أكد صندوق النقد الدولي أن الكويت تواجه تراجع أسعار النفط «من موقع القوة» وذلك بفضل الاحتياطيات المالية الكبيرة والدين المنخفض وسلامة القطاع المالي.
جاء ذلك في تقرير أصدره صندوق النقد الدولي في ختام «مشاورات المادة الرابعة لعام 2017» التي عقدها المجلس التنفيذي للصندوق مع الكويت.
وأكد الصندوق أن النمو في القطاع غير النفطي بالكويت شهد بعض التحسن على مدار العامين الماضيين، لافتًا إلى تراجع مستوى التضخم الذي يسير على الطريق الصحيح للوصول الى أدنى مستوياته منذ سنوات.
وأشار التقرير إلى تعافي النمو الحقيقي في القطاعات غير الهيدروكربونية بعد فترة من «السكون» في عام 2015 مؤكدًا أن النمو غير الهيدروكربوني يسير على الطريق الصحيح ليصل إلى 2.5 في المئة هذا العام مدفوعا بتحسن الثقة.
واتفق المديرون التنفيذيون لصندوق النقد الدولي في تقييمهم للاقتصاد الكويتي الذي اورده التقرير أن الكويت تواجه تراجع أسعار النفط «من موقع القوة» وذلك بفضل «الحواجز المالية الكبيرة» المتمثلة في قوة الاحتياطيات المالية والدين المنخفض وسلامة أوضاع القطاع المالي.
كما توقع المديرون التنفيذيون في صندوق النقد الدولي استمرار تعافي النمو غير النفطي تدريجيًا على المدى المتوسط في ظل استمرار حالة التوازن العام في المالية العامة والمركز الخارجي على نطاق واسع.
وبينما أشار المديرون التنفيذيون إلى «الانتعاش الأخير» الذي شهدته أسعار النفط فإنهم رأوا «مخاطر رئيسية» تؤثر في التوقعات من بينها زيادة هبوط أسعار النفط على المدى المتوسط وتشديد الأوضاع المالية العالمية وتصاعد المخاطر الأمنية الإقليمية والجيوسياسية إضافة إلى تأخير تنفيذ المشروعات والإصلاحات.
وتوقع الصندوق أن يؤدي انخفاض في الناتج الهيدروكربوني في الكويت بنحو 6 في المئة – على خلفية تنفيذ الاتفاق المبرم بين منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ومنتجين من خارج المنظمة – لانخفاض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الكويتي لعام 2017 بنحو 2.5 في المئة.
ورأى صندوق النقد الدولي أنه برغم تأثير ارتفاع أسعار الطاقة والمياه فإن التضخم يسير على الطريق الصحيح للوصول إلى أدنى مستوى له منذ سنوات عدة بنسبة 1.75 في المئة في عام 2017 وعزا ذلك إلى «انخفاض الإيجارات السكنية والتطورات المواتية في أسعار المواد الغذائية».
وفي الوقت الذي أشار فيه الصندوق إلى ان الانخفاض الحاد في أسعار النفط قد أثر في توازنات المالية والحساب الجاري إلا أنه أعرب عن «إشادة المديرين بالصندوق بالجهود التي بذلتها الحكومة الكويتية مؤخرًا لترشيد الانفاق الجاري وتنويع الإيرادات وتحسين مناخ الأعمال»، مؤكدًا أن البيئة الجديدة تتطلب «إصلاحات عميقة ومستدامة».
ولفت صندوق النقد الدولي إلى أن الوضع المالي للحكومة الكويتية قد تحسن على خلفية ضبط الإنفاق «إلا أن الاحتياجات التمويلية ظلت كبيرة».
وقال الصندوق إنه على الرغم من أن حسابات المالية العامة الكلية بقيت «متوازنة» على نطاق واسع في 2017/2016 فإن الميزان المالي الذي يستثني التحويلات الإلزامية إلى (صندوق الأجيال القادمة) وعائدات الاستثمار سجل «عجزًا كبيرًا» بمقدار 17.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة الثانية على التوالي.
وأشار إلى أنه جرت تغطية احتياجات التمويل المقابلة من خلال السحب من أصول (صندوق الاحتياطي العام) المتاحة والاقتراض المحلي بآجال مختلفة والبيع الناجح للسندات السيادية الدولية، مضيفا أن الحساب الجاري الخارجي سجل عام 2016 عجزًا هو الأول منذ سنوات.
وفي ما يتعلق بالقطاع المصرفي في الكويت أكد التقرير أن القطاع المصرفي «احتفظ بقوته» رغم بعض التباطؤ في نمو الودائع والائتمان.
وفي هذا الإطار رحب المديرون بصندوق النقد الدولي «بالموقف السليم الذي يتسم به النظام المصرفي والسلطة التنظيمية والرقابة الحكيمة للسلطات» في الكويت.
كما أشاد المديرون بالصندوق «بالمبادرات الجارية لتحديد ومعالجة الضغوط الناشئة»، وذلك في ضوء المخاطر السلبية التي تهدد جودة الأصول وتركزات القروض المرتفعة ومواطن الانكشاف العالية والترابط بين القطاع المالي.
وشجع التقرير الحكومة الكويتية على المضي قدما في تطبيق ضريبة القيمة المضافة وزيادة الحد من النفقات الجارية، لافتا إلى الحاجة لإجراء إصلاحات «أعمق» لتقليل متطلبات التمويل بسرعة أكبر وخلق مساحة للإنفاق الرأسمالي الداعم للنمو وتحقيق العدالة بين الأجيال، كما أوصى باتخاذ مزيد من الخطوات لاحتواء فاتورة الأجور.
وفي هذا الصدد أثنى المديرون بالصندوق على استحداث «حدود قصوى للإنفاق» المتوسط الأجل، وشجعوا على زيادة تعزيز الإطار المالي المتوسط الأجل للمساعدة في تعزيز الضبط المالي في الكويت.
وأبدى صندوق النقد الدولي ترحيبه «بنهج التمويل المتوازن» الذي تنتهجه الحكومة الكويتية، مشيرًا إلى أن زيادة تعزيز الأطر المؤسسية والقانونية ذات الصلة ستجعل ادارة الديون أكثر فاعلية وتدعم تنمية أسواق رأس المال.
وأكد أن تحسين «مواءمة التعويض» في القطاعين العام والخاص من شأنه أن يعزز الحافز لدى المواطنين على التوجه نحو وظائف القطاع الخاص، ومن ثم دعم المنافسة، موصيًا بـ«تقييد نمو التوظيف في القطاع العام وزيادة فرص العمل في القطاع الخاص».
وشدد الصندوق في تقريره أيضًا على أن الانتقال من نموذج النمو الذي يقوده القطاع العام إلى نموذج النمو الذي يقوده القطاع الخاص «يتطلب خلق حوافز لاتخاذ المخاطر وريادة الأعمال».
كما شدد على أهمية إصلاح التعليم لتزويد الخريجين الجدد بالمهارات المتعلقة بوظائف القطاع الخاص، مشيرًا إلى أهمية زيادة توظيف الخصخصة والشراكات مع القطاع الخاص لتعزيز الإنتاجية والاستثمار وخلق فرص العمل.
وأكد التقرير أن ربط سعر صرف العملة بسلة من العملات لا يزال الخيار الملائم للاقتصاد الكويتي، مشيرا إلى أن هذا الربط يوفر «ركيزة اسمية فعالة».
كما شدد على أن الضبط المالي الموصى به على المدى المتوسط سيؤدي إلى ردم جانب كبير من الفجوة المعتدلة في الحساب الجاري.