أثارت قرارات بريطانيا وأستراليا ومحكمة العدل الأوروبية اتجاه حركة المقاومة الإسلامية حماس حول وضعها على قائمة ما يسمى ” الإرهاب” جدلاً واسعاً، كون أن هذه الخطوة انتهاك فاضح لكل الأعراف والقوانين الدولية، والتي كفلت للشعوب التي تقع تحت الاحتلال مقاومة هذا الاحتلال، واعتبرت بمثابة دعم واضح لكل ما يقوم به الاحتلال الصهيوني من قتل واستيطان وتهويد وتهجير قسري، وجرائم تصنف ضمن القوانين الدولية جرائم حرب .
ويقول المراقبون أن العلاقة بين حركة حماس ودول الاتحاد الأوربي شهدت محطات كثيرة قبل انتخابات العام 2006 وفوز حماس بالأغلبية فيها، وبعد ذلك لم تكن العلاقة بين الحركة والاتحاد الاوربي ذات طابع رسمي لكن كانت هناك قنوات اتصال موجودة، اختلف الأمر عقب الانتخابات وفوز حماس وبدأت العلاقة تأخذ شكلا رسميا لكنه غير معلن ، حيث تتفاوت طبيعة العلاقة بين حماس ودول الاتحاد كلاً على حدة فعلاقة الحركة مثلا بألمانيا مختلفة عن بريطانيا أو السويد أو غيرها وذلك لأن الالمان كانوا قد دخلوا على مسارات صفقة تبادل الاحرار التي حدث بموجبها الافراج عن جلعاد شاليط، واستمر الاتصال لاحقاً حتى أن هناك إعادة لهذا الدور تمت مؤخراً من أجل تمرير صفقة تبادل ثانية.
حماس: القرار البريطاني والاسترالي محاولة للحد من التعاظم الشعبي الدولي المؤيد للقضية الفلسطينية
محاولة لإرضاء اللوب الصهيوني في بريطانيا
بدورها قالت حركة حماس في تصريحات منفصلة لقيادتها أنه منذ إعلان وزيرة الداخلية البريطانية عن قرارها وضع الحركة على قوائم الإرهاب بجناحيها السياسي والعسكري، أعطى رئيس الحركة إسماعيل هنية توجيهاته للمكاتب التخصصية بالتحرك الفوري لمواجهته، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة وإظهار الموقف البريطاني المنحاز للاحتلال، والذي يعمل على تغطية جرائم الاحتلال، حيث تعتبر المملكة المتحدة مسؤولة عنها منذ وعد بلفور إلى تسهيل احتلال الأرض الفلسطينية ثم عبر مواقفها وسلوكها السياسي الذي يظهرها كوكيل للاحتلال بشكل يناقض كل القيم والأخلاق والقوانين الإنسانية في العالم .
وأكدت حماس أن بريطانيا تكرس في قرارها انحيازها للاحتلال، وتؤكد مسؤوليتها عن الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني منذ وعد “بلفور” مؤكدة أن الأسباب التي دفعت بريطانيا بهذا التوقيت إلى اتخاذ مثل هذا القرار، هي محاولة الاحتلال واللوبي الصهيوني المتغلغل في بريطانيا مواجهة حالة التأييد الجماهيري والشعبي للقضية الفلسطينية بشكل عام وحركة “حماس” بشكل خاص في الأوساط الغربية وخاصة بظل معركة “سيف القدس” .
العمور: بريطانيا تغرد خارج السرب وزيارة سفراء أوروبا لغزة شكل محطة مهمة في العلاقة مع حماس
تغريد خارج السرب
ويقول المختص بالشأن الفلسطيني ثابت العمور لــ” المجتمع ” أن ما يهم الآن هو التغريد البريطاني خارج السرب الأوروبي بل والأمريكي بالذهاب الى تصنيف حماس كحركة ارهابية، خاصة أن توقيت التصنيف جاء في بيئة منفتحة من كلا الطرفين فحماس مثلا ذهبت بعيدا في علاقاتها الخارجية بل استحدثت مناصب جديدة ذات مسميات تتقاطع مع ذلك كمجلس العلاقات الخارجية وكمسوؤل العلاقات الدولية في الحركة ومسؤول العلاقات العربية والاسلامية وقد اسند هذا المسمى لواحد من ابرز قيادات الحركة هو الدكتور خليل الحية، بالمقابل هناك انفتاح امريكي وقد دار الحديث عن خطة امريكية جديدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وهذا تحول غير مسبوق في الموقف الأمريكي وقطعاً ستكون حماس جزء مركزي وأساسي في هذه الحكومة وهذا اعتراف أمريكي ضمني بحركة حماس. ، بل أن وفداً من سفراء الاتحاد الأوروبي مكون من 20 سفيرا أوربياً زار غزة بعد تصنيف بريطانيا، لافتاً أن هناك قناعة أمريكية أوروبية مفادها بأنه لا يمكن تجاهل حركة حماس ، وأن أي حل أو تسوية أو تهدئة تتعلق بمجمل القضية الفلسطينية يجب أن تكون حماس طرفاً وشريكاً فيها.
عبد العاطي: قرار استراليا وبريطانيا انتهاك فاضح لكل القوانين الدولية التي تكفل لحركات التحرر المقاومة
وتابع : أما عن تبعات القرار البريطاني فهذه ليست المرة الأولى التي تصنف فيها حماس أوروبيا وأمريكيا كحركة ارهابية سواء ما يتعلق بجناحها العسكري كتائب القسام أو بجناحها السياسي، وهذا لم يفض لتأثيرات كبيرة ولم يؤثر على محددات الحركة وقراراتها ومقدراتها اطلاقا.
وأكد العمور ان القرار البريطاني والاسترالي وحتى قرار محكمة العدل الأوروبية زوبعة في فنجان أريد به التلويح لحركة حماس، بأن بريطانيا لا زالت ترى فيها حركة ارهابية، خاصة وأن التصنيف تزامن مع عملية الشهيد فادي ابو شخيدم في مدينة القدس المحتلة من جهة، ومن جهة أخرى هو يخدم حكومة رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينت، لأن هناك خلافات لا تخفى بين ادارة بايدن وبين حكومة الاحتلال فيما يتعلق بالتعامل مع حماس، أولا والقنصلية، ثانياً تقوية السلطة الفلسطينية ، وبالتالي أصل التصنيف ومحدداته الموضوعية أنه ترجيح بريطاني لحكومة نفتالي بينت أكثر منه قرار سياسي يتعلق بتحولات في الموقف البريطاني من حركة حماس، لأن قرار التصنيف الصادر عن وزيرة الداخلية البريطانية بحاجة لأمرين الأول مصوغ قانوني يبرر التصنيف ودوافعه والثاني أن يكون هناك قرار سياسي معلن صادر عن الخارجية البريطانية، حتى لو اعتبرنا ان التصنيف البريطاني كشكل من اشكال الضغط على حركة حماس، فإن ذلك لا يعتبر ضغطاً كبيراً أو ذو أثر ، مؤكداً أن المهم هنا ردود الفعل المحلية الفصائلية والرسمية والعربية والاسلامية التي ادانت القرار هذا خدم حركة حماس وأظهر حضورها وامتدادها في المشهدين الداخلي والخارجي.
حركات التحرر الوطني والمقاومة
من جانبها اعتبرت الفصائل والقوى الفلسطينية قرارات بريطانيا وأستراليا والمداولات القانونية في محكمة العدل الأوربية اتجاه حركة حماس بأنها جريمة قانونية، واستمرار في مسلسل الانحياز الاستعماري مع الاحتلال، وتأتي في شهر تشرين الثاني نوفمبر، والذي ارتكبت فيه بريطانيا جريمة وعد بلفور
في سياق متصل يؤكد صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني لــ”المجتمع” أن كل قرارات الأمم المتحدة ومواثيق حقوق الانسان تكفل للشعب الواقع تحت الاحتلال الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الاشكال، إضافة للبرتوكول الملحق باتفاقية جنيف الرابعة الذي حمي حركات التحرر ، وقرار بريطانيا وأستراليا هي محاولة مكشوفة لخلط النضال الوطني بالإرهاب ومحاولة تشويه حركة التضامن الدولية المتزايدة مع الشعب الفلسطيني عبر وسمه بما يسمى الإرهاب .
وأشار عبد العاطي أن زيارة وفد الاتحاد الأوروبي لغزة تأكيد أن هذه القرارات سياسية ولا علاقة لها بالقانون، وهي محاولات لقطع الطريق على حركات المقاطعة الدولية والتضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، لافتاً أن ما يحدث هو مخطط إسرائيلي بريطاني لقطع الطريق على الفلسطينيين وعرقلة تحركاتهم في الجنائية الدولية ، وهي قرارات جائرة بحق القانون الدولي والقوانين الإنسانية الدولية .
وبين عبد العاطي أنه بالتوازي مع قرارات بريطانيا وأستراليا، شرع الاحتلال بحملة واسعة وكانت بدايتها وسم ست مؤسسات فلسطينية بالإرهاب وكذلك الحركات الفلسطينية، والتحرك باتجاه الحلفاء لشيطنة النضال الوطني الفلسطيني ودعم مساندة الخطوات الصهيونية دليل على الانحياز السافر لرواية الاحتلال القائمة على القتل والإرهاب وقلب للحقائق والقرائن .