دعا الشيخ د. عبداللطيف الشيخ رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح البحرينية إلى مواصلة الضغط الرسمي والشعبي لوقف الانتهاكات الصهيونية الصارخة للمسجد الأقصى، والتي يسعون من خلالها إلى تهويده بعد هدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
جاء ذلك خلال كلمته أمام الحشد الجماهيري لوقفة “من أجل الأقصى” التي نظمتها جمعية مناصرة فلسطين، أمس الإثنين، بقاعة الشيخ عبدالرحمن الجودر بمقر جمعية الإصلاح بالمحرق.
وقال الشيخ في كلمته: إن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين وهو أرض المحشر والمنشر، فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو مسجد رسول الله؟ فقال: “صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط أو قال: قوس الرجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعًا” (رواه الطبراني والبيهقي)، إن فضائل المسجد الأقصى ومنزلته كما وردت في القرآن والسُّنة تدعونا إلى أن نهب إلى نجدته ونصرته بكل الوسائل المتاحة.
وأردف قائلًا: نرسل هذه الرسالة – عذرًا إلى الله – لأبناء الشعب الفلسطيني المرابط أمام أسوار المسجد الأقصى، لنقول لهم: إننا معكم قلبًا وقالبًا، فأنتم من تحملتم مشاق الجهاد والدفاع عن الأقصى الشريف، وما زلتم حتى اليوم تدافعون عن هيبته وكرامته، وتقفون صفًا واحدًا أمام سلسلة الإجراءات القمعية التي تستهدف صلاتكم في المسجد الأقصى بأمن وأمان.
وأضاف الشيخ: إن هذا الصمود للشعب المقدسي وهو يواجه بنادق الاحتلال الصهيوني وإرهابه ودمويته ومجازره التي ملأت التاريخ البشري على مر العصور، ليزرع في نفوسنا أعظم صور الفخر والاعتزاز بشعب يواجه شراسة العدو بقلب محب لوطنه وأرضه ومقدساته وعلى رأسها المسجد الأقصى.. فقد ضرب لنا هذا الشعب بوقفته الجريئة وصموده ومرابطته أمام أسوار المسجد الأقصى دروسًا رائعة لأمة الإسلام التي كاد ينعدم دعمها للقضية ومؤازرة الشعب الفلسطيني الشقيق.. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ {38} أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ {39} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40}) (الحج).
وبين الشيخ دور جمعية الإصلاح في خدمة القضية الفلسطينية طيلة مسيرتها الدعوية التي استمرت لأكثر من 75 عامًا في خدمة الدين والوطن؛ حيث سعت للوقوف جنبًا إلى جنب مع صمود الشعب الفلسطيني في دفاعه عن أرضه وقضيته الأولى، وذلك إيمانًا منها بأهمية هذه القضية وعدالتها، من خلال تشكيل اللجان المختلفة الخاصة بجمع التبرعات لمساعدة الشعب الفلسطيني، التي شارك فيها كبار التجار والأعيان، إضافة إلى التعاون مع خطباء المساجد للحديث عن هذه القضية ونصرتها، والتعاون مع دائرة المعارف آنذاك لنشر القضية وبث الروح في نفوس طلبة المدارس، فضلًا عن إرسال برقيات التأييد والدعم لهذه القضية، وفي الستينيات تم تشكيل لجنة مناصرة فلسطين التي اهتمت بإقامة الفعاليات الخاصة لنصرة القضية الفلسطينية من تبرعات ومحاضرات وغيرها.. واستمر هذا الاهتمام حتى يومنا هذا من خلال مشاركة الجمعية مع مثيلاتها من عموم الجمعيات والجمعيات المختصة في الشأن الفلسطيني.
وقال الشيخ: لقد كان قدر القدس وأقصاها أن تصحح بوصلة الأمة كلما انحرفت عن الجادة، فهي قبلة المسلمين الأولى وستظل كذلك بالمعني الحقيقي والمعنى الرمزي، فكلما تغرّق المسلمون وانحازوا إلى أعدائهم وتناحروا فيما بينهم، استشرف الأقصى فوق لُجج الواقع بقضيته الأزلية ليعيد للأمة بوصلتها وقبلتها الأولى، ليوحد أمة التوحيد وليزيل الغبش عن رؤيتها، وليفضح وليكشف للأمة ادعاءات المُدّعين وزيف وضلالات أناس من أبناء جلدتها، قادوها ردحًا من الزمن إلى التبعية والانهزام أمام أعدائها، وحرفوها عن مهمتها كما أرادها الله لها. “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”.
وأكدت الجمعية مواصلة الضغط الرسمي والشعبي على الرأي العام العالمي، وكذلك على الكيان الصهيوني وعلى جميع الصعد، من أجل وقف الانتهاكات الصهيونية الصارخة للمسجد الأقصى، والتي يسعون من خلالها لتهويده بعد هدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه، وتوحيد الرؤى بشأن الدعم المادي والمعنوي لنصرة القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى، والعمل على تكثيف هذا الدعم من خلال توافق الجميع على إيجاد مصادر الدعم الموحدة بما يتناسب والأوضاع الحالية المتأزمة.
كما أكدت تربية الأجيال على حب فلسطين ومكانة المسجد الأقصى في نفوس المسلمين، في ظل الحملة الإعلامية المعادية للقضية والتصغير من شأنها في نفوس الشباب والناشئة من خلال إلهائهم بشتى القضايا والثغرات التي يتم اختراقها في جسد الأمة الإسلامية.
ودعت إلى إحياء روح المسؤولية، واستنهاض الهمم واستشعار حجم المؤامرة التي يراد بها إنهاء وجود القضية الفلسطينية على كافة المستويات، من حصار لقطاع غزة، وغلق المسجد الأقصى، وفرض التطبيع بين الصهاينة والعرب، فضلاً عن استثمار المجال الإعلامي خير استثمار في الدفاع عن هذه القضية المنسية، وحث الشباب والمختصين على إبراز هذه القضية والدفاع عنها بكافة اللغات.
واختتم عبداللطيف الشيخ كلمته بالتأكيد على أن قضية فلسطين ستظل في قلوبنا جميعًا، حيث تحمل في طياتها ذكرى أمجاد المسلمين، فهي محطة انطلق منها رسولنا صلى الله عليه وسلم للسموات ليخط هناك ميلاد أمة الإسلام.. فحري بنا أن ندافع عن هذه القضية بكل ما أوتينا من قوة، وأن نستبشر خيرًا بمجد الإسلام وانتصاره، ولعل ما قام به الكيان الصهيوني، من غطرسة يُمثل دافعًا للأمة الإسلامية في إحياء كيانها المفقود، وإحياء روح الجهاد والدفاع عن هذه الأرض المسلوبة.. فالنصر للإسلام بإذن الله.. كما قال صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر، يا مسلم يا عبدالله هذا يهود خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد” (رواه مسلم).