المهندس المسيحي هاني سوريال يعدُّ النموذج البارز الذي يدل على روح الانتماء لوطنه وحضارته وثقافته والتعايش المشترك
{لّيًسٍوا سّوّاءْ}(آل عمران:113).. هكذا وصف الله تعالى أهل الكتاب الذين يعترفون بالحقيقة ولا يخشون اللوم والتخوين والتكفير، والمهندس المسيحي هاني سوريال يعدُّ النموذج البارز الذي يدل على روح الانتماء لوطنه وحضارته وثقافته والتعايش المشترك، فرغم مواقف الكنيسة الأرثوذكسية المؤيدة للانقلاب العسكري، ومشاركة «تواضروس الثاني» في الانقلاب مادياً ومعنوياً، فإن سوريال يرفض بشدة هذا الدور الذي يصفه بـ«الشيطاني»، ويعلن تمسكه بالشرعية، ويكشف الكثير من الحقائق في هذا الحوار:
* يستغرب الكثير من المسلمين في مصر من إنصافك وقولك الحق رغم أنك مسيحي تنتمي للطائفة الأرثوذكسية.. بماذا تفسر هذا الاستغراب؟
– أولاً؛ حتى نكون منصفين وواضحين للجميع، أود أن أنوّه أن المسيحية شيء والأرثوذكسية شيء آخر مناقض لها تماماً.
المسيحي هو من يتبع كلمة المسيح عيسى ابن مريم، ويعرف الحق، ويعرف أن الحق يحرره، والأرثوذكسي يتبع تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية وكلمة المسيح عيسى ابن مريم «المحرفة» وتم تحريفها لخدمة الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، والمسيحيون مشوشون ومغيبون وتستغلهم الكنيسة وتسوقهم إلى حيث تريد، والانتخابات أو التصويت على أي شيء هو خير دليل على صحة كلامي.
* كانت لك صولات وجولات في عهد الراحل «شنودة الثالث»، بطريرك الأرثوذكس.. ما أهم المسائل التي توقفت عندها؟ ولماذا كانت المعارضة الشديدة لـ«شنودة»؟
– «شنودة»، أو «تواضروس» غير موجودَيْن في الكتاب المقدس، والمعارضة لـ«شنودة» توقفت لمماته، ولن تتوقف لمن بعده؛ لأنهما «داعسَيْن ومحرِّفَيْن» لآيات الكتاب عن عمد، وأنا أشهد أني بلغت، وهما على عنادهما باقيان، ولكن ليس للأبد فقد اقترب ظهور الحق.
* كمراقب ومهتم بالشأن الطائفي، برأيك مَنْ المسؤول عن حالة الاحتقان التي وصل إليها المجتمع المصري؟
– هذه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي سبب كل المشكلات الطائفية، والجميع يعلم ماذا حدث لـ«وفاء قسطنطين»، و«كاميليا شحاتة»، وأخريات، ولن ترى مصر حرية حقيقية ولا ديمقراطية إلا بزوال «كنيسة الشيطان» هذه! وخروج الأقباط وانضمامهم للمجتمع المصري دون رقيب ولا جلاد ليقولوا كلمة الحق في الصناديق وليست كلمة الكنيسة.
* كيف رأيت عملية انتخاب «تواضروس الثاني» كخليفة لـ«شنودة الثالث»؟
– لا يوجد بطريرك في المسيحية، وكل ما رأيتموه في تلك المسرحية الانتخابية الهابطة لا وجود له إلا في الطقوس الأرثوذكسية، وكانت مزورة وبكرات «شفافة».. لماذا شفافة؟! ولماذا تطبق الورقات بطرق مختلفة؟! ولماذا يوضع عليها لاصق؟! ولماذا لم تُترك يد الصبي إلا وهي أعلى الكرة المطلوبة؟! مسرحية بإخراج كهنوتي (بولا – تواضروس- باخوميوس).
* كمسيحي مصري، هل تتخوف من جماعة الإخوان المسلمين أو تخشى على حريتك وعقيدتك في ظل الحكم الإسلامي؟
– لا أخفي عليك شيئاً إذا قلت لك: إنني كنت مع «د. مرسي»، وإن كان قد حدث اقتطاعٌ لحقوق الإنسان أو ضد الديمقراطية، كنت سأكون ساعتها في صف المعارضين سواء داخل حزب «الحرية والعدالة» أو مع الليبراليين.
ولكني صدمت من هؤلاء المدعوين بالليبراليين، واكتشفت كمية رهيبة من الفاشية داخلهم؛ أقرباء وأصدقاء وزملاء عمل ودراسة! وظهر لي وبكل وضوح مدى الظلم الذي وقع على الإخوان المسلمين ومن حينها وأنا معهم.
* لك اعتراضات شهيرة على «الرهبنة» في المسيحية.. هلا وضحت للقراء وجهة نظرك؟
– «الرهبنة» تكرِّس للدعارة واللواط ودون عقاب من رؤساء الأديرة، فإن رأوا راهباً يغتصب فتاة فإن رئيس الدير يتركه يفعل ما يشاء قائلاً في داخله: «إذا كان الله الذي خلقه يطيل أناته عليه وهو يراه، لأنه إذا أراد يستطيع أن يهلكه، فمن أنا حتى أوبخه؟!» (كتاب فردوس الآباء «بستان الرهبان الموسع» – إعداد رهبان برية شيهيت – ج1 – طبعة 3/2008 – رقم الإيداع 4364 /2005 – ص267).
لهم قوانين غريبة على الجنس البشري، وكتبهم مليئة بالشذوذ والشذوذ الفكري، ويدعون أنهم صلوا على الراهب عند دخوله الدير صلاة الميت (الجنازة)؛ لأنه لن يرى العالم بعد تلك الصلاة، ولكن من المؤكد أنهم تناسوا أن يغلقوا باب الدير الخلفي!
وقال «بولس»: «لأن التزوج أصلح من التحرق»؛ أي أن غير المتزوج يكون «محرقاً»، ويوجد «دير المحرق» في مصر، وكلنا يعرفه، وقد أحرجت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتساءلت عن هذا الاسم، فكان كذبهم: «إن دير المحرق كان بجانبه أعشاب ونباتات واحترقت وأحرقت جزءاً من الدير فسمى بالمحرق!»، ولكنهم نسوا أن هناك في البحرين توجد جزيرة اسمها «المحرق»، وبها بني دير «المحرق» أيضاً!
كلمة «المحرق» تطلق على كل من لم يتزوج، وحاولوا تغييرها خجلاً من الحقيقة إلى «البتول»، ولكن التاريخ لهم بالمرصاد ولن يقتلوا الحقيقة مهما حاولوا.
* كيف تقيِّم عمل رجل الأعمال «نجيب ساويرس» واستغلاله لورقة «الأقباط» وعمله بالسياسة؟
– رجل المال هو حبيب للكنيسة، كما أن الكنيسة هي حبيبة رجل المال؛ لأن مصالحهما مشتركة، والأقباط بالنسبة لـ«ساويرس» والكنيسة هم مطية تُركب عند الحاجة.
* كان لاشتراك «تواضروس الثاني»، بابا الأرثوذكس، في بيان الانقلاب العسكري وقع الصدمة على المسلمين في مصر، وعمّق الأزمة الطائفية مع المسلمين الذين يرون أن بابا الكنيسة شارك في عزل الرئيس المسلم.. برأيك ما دافع «تواضروس» في الاشتراك في هذه الجريمة؟ ولماذا تخلى عن دوره الروحي؟
– «تواضروس» هو أحد المخططين للجريمة، وهو جاهز دائماً بأصوات الأقباط ليضعها في الصناديق الحليفة له ولسلطانه وجبروته ودكتاتوريته، أما عن دوره الروحي.. أي دور روحي؟! أتقصد روح الشيطان؟! هو لم ولن يتخلى عن دوره هذا أبداً.
* قساوسة الفتنة يواصلون سكب البنزين على النيران، ومع ذلك لا تتخذ الكنيسة ضدهم أي إجراءات رادعة، هل ثمة اتفاق بين هؤلاء والكنيسة؟
– هم كهنة وليسوا قساوسة أبداً، في معظم الأحيان يوجد اتفاق مع الكنيسة والباقي «فلتان» إداري.
* أنت تعيش في أستراليا منذ سنوات، ما تقييمك للحرية الدينية وما يقابلها في مصر خاصة اعتراض الكنيسة على إسلام زوجات الكهنة أو الفتيات المسيحيات والزعم أنهن مخطوفات؟
– أستراليا تحتوي الجميع، كل نسل آدم دون تفرقة، وبها الزواج المدني وهو زواج معترف به وهو الأصل في الزواج، وبالطبع فإن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضد هذا الزواج؛ لأنه سيقلص من سيطرتها على الغُنم، وثانياً: سيقلص من «السبوبة»، ولكن «ما جمعه الله لا يفرقه إنسان».. يقول الرب، وأسأل هنا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: هل تم زواج العذراء مريم – وفق قولهم – بيوسف النجار برباط شيطاني أم برباط الله؟! مع ملاحظة عدم وجود كاهن في كل زيجات العهد القديم! ولم يستوفِ المسيح ما يغير من شكل هذه الزيجات، ولكن هؤلاء الأنجاس يحشرون أنفسهم في كل شيء حتى يتحكموا ويقبضوا.
* برأيك، هل كون البطريرك غير متزوج يؤثر على حالته النفسية مما يدفعه لاتخاذ قرارات غير محسوبة؟ وهل هناك نص يمنعه من الزواج؟
– لا يوجد «بطريرك» في المسيحية، بل (Overseer)؛ أي «مشرف»، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية اخترعت لها اسم «أسقف»، وهناك نص صريح «يجبره» أن يكون متزوجاً؛ «صادقة هي الكلمة أن أبتغي أحد الأسقفية فيشتهي عملاً صالحاً، فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امراة واحدة، صاحياً عاقلاً محتشماً مضيفاً للغرباء، صالحاً للتعليم، غير مدمن للخمر، ولا ضراباً ولا طامعاً بالربح القبيح، بل حليماً غير مخاصم، ولا محباً للمال، يدبر بيته حسناً، له أولاد في الخضوع بكل وقار، وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله؟ غير حديث الإيمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة إبليس».
وقد حرفت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه الآيات عند تفسيرها «كاهن أنطونيوس فكري وقمص تادرس يعقوب ملطي».
وبالعودة لسؤالك عن نفسية البطريرك (الراهب)، يتضح جلياً في الكتاب المقدس عندما قال: «إن التزوج أصلح من التحرق»، ولكني سأستشهد بما تقوله الكتب الأرثوذكسية في توضيح تأثير الحالة النفسية على قرارات المحرقين غير المتزوجين.. «أنبا أرسانيوس» (354 – 429م) يضع الخوص المعطن النتن في قلايته ليشتم رائحته العفنة ويهمل جسده حتى يمرض؛ «كان أرسانيوس بعد دخوله الرهبانية لم يكن أحد يلبس أحقر منه.. كذلك فإن أرسانيوس أمعن في إهمال إرضاء ذوقه ومزاجه، للدرجة التي كان يترك فيها الخوص الذي يبل به الضفيرة راكداً في الوعاء داخل قلايته حتى ينتن – والخوص المنتن تتصاعد منه رائحة عفنه شديدة العفونة – وكان يعتبر ذلك تعويضاً لما تنعم به من روائح زكية في العالم الفاني، ويظهر أنه في تنسكه الشديد أهمل نفسه حتى مرض» (الرهبنة القبطية – الأب متى المسكين – طبعة 3 / 1995م، ص 308).
الأب «هيلاريون الغزاوي»، تلميذ «أنبا أنطونيوس» كان يدعو جسده «الحمار»، ويتوعده بالجوع والعطش والإرهاق؛ «كان يغضب مع نفسه ويقرع صدره ليطرد عنه الأفكار «الشهوانية» قائلاً: «يا حمار»! أنا سأبطل رفسك، ولن أطعمك شعيراً بل تبناً، سأضعفك بالجوع والعطش، سأرهقك بأحمال ثقيلة في الحر والبرد حتى تشغل فكرك بالطعام أكثر من الشهوة» (فردوس الآباء، ج1، طبعة 3/1984م، ص 209).
هل يجوز أن نسلم أولادنا وبناتنا لهؤلاء المرضى النفسيين المحرقين ليعتنوا بهم روحياً؟!
* أخيراً.. كيف ترى مستقبل الانقلاب العسكري في مصر؟
– لا أستطيع أن أرى أي مستقبل للانقلاب العسكري بعد أن استطاعت بعض الفتيات والقاصرات أن يطرحوه أرضاً وبالضربة القاضية!>