منذ إعلان الرئيس الأمريكي قراره بشأن القدس في السادس من ديسمبر الحالي، انتقض الفلسطينيون ضد القرار العنصري واشتعلت نقاط الاحتكاك مع جنود الاحتلال بالمواجهات ومن مسافة قريبة، حتى إن المسافات لم تعد قائمة بين الجنود والمنتفضين في مواجهات ميدانية ساخنة.
الشاب أحمد الذي اكتفى بهذا التعريف خوفاً من الملاحقة الأمنية قال لـ”المجتمع”: لم يعد هناك شيء نخاف منه، وعندما يكون هناك تصعيد في جُمع الغضب من أجل القدس أكون أول المشاركين في هذه المسيرات والمواجهات، فالقدس تستحق منا كل التضحية، والسكوت على القرار يعني أننا وافقنا ضمنياً عليه، وهذا ما يراهن عليه الاحتلال.
أسمى غاية
أما الفتى ليث فقال: نفسيتي لم تعد تحتمل أن أصبر على ظلم الاحتلال، وأعتبر المواجهات مع جنود الاحتلال من أجل القدس هي أسمى غاية لي، ونقترب من الجنود حتى نكون وجهاً لوجه، ولا أشعر بالخوف مطلقاً، فعندما أكون في المواجهة أكون مسلحاً بقضية القدس والمسجد الأقصى، وعلى الاحتلال أن يعلم أن جيل الشباب الفلسطيني الحالي لا يخشى سطوة الجنود والرصاص، فنحن كجيل صغير نجد أنفسنا ونحن في المواجهات، ونواجه رصاصهم وقنابلهم بصدور عارية مسلحة بالإيمان أن القدس عربية وإسلامية.
وفي تطور نوعي حدث مساء السبت، أقدم شبان بمهاجمة المعبر الشمالي لمدينة قلقيلية بالزجاجات الحارقة ومن مسافة قريبة جداً، مع أن غرفة المراقبة محاطة بأبراج حراسة، واقترب الشبان حتى مسافة الصفر، وقذفوا غرفة المراقبة بالزجاجات الحارقة، وأظهر شريط الفيديو كيف تم المشهد بجرأة عالية وإقدام منقطع النظير.
المواطن عزام من قلقيلية يقطن قرب المدخل الجنوبي لقلقيلية قال لـ”المجتمع”: يمكن وصف المواجهات بالمعركة الحامية، فجنود الاحتلال بالرغم من وجودهم في أبراج لا يؤثر عليها الرصاص يتعاملون بخوف يظهر بالقنابل التي يتم إطلاقها على شبان صغار، وإحضار قوات كبيرة تدخل من البوابة المقامة على الجدار العنصري، ترافقهم قوات خاصة مع أن أعداد المنتفضين تقدر بالعشرات فقط.
وأضاف: هذه الشجاعة لدى المنتفضين يمكن أن تسجل في التاريخ بمداد من ذهب، فالجندي المحتمي بغرف محصنة خائف ويرتعد، والفتى والشاب والطفل يتقدمون نحو الجنود بقوة عارمة ليس لها سقف.
إعلاميون في الميدان أفادوا لـ”المجتمع” أنهم فوجئوا من شجاعة المنتفضين واقترابهم الشديد من الجنود والقناصة، وهذا الأمر يهدد حياتهم، ومع ذلك لا يلتفتون إلى كل النداءات التي توجه لهم من الكبار، فهم أصحاب عزيمة لا تلين.
كبار السن
اللافت في المواجهات الجارية بعد قرار ترمب في موقف كبار السن من الفلسطينيين الذين يشجعون انتفاض الصغار والشباب ضد جنود الاحتلال.
اللاجئ المسن نبيل ولويل (75 عاماً) تحدث لـ”المجتمع”: نحن كفلسطينيين بعد قرار ترمب علينا ألا نعتمد على أي قوة، فقوة الشعب الفلسطيني بشبابه والهمم العالية، وعندما أشاهد الصغار والشباب وهم ينتفضون أشعر بالفخر أن القدس وفلسطين بخير، فقوة القضية من قوة أهلها وسواعدهم، والاحتلال يراهن على انشغال الجيل الجديد من الفلسطينيين بمظاهر التكنولوجيا، وعدم اهتمامه بقضيته وخصوصاً القدس، إلا أن حساباتهم خابت، وها هو جيل فلسطين ينتفض لأولى القبلتين.
وأضاف: الاحتلال يمنعنا من القدس فأنا تم إرجاعي عن المعابر أثناء توجهي للصلاة يوم الجمعة في المسجد الأقصى بالرغم من تقدم سني فأنا من جيل النكبة، فالاحتلال يمارس الحصار والعنجهية في القدس قبل وبعد قرار ترمب الظالم، وليعلم القاصي والداني أن الفلسطينيين لن يتركوا القدس ومسجدها وحيداً، فتكرار مأساتي “النكبة” و”النكسة” لن ينجح مع جيل قوي متمرس خلف قضية مقدسة، ولو كان الجيل الحالي على زمني “النكبة” و”النكسة” لما كان هناك تشريد ولجوء، فجيل اليوم أكثر شجاعة وإقبالاً على مواجهة الاحتلال من الجيل القديم.