شدد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستتم في موعدها، في ديسمبر 2019، منهياً بذلك الجدل الحاصل في الساحة التونسية حول إمكانية تأجيلها، وقال في حوار مباشر مع قناة “الحوار التونسي”: هناك أصوات تدعو للتأجيل وأخرى تطالب بانتخابات قبل موعدها، أنا أقول لكم: ستقع في أجلها وإلا فليس هناك ديمقراطية ما دمت حياً.
وعبّر الرئيس التونسي الذي بدا ضعيفاً وعاجزاً في الحوار عما اعتبره “سوء الحظ”؛ بسبب أن الحملة الانتخابية لاستحقاق 2019 بدأت عامين قبل الأجل، وتوقع أن يكون عدد المترشحين للانتخابات أكثر مما سجل سنة 2014، معتبراً ذلك حقاً دستورياً لا يمكن في ظل الديمقراطية أن تقول لأي كان: لا تترشح.
وكشف عن حجم الأزمة الاقتصادية، وانتهاء التوافق مع حزب حركة النهضة، كما تطرق للخلافات داخل حزب نداء تونس، والموقف من حكومة الشاهد التي يراها في حاجة لشرعية جديدة من مجلس نواب الشعب، كما عرّج على فيضانات نابل.
تغيير الدستور
وجدد الرئيس التونسي في الحوار المذكور إلى تغيير الدستور، بما يسمح بصلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية، ولكن طلب أن يكون ذلك بعد رحيله، مذكراً بأنه دعا سابقاً لذلك، وأكّد أنّه لن يقوم بتغيير الدستور أو بتغيير القانون الانتخابي قائلاً: ‘لن أغير الدستور كي لا يتهمونني بالتشبث بالمنصب، لكنني أوصي التونسيين بتغيير الدستور من بعدي وتغيير القانون الانتخابي، مشيراً إلى أن الرئيس السابق المنصف المرزوقي والرئيس الحالي لحراك تونس الإرادة أرادا كذلك لتغييره.
الأزمة الاقتصادية
وتحدث الرئيس التونسي عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، حيث وصل احتياطي العملات الرئيسة أقل من 80 يوماً توريد (77 يوماً)، واصفاً الحالة الاقتصادية بـ”التعيسة”، وأن لدى تونس ديوناً تصل إلى 9 مليارات، قائلاً: لدينا ديون بقيمة 9 مليارات لا بد أن ندفعها، ومنذ عام نحاول اقتراض مليار دولار ولم نقدر على ذلك، ولا حتى التوجه للسوق العالمية من أجل ذلك.
وأشار السبسي إلى وجود أمل: قائلاً: كل الخبراء الاقتصاديين الذين التقيتهم واستمعت إليهم أكدوا وجود أمل للخروج من هذه الأزمة، ولكن بشروط صعبة، فنحن نحتاج بين 3 و5 سنوات للخروج من الوضع الذي نحن فيه.
خلافات النداء
وعلق الباجي على الخلاف الحاصل بين المدير التنفيذي لنداء تونس نجله حافظ قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وهو ما أدى لانفضاض أكثر من نصف نواب النداء عن الحزب الذي أسسه، حيث لم يبق معه سوى 41 نائباً فقط من أصل 86، وتقهقر كتلة النداء إلى المرتبة الثالثة بعد كتلة النهضة 69، وكتلة الائتلاف المدني المؤيدة للشاهد، بالقول: لو يرحلا الاثنان معاً لن يضر ذلك تونس، وذلك باللهجة التونسية: “لو كان يمشـوا الزوز تونس ما تتضرش”، وأضاف: “مغادرتهما الاثنين في مصلحة البلاد”، وفيما نصح الباجي رئيس الحكومة بطرح تجديد الثّقة في حكومته أمام البرلمان، مذكراً إياه بأنه بات يحظى اليوم بأغلبية، إلا أنه تجاهل دعوة ابنه للاستقالة بدعوى أنه لم يعيّن ابنه في منصب المدير التنفيذي للحزب الذي أسسه، بيد أنه ذكر بأن ذهاب نجله وتركه للحزب لن يجعله يبكي فيما لو حصل ذلك؛ “كان يمشي حافظ أنا ما نبكيش”، واستدرك قائلاً: “ليس لدي مشكل مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وتمنيتُ له النجاح، أنا فرح به ولكن هناك انقساماً حول أداء يوسف الشاهد”، وجدد نصحه للشاهد: “أنا أنصح رئيس الحكومة بالذهاب إلى المجلس وعرض حكومته لنيل ثقة نواب البرلمان مرة ثانية، بما أنه بات يحظى اليوم بأغلبية”.
وتابع: تونس فيها كفاءات كثيرة، ولن تتضرر بذهاب حافظ أو الشاهد، وبرر دعوته لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، بعرض حكومته على البرلمان لتجديد الشرعية: “لم يُطلب منه أحد المغادرة، إنما نريد أن تكون له شرعية، لأنه دون شرعية، فشرعيته تتمثل في التزكية التي مكنه منها البرلمان حينما اقترحته ليكون رئيس حكومة”، لكن الشاهد حسب الباجي رفض نصيحته بالذهاب للبرلمان لتجديد الثقة، “وهو حر في ذلك”.
كباقي الأحزاب
لقد دافع الرئيس التونسي عن الحزب الذي أسسه، معتبراً الأزمة الحادة والقاتلة التي يمر بها، لا تختلف عن الأحزاب التي انشقت عن النداء، كمشروع تونس، وتونس أولاً، وغيرها التي تشهد خلافات وصراعات وانشقاقات، مؤكداً أن قضية نــداء تونس ليست مرهونة في شخص نجله حافظ قائد السبسي قائلاً: “ولـدي في داري، ولست أنا من عينته في حزب نداء تونس”.
بيد أن الباجي أوضح بأنه ليس راضياً عن أداء الحزب الذي أسسه: “أنا اليوم لست راضياً على أداء النداء الذي أسسته شخصياً”، وتساءل عمّا يمنع الندائيين من تغيير نجله حافظ إذا كانوا لا يرغبون في زعامته؟ مبيناً أن نداء تونس يعيش أزمــة على غرار باقي الأحزاب مذكراً بحزب حراك تونس ورئيسه منصف المرزوقي الذي استقال منه في يوم واحد 83 شخصاً.
النهضة أنهت التحالف
وحول التحالف أو التوافق مع حركة النّهضة، قال الباجي: إنه منذ 15 أغسطس 2013، كان التحالف على أفضل وجه، وإنّ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قام بدور كبير لإنجاح التّوافق طيلة الخمس سنوات الماضية، وإنّ آخر اجتماع جمع الباجي، براشد الغنوشي، كان يوم الجمعة 21 سبتمبر 2018، تناول فيه الطرفان مستجدات الوضع السياسي للبلاد وقدّم فيه الباجي مشروع مبادرة لشريكه في الحكم، بغاية التّشاور وإنّ التوافق مع حركة النّهضة انتهى الأسبوع الماضي بطلب وسعي من حركة النّهضة.
فيضانات نابل
وبخصوص فيضانات نابل أكــد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على أن الفيضانات التي جدت بولاية نابل لم يسبق لها مثيل في تونس، وأن ما حصل شكّل صدمة لجميع التونسيين، وأن المسؤولية موجودة ولا بد من تحملها.
وعبّر السبسي عن تفهّمه لتحميل العائلات المتضررة من الفيضانات المسؤولية للدولة، قائلاً: الناس تعيش في أوضاع صعبة ويجب أن نفهمهم ذلك ومن الطبيعي أن ينتقدوا أداء وزارة التجهيز مثلاً بعد الأضرار التي لحقتهم، لكن هذا ليس صحيحاً لا يجب تحميل الحكومة مسؤولية فوق طاقتها.
وأن الحكومة مشكورة، ويجب أن تعي أنّ ما حصل في نابل يتطلب مشروعاً وطنياً لإعادة تعمير نابل، لأنّها منطقة منكوبة وإن شاء الله سنكون عند حسن الظن.
يذكر أن ولاية نابل لا تزال تعيش على وقع الصدمة من هول الكارثة التي حلت بها جراء الفيضانات التي اجتاحتها يوم السبت الماضي، وشملت كل بلداتها دون استثناء، متسببة في أضرار لم يتم حصرها نهائياً، وفي إحصاءات أولية ألحقت أضرار بما لا يقل عن 3000 منزل، ومئات السيارات، ومئات المحلات التجارية والمخازن، وفق التقديرات الأولية.