أعلن القيادي البارز في حزب حركة النهضة نور الدين البحيري أن حزبه انطلق في إجراء مشاورات مع كل الطيف السياسي في البلاد دون إقصاء إلا من أقصى نفسه، لتشكيل حكومة سياسية يترأسها هشام المشيشي، لكنه لم يجعل ذلك شرطا، وترك كل الأمور للتفاوض.
وقال البحيري في حوار مع إذاعة موزاييك الخاصة، إن “الوضع العام في البلاد يفرض تشكيل حكومة سياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على الصعيد الصحي والاقتصادي والاجتماعي”.
وأكد على أن هذا “المقترح ما يزال فوق الطاولة، وأن النهضة بصدد التشاور مع رئيس الحكومة، وتتشاور مع جميع الأحزاب دون استثناء إلا من يستثنني نفسه، كاشفا عن وجود اتصالات بين النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس، وحتى أحزاب من خارج دائرة الحكم على غرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب والكتلة الوطنية والحزب الجمهوري.
الانخراط في إنقاذ تونس
وقال البحيري: “من واجب الأحزاب السياسية أن تنخرط في إنقاذ تونس، هناك من تجاوب وهناك من رفض دعوة النهضة، على غرار التيار الديمقراطي الذي غلب مرة أخرى مصلحته وصراعه مع النهضة على المصلحة الوطنية”.
وأشار إلى أن “فكرة تشكيل حكومة تترأسها شخصية أخرى غير مشيشي قابلة للنقاش؛ فالنهضة لا تدعو للحوار بشروط وهي منفتحة على جميع الاقتراحات”.
ويرى البحيري أن “تونس اليوم في حاجة إلى حكومة سياسية، وأن تتحمل الأحزاب التي فازت في الانتخابات مسؤوليتها وتحكم، وهذه الدعوة أمر طبيعي منسجم مع أحكام الدستور والرغبة الشعبية التي ترجمتها صناديق الانتخابات”.
خارطة طريق
من جانبه طالب الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي بخارطة طريق، وإزاحة رئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي، قبل الدخول في مفاوضات تشكيل حكومة سياسية، واتهم المشيشي في تصريح إعلامي بالمسؤولية عمّا وصفه بالفشل في إدارة الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
وقال “الحل ليس في تغيير الحكومات، وإنما يكون بخارطة طريق واضحة تتضمن برنامج إنقاذ تتبناه أية حكومة وتنفذه مع حزام سياسي مسؤول، وغايته الإصلاح، ويكون كل هذا منبثقا عن حوار وطني جاد وغير مشروط”.
أغلبية برلمانية
من جهته قال النائب في البرلمان عن كتلة المستقبل عصام البرقوقي إن “البلاد في حاجة اليوم إلى حكومة سياسية، وأن كتلة المستقبل مع تكوين حكومة سياسية وترفض الكتلة استمرار حكومة كفاءات مستقلة”
وأكد في تصريح لإذاعة شمس إف إم الخاصة أن “الأغلبية البرلمانية تدعم هذا الرأي”.
الموقف في البرلمان
وحول تطور دعوة حركة النهضة إلى حكومة سياسية من اقتراح إلى مشاورات سياسية قال النائب بالبرلمان محمد القوماني لـ”المجتمع”: “عبّرت بعض الأطراف السياسية على غرار حزب قلب تونس، وحزب تحيا تونس عن قبول مبدئي بالتوجه إلى حكومة سياسية في انتظار أن تتضح تفاصيلها وآليات تنفيذها”.
وحول رفض بعض الكتل للاقتراح، ووضع شروط من قبل كتل أخرى، أفاد القوماني “بعض الأطراف الأخرى رفضت الدعوة على غرار كتلة الإصلاح التي اعتبرت ذلك مستحيلا، وبعضها سجل احترازا مثل حركة الشعب والتيار الديمقراطي، بسبب تصريحات قيادات من النهضة بأنّهم يرون المشيشي رئيسا لها، فيما يرى بعض المتابعين في موقف النهضة الأخير تخليا عن المشيشي واستعدادا أكبر للانفتاح على قرطاج وحزامه السياسي من حركة الشعب والتيّار الديمقراطي؛ ولذلك فإنّ المبادرة التي حرّكت السواكن يظلّ مستقبلها رهين تفاصيلها والنجاح في إدارة حوار بصددها”.
العلاقة مع المشيشي
وضع حركة النهضة المشيشي ضمن أوراق التفاوض يراها القوماني من “التداعيات السلبية؛ إذ تثير بعض الأطراف تساؤلات حول مستقبل علاقة النهضة بفريق رئيس الحكومة هشام المشيشي بعد الانتقادات النهضوية التي طالت بعضهم، وحول مستقبل المشيشي نفسه الذي تشترط بعض الأطراف التي لا يخفى تنسيقها مع قرطاج رحيل المشيشي كبداية لأيّ حلّ للأزمة السياسية”.
موقف الرئيس
يرى القوماني أن موقف الرئيس قيس سعيّد سيزيد من تعقيدات العلاقة بين الأطراف المعنية بالتشاورات حول الحكومة السياسية؛ فموقفه (الرئيس قيس سعيّد) قاطع في استبعاد حزبي قلب تونس وائتلاف الكرامة الحليفين الرئيسيين لحركة النهضة.. وقصر قرطاج مستمرّ في التنسيق الواضح مع “حركة الشعب” في مختلف الملفات، وفي مقدّمتها العلاقة بحركة النهضة وبالاتحاد العام التونسي للشغل، ويتقاسمان القناعات والتكتيكات”.
وتابع القوماني: “لا يخفى على المتابعين تموقع حركة الشعب في صفّ المعادين لرئيس البرلمان ولحركة النهضة، بسبب إصرار قادتها على استدعاء العداء الأيديولوجي مع النهضة، واتهامها على غرار عبير موسي وكتلتها، بأنّها فرع من جماعة الإخوان المسلمين بمصر”.
ويبدو أن النهضة ومن خلال انتقالها من الاقتراح إلى المشاورات، والتفاوض عازمة على الذهاب بالحوار إلى منتهاه، ثم تمضي في تشكيل الحكومة السياسية، برئاسة هشام المشيشي أو بدونه، وبمشاركة “التيار الديمقراطي” وحركة الشعب أو بدونهما، وهي قناعة لدى الحركة، حتى لو أدى ذلك لإجراء انتخابات سابقة لأوانها، وآخر الدواء الكي.