أدت نتائج الاستجواب البرلماني الذي قدمه النائبان عبدالكريم الكندري، ورياض العدساني، لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة، الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح، إلى حالة من الذهول السياسي لسببين؛ أن حالة الحكومة وتشكيلها الحالي كانت غير متماسكة وتدعو إلى الشفقة، والسبب الآخر هو التسارع في تأييد طرح الثقة حتى من نواب يعتبرون سنداً للحكومة الكويتية.
لقد وصلت الإدارة الحكومية في إدارة البلد إلى مستوى من الإفراط في الترهل والتسويف وتفشي الفساد الإداري والمالي وعدم حل الأزمات من الجذور، وها هي الإدارة الحكومية تعيش أسوأ مراحلها، إذ فقدت العمل الجماعي والرؤية المشتركة والقدرة على إدارة الأزمات وحل المشكلات المعقدة، بالرغم من أن الوقت كان لصالح الحكومة، حيث أدت التفاهمات التي تمت بين نواب المعارضة والحكومة إلى فترة هدوء تمكِّن الحكومة من القيام بدورها المفترض أن تقوم به، ولكن نظراً لتعقيدات إدارة القرار السياسي الحكومي أصبحت الحكومة عاجزة عن تلبية الخطاب الصريح لأمير البلاد في مواجهة التحديات والأخطار التي تحيط بالكويت، وخصوصاً بعد الأزمة الخليجية التي باتت تهدد تماسك الدول الخليجية وبالطبع تهدد الكويت بشكل مباشر.
إن نتائج الشهور الماضية من عمل الحكومة ليؤكد أهمية رحيل هذه الحكومة وإعادة صياغة حكومة جديدة قائمة على تفاهمات مع نواب الأمة في مرحلة تاريخية.
إن تكوين الحكومة القادمة هو تحدٍّ جديد أمام السلطة والمجلس لإدارة الأزمات المتراكمة منذ عام 2012م إلى اليوم، وخصوصاً مع تزايد التحديات الأمنية والخارجية على البلاد.
ولتمكين حكومة قادرة على إدارة البلاد، فإن تشكيلها من أغلبية برلمانية وتطعيمها بوزراء “تكنوقراط” سيكون بداية لحل قائم على التفاهمات الشعبية والحكومية، ولإعطاء رئاسة الحكومة سنداً من السلطة والشعب ممثلاً في المجلس، وتكون تلك التفاهمات قائمة على التوافقات اللازمة لحل المشكلات المعلقة فيما يتعلق بقضايا التجنيس والقيود الأمنية والقضايا المرفوعة على شباب ورجالات الحراك السياسي، وتأسيس توافق حول أهم الملفات والأزمات، منها الملف الأمني والاقتصادي والرياضي.
ولنجاح مثل هذا الاختيار السياسي، فإنه يتوجب على الأطراف جميعاً الاتفاق على ما يلي:
– كيفية اختيار النواب الممثلين للشعب في الحكومة والوزراء “التكنوقراط” بشكل قائم على الكفاءة والقدرة.
– منهج إدارة الحكومة الجديدة في حل الأزمات وإدارة الملفات.
– القضايا الرئيسة التي يجب أن تكون من أولويات برنامج الحكومة الجديدة.
– الملفات المأزومة والاتفاق على إنهائها في مدة زمنية يتفق عليها.
إن نجاح نواب البلد والحكومة في إيجاد حكومة برلمانية و”تكنوقراط” سيكون أولى مراحل حل الأزمات العالقة في البلاد، بالإضافة إلى منهج جديد حكومي لإدارة البلاد بما يحقق اتجاهاً وطنياً لتنفيذ توجهات الخطاب السامي الذي صدره سمو أمير البلاد يوم الثلاثاء 24/ 10/ 2017م، في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الخامس عشر للمجلس.