دعت فصائل وقوى وطنية وإسلامية، في قطاع غزة، اليوم السبت، إلى صياغة إستراتيجية وطنية يشارك بها الكل الفلسطيني، لمواجهة التطبيع وتجريمه، والعمل على تعزيزها في الداخل والخارج.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية بعنوان “التطبيع وأثره على القضية الفلسطينية في ظل صفقة القرن ومخطط الضم” نظّمها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بمقره بمدينة غزة.
التطبيع عمل بعض الأنظمة
وقال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) طاهر النونو: إن “التطبيع العربي لم يعد مطلباً “إسرائيلياً”؛ وللأسف هناك بعض الأطراف العربية أصبحت تجذب عملية التطبيع نحوها، وبات جزءاً من عملها السياسي لإقامة علاقات مع الاحتلال”.
وأوضح النونو أنه اليوم يجري الانتقال من إقامة علاقات سياسية مع الاحتلال إلى محاولة لإعطاء المشروعية السياسية له عبر تطبيع الذهن العربي.
وأضاف: “اليوم نرى مسلسلات وأعمالاً درامية عربية تعمل على تثبيت المشروع الصهيوني، وتعتبره كياناً طبيعياً بالمنطقة، في المقابل تشويه المقاومة الفلسطينية بالضرب في الثوابت الوطنية لشعبنا وهذه أكبر خطورة”.
وأكد المسؤول في “حماس” أن مواجهة التطبيع تكمن أولاً في تصليب جبهة المقاومة الفلسطينية والعمل على تعزيزها في الداخل والخارج، ثانيًا توحيد الموقف الوطني من المشاريع السياسية وعلى رأسها “صفقة القرن” ومخططات “الضم”.
وشدد على أن أي اختراق في الجدار الفلسطيني لإعطاء المشروعية للتطبيع يشكّل خطورة كبيرة على القضية الوطنية، داعيًا لتعزيز الموقف العربي الداعم لشعبنا، واعتبار التطبيع خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
التطبيع بدأ مع “أوسلو”
من جهته، قال القيادي بـ”الجبهة الشعبية” هاني الثوابتة: إن “التطبيع ارتبط مع بيئة التسوية السياسية مع الاحتلال أي مع اتفاقيات أوسلو”، موضحًا أنه بدأ بتسجيل اختراق الشعوب العربية من خلال الشعب الفلسطيني.
وبيّن الثوابتة أن حركات التحرر الفلسطينية تعمل على مواجهة التطبيع بشكل ارتجالي بدون إستراتيجيات، قائلاً: “هناك حركة مقاطعة عالمية لكن لا توجد إستراتيجية حقيقية تشارك بها كل مكونات الشعب الفلسطيني”.
وأضاف: “نحن بحاجة لبناء إستراتيجية تقوم على حشد كل طاقات الأمة أولاً والشعب الفلسطيني في مواجهة هذا الصراع”.
ودعا الثوابتة لتجريم التطبيع ووصف كل من يطبع مع الاحتلال سواء كان نظاماً أو أشخاصاً أو مؤسسات أو أفراداً بأنه منبوذ وطنيًّا وقوميًّا سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
وطالب بإلغاء لجنة التواصل مع المجتمع “الإسرائيلي”، مضيفًا: “مصيبة أن نواجه التطبيع العربي، وفي داخلنا يوجد مطبعون ولجنة تواصل مع الاحتلال؛ لذا يجب تجريمهم وملاحقتهم ووضعهم على القائمة السوداء”.
التطبيع خيانة
ووصف الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب التطبيع مع الاحتلال “الإسرائيلي” بـ”السلوك الخارج عن إجماع الأمة، وانحراف في ثوابتها، ولاءاتها الثلاث (لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات)”.
وقال شهاب: “نحن اليوم تجاوزنا مرحلة التطبيع؛ وكنّا نعتبر قديمًا أن من يمارس التطبيع مع المحتل هو عميل أو خائن، لكن اليوم النظرة تغيرت؛ لذا يجب أن ينظر لهؤلاء بنفس تلك النظرة”.
وأوضح أن الهدف الأساسي الذي تسعى الأنظمة العربية لتحقيقه هو المحافظة على أركان حكمها وعروشها، من خلال التقرب من الكيان “الإسرائيلي”، مؤكدًا أنه ما كان بإمكان الاحتلال التغول على حقوق شعبنا بالتهويد والاستيطان لولا أن هناك قبولاً من بعض الأطراف العربية لهذه المشاريع.
ودعا شهاب لتشكيل ائتلاف وطني يجمع كل التيارات والقوى الفلسطينية لمجابهة للتطبيع؛ “نحن بحاجة لمأسسة مواجهة التطبيع؛ لأن الحديث حول فضح المطبعين وتعريتهم يحتاج لعمل منظم ومرجعية واضحة”.
يشار إلى أن وتيرة التطبيع بين الاحتلال “الإسرائيلي” ودول عربية، تسارعت، منذ بداية العام الجاري 2020 إلى حد كبير، وشملت مجالات مختلفة بما في ذلك السياسي والعسكري والاقتصادي وحتى الرياضي.
“تل أبيب” كانت حريصة على الخروج بالعلاقات السرية مع دول عربية لا تقيم معها علاقات دبلوماسية إلى العلن في كسر للقواعد التقليدية المتبعة غالباً.
تلك التطورات جاءت بالتزامن مع الإعلان عن خطة السلام الأمريكية المزعومة المعروفة بـ”صفقة القرن”، التي لم يكن مصادفة حضور ثلاثة سفراء خليجيين مؤتمر الإعلان عنها في واشنطن.