صحفية على أن (حماس) تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار والحرية لشعبها، وأن الحركة لن تتنازل عن هذه الحقوق في أي مفاوضات مستقبلية.
ويؤكد مراقبون لـ«المجتمع» أن الإدارة المدنية نظام حكم لترك الفلسطينيين لإدارة شؤون حياتهم بإشراف مباشر من قيادات يعينهم الاحتلال، لكن بسيطرة أمنية صهيونية على كل مجريات الحياة؛ أي احتلال من نوع آخر، وبالتالي كل الحلول المتعلقة بالإدارة المدنية مرفوضة، وهي بمثابة إعادة تدوير للاحتلال مرة أخرى.
واستبعدوا أن يلجأ نتنياهو لخيار الإدارة المدنية في غزة لأنها ستكون عبئاً ثقيلاً على حكومة الاحتلال، لكنه يلوح لإدارة متعددة الأطراف لحكم القطاع.
كما أكد مفوض العشائر الفلسطينية في قطاع غزة عاكف المصري أن العشائر رديف كفاحي للفصائل الفلسطينية وليست بديلاً عنها.
وقال مفوض العشائر، في تصريحات صحفية، نقلها «المركز الفلسطيني للإعلام»: كما أفشلنا مخططات الاحتلال خلال الشهور الـ9 الماضية، سنُفشل أيضاً ما يخطط له نتنياهو.
ونوه بأن العشائر الفلسطينية رفضت أن تكون بديلاً لأي طرف سياسي فلسطيني يحكم القطاع، مبينًا أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الولاية الوحيدة في تقرير مصيره وفي اختيار ممثليه ومن يحكم قطاع غزة.