في 25 سبتمبر 2015م، أقرّت الجمعية العامة في قرار لها أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، التي تشمل 17 هدفاً رئيساً، تغطي مجموعة واسعة من قضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية، سعياً إلى إقامة مجتمعات أكثر تمتعاً بالسلم والازدهار بحلول عام 2030م.
وفي إطار العمل المجتمعي لتحقيق هذه الأهداف، تذكر لجنة الخدمة والعمل التطوعي (CVSA)، وهي منظمة أمريكية غير ربحية تأسست عام 1945م، تديرها مجموعة من المتطوعين، وتركز على تعزيز وتنسيق وتوسيع مجال الخدمة والعمل التطوعي المستقل لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية النظامية، ومن بين مبادراتها المهمة كانت حملة التعليم المجتمعي لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، التي تتضمن تثقيف وتعبئة المنظمات المجتمعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة للعمل نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030م!
وعلى هامش مشاركتي في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (الإيكسوك)، خلال الأسبوع الماضي، التقيت بسوزان أنجوس، إحدى العاملات في «CVSA»، وأخبرتني كيف أنها وزملاءها في «CVSA» كانوا يأملون، عند إقرار أهداف التنمية المستدامة، بأن تبدأ الولايات المتحدة بالفعل في التعامل مع الأسباب الجذرية لمشكلات التنمية، لكنها لم تفعل ذلك، فأهداف التنمية المستدامة لا يتم تناولها محلياً، ولم تعرض على الكونغرس قط، ولم تشكل لجنة لتقديم مراجعة وطنية طوعية (VNR) أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، ولذا بدأت «CVSA» التعبئة على المستوى الشعبي، والمنظمات المجتمعية، والمدارس، والجماعات الدينية، للضغط على حكومة الولايات المتحدة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة في الداخل، وليس فقط إخبار البلدان الأخرى بما ينبغي عليها فعله!
وعادة ما تميل الدول، في مراجعاتها الوطنية كل عام أمام المنتدى رفيع المستوى للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلى تلميع الذات وتبييض المواقف والحديث عما قامت به من إنجازات نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لكن الحقيقة التي تسجلها تقارير التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة هي أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق الأهداف!
وترى شريحة من الخبراء أن من غير المتوقع أن يتم تحقيق أي من الأهداف الـ17 بحلول عام 2030م، ومن المرجح أن يتم تحقيق حوالي 12% فقط منها، وعلى سبيل المثال، يفتقر 2.2 مليار شخص حول العالم حالياً إلى إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة، وهناك أكثر من 300 مليون شخص ينامون جائعين كل ليلة، والهدف المعلن لأهداف التنمية المستدامة هو الوصول بكلا الرقمين إلى صفر!
وفي هذا السياق، فإن القلق من عدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة قد وصل إلى محافل المنظمة الدولية، حيث أشارت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة إلى أنه لم يتم الوصول حتى الآن إلا لـ17% فقط من الأهداف المزمع تنفيذها بحلول عام 2030م!
وبهدف تحسين النهج الحالي، اقترحت مجموعة من الباحثين، من مؤسسات في أوروبا والولايات المتحدة، بقاء الأهداف كما هي لكن مع تطور أكبر، مثل أن يشمل هدف القضاء على الفقر توفير الحماية الاجتماعية للأشخاص الضعفاء، وأن يعالج هدف القضاء على الجوع أيضاً نقص التغذية، وكذلك تمديد مدتها حتى عام 2050م!
كما اقترح أيضاً أن تؤخذ بعين الاعتبار التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي؛ حيث توصلت إحدى الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفيد 134 هدفاً عبر جميع الأهداف، مثل تقديم تنبؤات أفضل بالطقس أو تحسين التشخيص الطبي، لكنها وجدت أيضاً أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيق 59 هدفاً!
ورغم العوائق التي يواجهها تحقيق هذه الأهداف، فإن اليأس من إمكانية تحقيقها ينبغي ألا يكون خياراً مطروحاً، بل يجب أن تبقى في مركز أجندات السياسة العالمية، خاصة في ضوء المفاوضات الطويلة التي سبقت إقرارها، والجهود الكبيرة التي بذلت وما زالت لتحسينها!