إن آثار بناء جدار أسمنتي ضخم تتردد بين زيادة الانبعاثات إلى سد طرق هجرة الحياة البرية.
وقد وصف المهندسون المعماريون الجدار الحدودي بأنه “مشروع فرعون” وأولوية بنية تحتية في غير محلها، ويقول خبراء البيئة: إن هذا الجدار سيقطع تدفق المياه والحياة البرية في مناخ متغير، في حين لا يعدو أن يكون مجرد لون من ألوان التباهي السياسي الذي لن يمنع الناس من دخول أمريكا.
ويقول نشطاء المناخ: إن الجدار الحدودي للرئيس ترمب مع المكسيك والجهود الأخرى لإبعاد الناس عن أمريكا تمثل جهداً متخلفًا لوقف موجة الهجرة التي يمكن معالجتها بشكل أفضل من منبعها؛ أي: في الأماكن التي تحدث فيها تأثيرات المناخ بالفعل.
وعلى الرغم من ذلك، فإن ترمب كان قد تلقى ردًا واحدًا، حيث أعلن عن قرار تنفيذي يفي بوعد قطعه على نفسه في حملته ببناء جدار حدودي قائلًا: “ابتداء من اليوم، تعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة على حدودها، وتعيد حدودها”.
ويقول الناشطون في مجال البيئة: إن هناك بالفعل الكثير من الأدلة على أن الجدار الحدودي، الذي يتجاوز السياج الحالي الذي يمتد على طول أجزاء كبيرة من الحدود، سيشكل خطأ باهظ التكلفة بل وربما يخلف أضرارًا جسيمه وراءه.
كما أفاد دان ميليس، مدير برنامج في مشروع الحدود في نادي سييرا قائلًا: “من ناحية التكيف مع المناخ، فإن بناء جدار حدودي ليس إلا عمل تخريبي في حد ذاته، والسبب في ذلك هو أننا نشهد بالفعل هجرات للحياة البرية معطلة بسبب الجدران والأسوار الحالية التي تم بناؤها بالفعل، ولدينا مئات من هذه الجدران التي بنيت دون أن يكون هناك أي محاولة للحماية البيئية.
في حين يقول ميلز: إن التأثيرات المناخية لجدار خرساني ضخم يمتد من سان دييجو إلى براونزفيل بولاية تكساس على طول حدود الولايات المتحدة والمكسيك تبدأ بمصدر المواد: فإنتاج الأسمنت المادة التي تجعل الخرسانة متماسكة يعتبر المصدر الرئيس لانبعاث الغازات الدفيئة.
كما أوضح كيران سوكلينغ، المدير التنفيذي لمركز التنوع البيولوجي، في بيان له أن مليارات الدولارات قد أنفقت بالفعل على السياج الحدودي الحالي، مع وجود رقابة بيئية ضعيفة عليه، ولقد أدى ذلك إلى التآكل والفيضانات على المجتمعات المحلية الحدودية، فضلاً عن سد الطريق أمام الحركة الطبيعية للحياة البرية عبر الحدود، وتقول المجموعات البيئية: إن ممرات الهجرة تعتبر من الأهمية بمكان لاستعادة الحياة البرية والبقاء عليها على طول الحدود، فلقد رصدوا الذئاب والأُسلوت وحتى الجاكوار على طول الجدران الحدودية.
وأردف سوكلينج قائلًا: “مثل العديد من أفكار ترمب، فهذا لا علاقة له بالواقع، وأنه لا يوجد سبب للتضحية بصحة المجتمعات الحدودية والحياة البرية من أجل مثل هذا التباهي السياسي.
بالفعل من الواضح أنه بجعل الجدار إحدى أولوياته في الأسبوع الأول من رئاسته، فهناك دلائل على أن إدارة ترمب ستتخذ إجراءات عدوانية لبدء البناء، وكان الكونجرس قد عمل سابقًا على التعجيل بالبناء على طول الحدود من خلال تمرير قانون عام 1996م الذي سمح للحكومة الاتحادية ببناء سياج في سان دييجو (طبقا لموقع E&E News PM في الـ 25 يناير).
كما وقع ترمب قرارًا تنفيذيًا على مجلس الجودة البيئية لتحديد مشروعات البنية التحتية “ذات الأولوية العالية” وإيجاد سبل التعجيل بها (طبقًا موقع Climatewire الذي يهتم بتغيرات المناخ في الـخامس والعشرين من يناير).
وقد ناضل المهندسون المعماريون وغيرهم من المهندسين ضد سياسية بناء الجدار طوال الحملة. وفي الأيام التي تلت انتخاب ترمب، انبرى المهندسون المعماريون لمعارضة بيان صدر عن روبرت آيفي، نائب الرئيس التنفيذي للمعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين، الذي أصدر بياناً قال فيه: إن أعضاء المنظمة ملتزمون بالعمل مع الرئيس المنتخب على صياغة خطة إنفاق لتعزيز البنية التحتية العتيقة في البلاد (طبقًا موقع Climatewire، 21 نوفمبر 2016م).
وقد تبرأ بعض أعضاء المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين بيان آيفي، وخصوا بالذكر مخاوفهم بشأن موقف ترمب بشأن تغير المناخ، فرجع آيفي عن بيانه الأصلي، وقدم اعتذار في فيديو، أطلق عليه اسم “لهجة الصم” للتعبير عن الذي فشل في التعبير عن القيم أغلبية أعضاء المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين. ولم تصدر المنظمة أي تعليق في هذا الوقت، لكن المتحدث باسمها قال إن معظم المهندسين المعماريين يرون أن الجدار أكثر من إنجاز هندسي عنه من مسألة التصميم.
وقال رافائيل سبيري، رئيس المهندسين المعماريين والمصممين والمخططين في سان فرانسيسكو للمسؤولية الاجتماعية: إن عليهم الآن أن يقرروا ما إذا كان عليهم اتخاذ موقف.
وقال سبيري: إن المهندسين المعماريين وغيرهم من المهندسين مطالبون بحماية الصحة العامة والسلامة والرفاهية كأولوية أخلاقية في عملهم.
وقال سبيري: ليس هناك استثناء من ذلك إن تأجيج فكرة تغير المناخ لا يساعد على الصحة العامة وسلامة ورفاهية فضلًا عن أنه يعرض الصحة العامة والسلامة والرفاهية للخطر.
ضعف الجدران
بعد إعلان ترمب، قال العديد من النشطاء في مجال المناخ: إن الرئيس الجديد قد عاد إلى الوراء: يبدأ تدفق اللاجئين والمهاجرين من خلال التصدي لتغير المناخ.
كما صرح الجنرال كاربينسكي، رئيس عُصبة حفظ الناخبين وفقا لما ذكره في بيان له: إذا كان الرئيس ترمب مهتمًا بقضايا الأمن القومي الحقيقي في بلادنا، فإنه سيتعامل مع تغير المناخ مع حماية اللاجئين والمهاجرين من أسوأ آثار الاحترار الحراري للأرض والاضطرابات المستمرة في أوطانهم”.
وقال برايان لي الابن، مدير التصميم المدني ومدير مجلس الفنون في نيو أورليانز، الذي كتب عن قضايا الإنصاف في البيئة المعمارية، أن سكان نيو أورلينز لديهم فهم دقيق لما يعنيه بناء هذا الجدار.
كما أردف لي قائلًا: “إن الطاقة المجسدة في آلاف وآلاف الأميال من الجدار غير عقلانية وغير مجدية من زوايا عديدة “. كما أن “الطاقة المجسدة للخلق هي شيء واحد، وهذا له آثار ضارة ليس فقط من المنظور المناخي، ولكن أيضا من المنظور الاجتماعي”.
وأضاف أن الجدار الحدودي “لن يوقف تدفق الأشخاص بل إن هذا يعني فقط أنهم سيجدون طرقًا أخرى مختلفة”.
ففي نيو أورليانز، يُعتقد أن الجدران هي للحماية ربما تكون قد حققت بعض الخير، ولكنها لم تحد من أي شيء، على حد قوله، وخاصة زحف المياه البطيء مع تراجع الأراضي وارتفاع البحار.
وقال: يقولون: إنه يرمي إلى كبح جماح المهاجرين واللاجئين، ولكن إذا كنت تتفادى الحديث عن السبب الجذري، فلن تُحل هذه المشكلة أبداً.
المصدر: Climatewire