بلا ماء أو طعام، كافح 25 مهاجرًا إفريقيًا لمدة 35 يومًا في عرض البحر للبقاء أحياء، بعدما قرروا الفرار من بلدانهم بسبب الفقر والأزمات الإنسانية والصراعات التي تعج بها القارة.
صحيفة “غارديان” البريطانية تحدثت إلى بعض من خاضوا غمار التجربة القاسية، ونجوا بأعجوبة من موت محقق بعدما علق قاربهم وسط المحيط الأطلسي.
واستقل، مؤخراً، 25 مهاجرا من السنغال ونيجيريا وسيراليون وغينيا بيساو، قاربًا صغيرًا بالاتفاق مع اثنين من مهربي البشر على أمل الوصول بهم إلى البرازيل، بحثًا عن فرصة أفضل للعمل والعيش.
وانطلقت الرحلة من دولة الرأس الأخضر الإفريقية الواقعة وسط المحيط الأطلسي، في أبريل/ نيسان الماضي، لكن تعطل القارب وسط الرحلة وبدأت محنة المهاجرين منذ تلك اللحظة.
موكتار مانسيراي (27 عامًا)، وهو مسلم من مدينة “فريتاون” في سيراليون، كان أحد هؤلاء المهاجرين، الذين تعرضوا للمحنة الأصعب وسط المحيط، وكادوا أن يصبحوا طعاما للأسماك.
بدأت قصة مانسيراي من سيراليون، حيث كان يدرس هناك العلوم والتكنولوجيا على أمل أن يصبح معلماً.
درس الشاب لمدة عامين ولكنه كان يجد صعوبة في دفع رسوم الجامعة وكان يعمل في مجال إصلاح الهواتف المحمولة لتدبير بعض النفقات.
إلا أن صديقا له في مدينة ساو باولو البرازيلية أخبره بأنه يستطيع الدراسة مجاناً في أكبر مدينة في البرازيل، وأنه سيكون قادراً على العمل وإرسال الأموال إلى والديه المسنين وأخته في فريتاون بسيراليون.
أغرت تلك الكلمات الشاب السيراليوني، وجعلته يختار أن يكون من بين المهاجرين الذين خاضوا تلك الرحلة الشاقة.
تم تقديم مانسيراي إلى شخص برازيلي وتم الاتفاق معه على دفع 700 دولار أمريكي مقابل رحلة لمدة 22 يومًا تصل به إلى البرازيل.
“لقد تملكني الخوف عندما رأيت حجم القارب الصغير، الذي كان على وشك عبور المحيط الأطلسي بنا”، يصف الشاب مشاعره تجاه الرحلة مجهولة المصير.
وأضاف “قلت لنفسي بما أنني أخذت القرار وأصبحت موجودا بالفعل على متن القارب لا يجب أن أثبط الآخرين وعلي أن أشجعهم”.
بدأت المأساة عندما تعطل المحرك وانكسر الشراع، وفي غضون 10 أيام فقط، نفد الطعام.
وأكد مانسيراي أنهم كانوا يقتاتون على قطعتين من البسكويت يوميا أو بضع ملاعق من الطعام.
وأشار إلى أن “البعض اضطروا إلى شرب ماء البحر أو حتى بولهم من أجل البقاء على قيد الحياة”.
واختتم حديثه قائلاً “لم يعد أمامي سوى الصلاة”.
وفي نهاية تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر، عثر صيادون على الرجال الـ 25 على بعد نحو 80 ميلًا قبالة سواحل البرازيل.
**الحظ حالف الجميع
وبهذا الخصوص، قال لويس ألميدا، رئيس قسم الهجرة بالشرطة الفيدرالية في ساو لويس، عاصمة ولاية مارانهاو بشمال شرقي البرازيل: “بعد 35 يومًا من رحلة صعبة في مثل هذه الظروف، فإن الحظ قد حالف الجميع حيث لم يمت أحد”.
وأضاف “لم تكن هناك مقصورة أو سقف يمكن أن يستظلوا به، لذا فقد تعرضوا للكثير من أشعة الشمس خلال هذه الأيام الخمسة والثلاثين”.
وأوضح أن بعضًا من هؤلاء الرجال كانوا يعانون من الجفاف الشديد، وبعضهم يعاني من مشاكل في الرؤية بعد فترة طويلة من التعرض لوهج الشمس الذي تعكسه مياه البحر.
شخص آخر، يدعى الحاج منتخ أبيي (36 عامًا)، وهو سنغالي، قال إنه كان يريد أن يقابل صديقًا له في “ساو باولو” كان قد أقنعه بأن “العمل هناك أفضل من السنغال”.
ووصف قدر الصعوبة التي تكبدها في تلك الرحلة قائلًا: “كان الأمر مرهقاً للغاية، فقد نفذ الطعام وكذلك الماء، وكانت مياه البحر فقط هي التي تحيط بنا.. وكنا نحيا على أمل أن يأتي أحد ويساعدنا”.
ويلخص خوناتا جالفاو، من مركز حقوق الإنسان في الولاية قصة ركاب القارب الأفارقة بقوله “هؤلاء الرجال جميعهم قالوا إن الحياة محفوفة بالمخاطر في بلدانهم وجميعهم لديهم أقارب أو أصدقاء في البرازيل، وكانوا يبحثون عن فرصة حياة أفضل للعمل في البرازيل”.