18 تهمة، يوجهها الاحتلال الصهيوني للناشط الفلسطيني عيسى عمرو (37 عاماً)، وتهم مشابهة يوجهها للمحامي والناشط فريد الأطرش (41 عاماً)، ليصبحا بنشاطهما بالمقاومة السلمية، مصدر إزعاج للجيش الصهيوني، الذي يسعى “للتخلص” منهما حتى لو بالقتل، حسب قولهما.
واعتقل الجيش الصهيوني الناشطان عمرو والأطرش، العام الماضي، لعدة أيام، بتهمة المشاركة بمسيرة كانت تطالب بفتح شارع الشهداء في مدينة الخليل جنوبي الضفة، وأفرج عنهما بكفالة مالية، وما زالا حتى اليوم، يحاكمان على ذات التهمة.
ومن المقرر أن يعرض الناشطان على محكمة عوفر العسكرية في السادس والعشرين من ديسمبر الجاري، حيث سيتم الاستماع لشهود يهود ضدهما.
حملة دولية
وترافق محاكمة الناشطين، حملة دولية كبيرة، تقودها مؤسسات دولية وحقوقية، على رأسها منظمة العفو الدولية (أمنستي)، والتي وضعت اسميهما ضمن عشر حالات بالعالم يجب حمايتهم من الاستهداف المباشر، كناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان.
كما وقّع 39 عضواً بالكونجرس الأمريكي، على عريضة ضد اعتقال ومحاكمة الناشطين، عمرو والأطر”، وأكدوا على حقهم بالمقاومة السلمية، إضافة لتوقيع 35 عضواً بالبرلمان البريطاني، وآخرين بالاتحاد الأوروبي، على عريضة مشابهة، بحسب عمرو.
مقاومة سلمية
يقول عيسى عمرو لوكالة “الأناضول”: أواجه 18 تهمة، كالتحريض ضد الاحتلال، والمشاركة بمظاهرات غير قانونية، وتنظيم فعاليات ضد الاحتلال، وتعطيل عمل الجيش والإدارة المدنية والشرطة “الإسرائيلية”، والاعتداء على المستوطنين والجنود، وتدمير ممتلكات للمستوطنين وأملاك للجيش “الإسرائيلي”.
ويقول عمرو: إن الجيش “الإسرائيلي” لم يستطع، أن يبقيه داخل السجن، كونه ناشطاً بمقاومة سلمية تكفلها كل القوانين.
ويعمل عمرو منسقاً لتجمع “شباب ضد الاستيطان” (غير حكومي)، في مدينة الخليل، وهو تجمع يسعى لمقاومة الاحتلال “الإسرائيلي” والاستيطان بالمقاومة الشعبية السلمية.
تهديد بالقتل
واعتقل عمرو عشرات المرات على يد الجيش الصهيوني، وكان يتم الإفراج عنه بعد عدة أيام بكفالات مالية.
كما تعرض لاعتداءات متكررة من قبل جنود صهاينة، وتم تهديده بالقتل مرات عديدة.
ويشير إلى أن المستوطنين ينظمون حملات تحريضية ضده على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعون فيها لقتله، أو اعتقاله، هذا عدا عن الاعتداءات التي يتعرض لها من قبلهم.
“لقد حوّلوا حياتي لجحيم”، يقول عمرو، قبل أن يكمل سرد تفاصيل أخرى تحيط بحياته.
ويقول: يتم احتجازي على كل الحواجز العسكرية التي أمر من خلالها، وأمنع من زيارة القدس منذ عشر سنوات، بسبب وجود ملف ضدي لدى الشرطة “الإسرائيلية”.
كما يواجه عمرو “حملة تشويه كبيرة” من قبل الإدارة المدنية “الإسرائيلية”، تحذر فيها إسرائيل الصحفيين، والمناصرين لحقوق الشعب الفلسطيني، من متضامنين أجانب، ومؤسسات دولية وحقوقية من التواصل معه.
أما فريد الأطرش، المحامي الناشط بالمقاومة السلمية، فلم تردعه أو تثنيه إصابته بالرصاص الحي في قدمه عام 2014، والاعتقالات، والاستهداف المتكرر له، عن مواصلة نشاطه ضد الاحتلال.
وقال: نحن مستمرون بدفاعنا عن أرضنا، ونضالنا، حتى إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية.
وتابع في حديثه لوكالة “الأناضول”: عام 2014 كدت أن أفقد قدمي عندما أصبت بالرصاص الحي، خلال رفعي لعلم فلسطين في مسيرة سلمية خرجت تطالب بوقف الحرب على قطاع غزة حينها.
كما أصيب الأطرش قبل أيام بالرصاص المطاطي بالقدم، خلال مسيرة في بيت لحم، منددة بالقرار الأمريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”.
ومضى بالقول: أؤمن أنه طالما هناك احتلال فيجب أن نقاومه.
وأكمل: أنا لاجئ من قرية الوَلجة قضاء القدس، لمخيم الدهيشة للاجئين في بيت لحم، عشت في ظروف قاسية داخل المخيم، لم أعش طفولتي، وأجبرت على العيش في المخيم نتيجة اللجوء، كبرت ودرست المحاماة لأدافع عن حقوق شعبي وأواصل النضال ضد الاحتلال.
محاكم عسكرية
وحول عرضهما أمام محكمة عوفر العسكرية الصهيونية، والمقررة غدا 26 من الشهر الجاري، يقول الأطرش: المحكمة منحازة لرواية الاحتلال، لكن نأمل أن يكون هناك ضغط على الرأي العام الدولي لوقف محاكمتنا، ووقف هذه المهزلة.
ويتابع: أنا كمحامي أشعر بالإهانة عندما أقف أمام قاضٍ عسكري ليحاكمني، ويمكن أن يكون هو نفسه مستوطن يعيش بإحدى المستوطنات المقاومة على أراضينا.
ويشير إلى أن الاحتلال ينتهك القانون الدولي، بعرض المدنيين الفلسطينيين أمام محاكم عسكرية، قضاتها يرتدون الزي العسكري خلال المحاكمة.
ويقول: هذا مخالف للقانون الدولي، حتى لو أرادوا محاكمتنا، يجب أن يحاكمنا قاضٍ مدني، وليس عسكري، وهذا يندرج ضمن الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي.
وتحيط حياة الناشطين تهديدات ومخاوف مستمرة على حياتهما.
ويقول المحامي الأطرش: عائلتي تخشى علي طيلة الوقت، من استهدافي إما بالاعتقال، أو إطلاق الرصاص علي.
أما الناشط عيسى عمرو، فحياته الاجتماعية وتفاصيل أسرته لا يبوح بها كثيراً، خشية من الانتقام منه بأحد أفراد أسرته، حسب قوله.
ويقول: لا أتحدث عن عائلتي لأحميهم من الاحتلال والمستوطنين، وهذا أثّر بشكل كبير على حياتي الاجتماعية.
وبإصراره على مواصلة ما بدأه يقول: أنا مقتنع أنه لا يوجد تغيير دون دفع ثمن، وأنا أدفع ثمن مقاومتي للاحتلال والاستيطان.
وعلى الرغم مما يتعرض له عمرو والأطرش، إلا أنهما يؤمنان بأن “الفجر سيبزغ”، طالما تسلحا بالأمل، كما يقولان.