«جهاد وإبعاد واستشهاد»، ثلاث كلمات تختصر مسيرة الشيخ خليل القوقا (أبو إياس) الذي عاش نصف قرن من عمره، 17 سنة منها في المنفى، لم يتوقف يوماً عن الدعوة والجهاد وهو من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، أحد مؤسسي حركة «حماس».
نهوضه بالجيل
حرص القوقا على إحياء الجيل الإسلامي، فمثل الشيخ مصدر قوة وإلهام لشباب الدعوة الإسلامية ورجالات الحركة في فلسطين، إذ جسد رؤية تحرير فلسطين من خلال محاضراته وخطبه ولقاءاته في مساجد غزة، لا سيما مسجد الشاطئ الشمالي، كان لا يكل ولا يمل من دعوة الناس إلى خدمة دين الله.
تعمق في قضايا الوطن والتاريخ، وارتسمت فلسطين في ذهنه، فكان يردد للشباب في المخيمات الصيفية: «التحرير.. معركة حضارة وتاريخ»، عُرف بأبوة حنونة، وكان يجمع حوله الشباب للحديث عن فلسطين، عن صفد ويافا، وتحرير الأقصى زمن الناصر صلاح الدين.
وُلد عام 1946م في بلدة الحمامة داخل الأراضي المحتلة لكنه لم يهنأ طويلاً في حضن قريته، فمع نكبة عام 1948م هُجر مع أسرته قسراً إلى معسكر الشاطئ للاجئين، ونشأ في أسرة إسلامية ملتزمة وعاش في أزقة المخيم الذي شهد نضال شبابه ضد الاحتلال، ودرس في مدارس وكالة الغوث وتخرج في معهد المعلمين برام الله، عُرف بشغفه بالمطالعة وعمل مدرّسًا للغة العربية.
في الستينيات والسبعينيات تصدى للفكر العلماني والشيوعي في فلسطين، فكان سيفاً في وجه هذا المد، وأحيا الجيل الإسلامي ليعيد للهوية الإسلامية حضورها.
في عام 1976م أسس القوقا مع الشيخ أحمد ياسين «الجمعية الإسلامية»، فكانت محضناً للشباب الفلسطيني المسلم، ومهداً خرَّجت العلماء والشهداء والقادة، وكان له دور كبير في تخريج جيل تأثر بفكره منهم إسماعيل هنية، وسعيد صيام.
مجاهد صلب
شهدت له مساجد غزة وميادينها صلابة موقفه وتحديه للاحتلال، واعتقل عدة مرات، آخرها في 28/ 12/ 1987م، قبل أن يُبعد إلى لبنان ثم إلى مصر والإمارات، كان سفيرًا لحركة «حماس»، يدعو لنصرة القضية الفلسطينية.
وقد قالت حركة «حماس» حينما استشهد: إن الشيخ كان أحد القادة المجاهدين من الرعيل الأول من الإخوان المسلمين الذين تربوا على يد الشهيد المجاهد الشيخ أحمد ياسين.
وأضافت أن القوقا كان ضليعاً في عمل الخير ومساعدة أبناء الشعب الفلسطيني، فقد أسس وإخوانه الجمعية الإسلامية في قطاع غزة، كما شهدت له مساجد ومنابر فلسطين صلابة موقفه وتحديه لقوات الاحتلال التي لاحقته واعتقلته، ومن ثم أبعدته إلى خارج فلسطين، خلال الانتفاضة الأولى عام 1988م.
من أبرز مقولاته: «فعلى أي شبر يُحرر سنقيم دولتنا الإسلامية المجاهدة، لا يملك أحد إجبارنا على الاعتراف بالكيان المزعوم على بقية أراضينا المقدسة، ولا يملك أحد أن يجبرنا على الاعتراف بحدوده، ولا نطالب أحداً بالاعتراف بحدودنا المفتوحة إلى أن يتم تطهير كل الأراضي المغتصبة.. أما أولئك الذين يخططون لإقامة دولة من خلال مفاوضات سلام، فإنهم يحلمون ويذرون الرماد في عيون شعبهم بأن هذه الدولة ستحل مشكلات الشعب الفلسطيني.. هذه الدولة أو الدويلة ستكون مكبلة الأيدي والأرجل ومغمضة العينين ومشلولة الفكر عبر القيود والضمانات التي ستتعهد بها أمام المؤتمر الدولي.. الشعب الفلسطيني الذي يموت اليوم والذي انتفض بهذه الثورة الجهادية المباركة لم يقدم على ذلك من أجل أن يكبر مكتب المنظمة إلى سفارة، أو من أجل أن نقيم دولة وهي مشلولة الإرادة والسيادة».
توفي الشيخ القوقا بالإمارات في 26 أكتوبر 2005م، تاركاً بصمة لا تُمحى في مسيرة الدعوة، وإرثاً من الصمود يلهم الأجيال من بعده.
____________________
1- وكالة الرأي الفلسطينية.
2- شبكة فلسطين للحوار.
3- وكالة معا الفلسطينية.