تتزايد أزمة إغلاق الموانئ الأوكرانية تعقيداً، ومعها ترتفع المخاطر على الأمن الغذائي العالمي، مع احتجاز ملايين الأطنان من الحبوب، وسط شروط روسيا بتخفيف العقوبات ضدها في مقابل تسهيل حركة الشحنات الغذائية. وقال مساعد وزير الخارجية الروسي أندريه رودنكو لوكالة إنترفاكس للأنباء اليوم الأربعاء، إن موسكو مستعدة لتوفير ممر إنساني للسفن التي تحمل أغذية لمغادرة أوكرانيا مقابل رفع بعض العقوبات. ونقل عن رودنكو قوله: “لقد ذكرنا مرارا في هذه النقطة أن حل مشكلة الغذاء يتطلب نهجا شاملا، بما في ذلك رفع العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية والمعاملات المالية”.
وتابع: “كما يتطلب الأمر إزالة الألغام من الجانب الأوكراني من جميع الموانئ التي ترسو فيها السفن. وروسيا مستعدة لتوفير الممر الإنساني الضروري، وهو ما تفعله كل يوم”.
وتتهم روسيا وأوكرانيا بعضهما البعض بزرع ألغام عائمة في البحر الأسود. وتم إغلاق موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، منذ أن أرسلت روسيا آلاف الجنود إلى أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط، كما أن أكثر من 20 مليون طن من الحبوب عالقة في صوامع في البلاد، وفق “رويترز”.
سلة غذاء
تمثل روسيا وأوكرانيا ما يقرب من ثلث إمدادات القمح العالمية، ويساهم نقص صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا في تفاقم أزمة الغذاء العالمية. وأوكرانيا هي أيضا مصدر رئيسي للذرة وزيت عباد الشمس.
وكان الحصار المفروض على الموانئ الأوكرانية ضارا بشكل خاص، حيث قال الاتحاد الأوروبي إن الشحنات البحرية كانت تمثل 90 في المائة من صادرات الحبوب والبذور الزيتية قبل الحرب، بحسب أسوشييتد برس.
تناقش القوى الغربية فكرة إقامة “ممرات آمنة” لتصدير الحبوب من موانئ أوكرانيا، إلا أن أي ممر من هذا القبيل يحتاج إلى موافقة روسية. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الثلاثاء، إن روسيا تستخدم الإمدادات الغذائية كسلاح له تداعيات عالمية.
وكذا فعل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي اعتبر الأسبوع الماضي أن روسيا تستخدم الغذاء كسلاح من خلال احتجاز الإمدادات “رهينة” ليس فقط للأوكرانيين لكن للملايين في أنحاء العالم أيضا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأربعاء إن ميناء ماريوبول، المدينة الأوكرانية التي سيطرت عليها روسيا بعد حصار دائم لثلاثة أشهر، يعمل على نحو طبيعي.
وأضافت أن روسيا تتواصل مع الأمم المتحدة، مضيفة أن موسكو “لا تستبعد إمكانية إجراء محادثات دولية لفتح الموانئ الأوكرانية”.
من جهتها، شرحت وزارة الدفاع البريطانية أن فتح طرق التصدير البرية الأوكرانية “من غير المرجح إلى حد بعيد” أن يحل المشاكل الناجمة عن الحصار الروسي لميناء أوديسا على البحر الأسود.
ترجيح ارتفاع الأسعار
وتوقعت وزارة الدفاع أن يؤدي استمرار الأزمة إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الحبوب العالمية. وذكرت الوزارة، في بيان نشرته “رويترز” صباح الأربعاء، أن ميناء أوديسا لم يشهد دخول أو خروج أي شحنات “كبيرة” منذ بداية الغزو الروسي. وأوضحت الوزارة أن الحصار، بالإضافة إلى إغلاق العديد من الطرق البرية، يعني أن إمدادات كبيرة من الحبوب لا تزال مخزنة ولا يمكن تصديرها.
وقالت الوزارة: “في الوقت الذي يواصل فيه الحصار البحري الروسي منع وصول الشحنات التجارية إلى الموانئ الأوكرانية، فإن نقص الإمدادات الناتج سيرفع أسعار العديد من السلع الأساسية”.
ودعت يوليا سفيريدنكو النائبة الأولى لرئيس الوزراء الأوكراني إلى إنشاء ممر آمن للغذاء، قائلة إنه سيساعد أوكرانيا ويجنب العالم الجوع. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن نسفيريدينكو قولها الإثنين، إن على المجتمع الدولي المساعدة في تأمين هذا الممر الآمن إلى خارج مدينة أوديسا الساحلية لسفن تصدير المواد الغذائية.
وشرحت فون دير لاين الأسبوع الماضي، أن الصادرات عادة ما تصل إلى 5 ملايين طن من القمح شهريا من أوكرانيا، وقد انخفضت إلى ما بين 200 ألف ومليون طن. وتابعت: “بإخراجها، يمكننا تزويد الأوكرانيين بالعائدات الضرورية وبرنامج الغذاء العالمي بالإمدادات التي يحتاجها بشدة”.
أضافت: “روسيا تخزن الآن صادراتها الغذائية كشكل من أشكال الابتزاز، وذلك بمنع الإمدادات لزيادة الأسعار العالمية أو مقايضة القمح بالدعم السياسي. وهذا استخدام للجوع والحبوب لفرض القوة”.