أكدت حركة النهضة التونسية، في بيان لها، اليوم الثلاثاء، أنها لم تتخل عن التوافق، وأن الاختلاف في الرأي هو من صميم الديمقراطية، وأشادت بدور الرئيس الباجي في بناء توافق وطني، جنب البلاد الويلات، وجعل من تونس استثناء، على حد ما ورد في البيان، وقد جاء البيان رداً على ما ورد في حديث الباجي مع قناة “الحوار التونسي”، مساء أمس الإثنين.
التوافق لا يعني الموافقة
وأبرزت “النهضة” أن الاختلاف في وجهات النظر حول عدد من القضايا التي تعيشها البلاد وفي مقدمتها الاستقرار الحكومي لا يعني تنكر النهضة للعلاقة المتينة التي تربطنا برئيس الجمهورية، وواصلت أن الاختلاف في وجهات النظر هو من صميم الحياة الديمقراطية ومن متطلبات دقة المرحلة وجسامة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تشغل الرأي العام الوطني.
وأشادت الحركة بحرص رئيس الدولة على تطمين التونسيين بخصوص إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المحدد؛ “بما يعزز مسار الانتقال الديمقراطي ويعزز الثقة الداخلية والخارجية في التجربة التونسية”.
وشددت على التزامها بمسار التوافق مع رئيس الجمهورية، وتقديرها لدوره الوطني منذ انطلاق الثورة في إرساء ثقافة التشاور والحوار بين الفرقاء السياسيين في مواجهة خيارات التفرد والإقصاء والمغالبة.
وتابعت أنها تفاعلت مع دور الرئيس بإيجابية منذ لقاء باريس وجسمته كل المحطات التي لم يجد فيها رئيس الدولة من جهتنا إلا الدعم والمساندة، وأن خيار التوافق يعود له الفضل في نسج الاستثناء التونسي، ويبقى الأرضية المثلى لاستقرار بلادنا وإدارة الاختلاف في كنف المسؤولية الوطنية والاحترام المتبادل، وفق نص البيان.
النهضة ليست في قطيعة
من جانبه، نفى الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري ما جاء في حديث الباجي من أن العلاقات بين النداء والنهضة انقطعت منذ أسبوع بطلب من حركة النهضة، وقال الخميري في تصريح إذاعي: النهضة ليست في قطيعة مع رئيس الجمهورية.
وأكد حرص الحركة على التوافق، مشيراً إلى وجود مشكل حقيقي في إدارة الانتقال الديمقراطي لا يحل إلا بالحوار، وفق تعبيره.
وقال: ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية مهم، ونحن سنبقى حريصين على التوافق والحوار بما يخدم مصلحة البلاد، والنهضة مازالت متشبثة بفكرة الاستقرار الحكومي.
لا يفسد للود قضية
إلى ذلك، قال وزير الخارجية السابق والقيادي في حركة النهضة رفيق عبدالسلام: إن ما قاله الباجي ليس صحيحاً، وكتب على صفحته بـ”فيسبوك”: لا أفهم من كلام رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في حواره التلفزي أي دعوة للقطيعة مع النهضة، وتابع: الرئيس قال: إن النهضة اختارت أن تنفض يدها منه، ونحن نقول لسيادته: هذا الكلام غير صحيح، فهو محل تبجيل واحترام في شخصه وموقعه ودوره التاريخي، وأضاف: وإذا كان هناك اختلاف يتعلق بمسألة تغيير الحكومة في هذا الظرف السياسي والاقتصادي الحساس الذي تمر به تونس، فهو لا يفسد للود قضية.
وأشار إلى أن النهضة لم تكن مقتنعة بالإطاحة بحبيب الصيد، ولكنها تنازلت من أجل الرئيس وحزب الرئيس، والنتيجة أنها وجدت نفسها مجبرة مرة أخرى على الموافقة على تغيير الشاهد دون سبب مقنع، بل لأسباب لا علاقة لها بأداء الحكومة، وفي الانتخابات الجزئية في ألمانيا تنازلت عن حقها في الترشح بل ودعمت مرشح النداء، والنتيجة أنها باتت مسؤولة عن فشله في تعبئة خمسين أو مائة ناخب إضافي!
واستطرد: لا أريد استعراض المزيد من الأمثلة، ولكن جوهر الموضوع أن التوافق بدأ توافقاً بين رئيس الدولة ورئيس حركة النهضة، وأعطى ثماره، ولكن البعض يريد أن يحوّله إلى تبعية وسمع وطاعة تحت الإكراه، وهذا مرفوض ليس من طرف النهضة فحسب، بل يجب أن يكون مرفوضاً من طرف الرئيس الذي يدرك طبيعة هذه العلاقة أكثر من غيره.
وأكد أن النهضة حليف صادق وشريك أمين يمكن أن يقدم تنازلات ولكن بعيداً عن منطق “اشرب وإلا طير قرنك”، وأوضح بأن علاقتنا بالرئيس ثابتة، وتمسكنا بالتوافق راسخ، ولكن تحميلنا مسؤولية صراعات الآخرين غير مقبول، مع تمنياتنا للرئيس بدوام الصحة والعافية والتسديد في أداء مهامه على رأس الدولة.