يعد خطاب الكراهية وازدراء الأديان من القضايا الشائكة التي يتابعها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف عن كثب، وفي الآونة الأخيرة لوحظ ارتفاع حوادث العنف القائمة على ذلك الخطاب التمييزي في الهند، فكلما تهدأ الأوضاع بين الهندوس وباقي الطوائف الدينية خاصة المسلمين نجد الأمور تتفاقم مجددًا.
فبعد شهور قليلة من إقالة المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا، نوبور شارما، والناطق الإعلامي السابق باسم الحزب كومار جيندال، بعد الأزمة الدبلوماسية التي أدت لمقاطعة عدة دول إسلامية للهند عقب تصريحاتهما العدائية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، خرج تي راجا سينغ، عضو حزب بهاراتيا جاناتا والعضو في الجمعية التشريعية بولاية تيلانجانا الهندية، بتصريحات جديدة مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليتجدد معها موجة الاستهجان وتصاعد أعمال العنف جراء خطاب الكراهية الذي يصر البعض على انتهاجه، دون أية اعتبارات للتداعيات التي قد تترتب عليه في الهند.
وإذ يتابع مرصد الأزهر هذه التصريحات المسيئة، فإنه يشير إلى وصول تداعيات خطاب الكراهية وممارسات التمييز في حقّ المسلمين إلى مستويات خطيرة تهدد المبادئ التي رسخت في الهند قديماً وجعلت منها رمزًا للتعايش والتسامح.
وفي اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد، باعتبار حرية الدين أو المعتقد حق للإنسان، وأن الحفاظ على هذا الحق هو السبيل لنبذ جميع أشكال التعصب والتمييز، أول أمس.
قال المرصد: الاحتفاء بهذا اليوم متزامناً مع تواصل أعمال التعصب والعنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد ضد من ينتمون إلى الطوائف الدينية في كل أرجاء العالم، والتي تأخذ شكل إجرامي وينتج عنها ضحايا لا ذنب سوى اختلافهم في الدين مع المتطرفين الذين اتخذوا من الإرهاب والعنف وسيلة لفرض رؤيتهم وفكرهم على غيرهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتفاء باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد يأتي بعد يوم واحد من إحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، للتأكيد على عدم وجود انفصال بين الإرهاب الذي يستهدف الأبرياء ويتسبب في إنهاك الشعوب ودخولها في دوامة الدم والعنف وبين استهداف الأشخاص على أساس الدين واستباحة دمائهم، فكلاهما إرهاب لا يمت لأي دين بصلة بل تحركه أيديولوجيات متطرفة من أجل تحقيق مصالح دنيوية والدين منها براء.
ومن أجل نبذ كافة أشكال العنف والإرهاب ضد الأفراد على أساس الدين أو المعتقد، تحرك الأزهر عالميا، حيث وقع فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب وبابا الفاتيكان على وثيقة الأخوة الإنسانية للتأكيد على تكامل أفراد المجتمع لا تنافرهم على أساس الدين أو اللون أو العرق وغيرها من تصنيفات دفعت لسطوة العنف ببعض المجتمعات جراء التعصب والتمييز.
كما أن وثيقة الأزهر للحريات أكدت في بندها الأول على حريّة العقيدة وما يرتبط بها من حقِّ المواطنة الكاملة للجميع، القائم على المساواة التامة في الحقوق والواجبات باعتبارها حجر الزاوية فى البناء المجتمعي الحديث، وهي مكفولة بصريح الأصول الدستورية والنصوص الدينية القطعية، إذ يقول المولى عز وجل (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256]، لذا يجرم أي مظهر للإكراه في الدين، أو الاضطهاد أو التمييز بسببه.
وشدد أن بناء أي مجتمع قائم على التكامل والتعاون بين أفراده لا تنافرهم والتمييز بينهم، فلا يعقل أن يتمكن أي مجتمع من تحقيق ازدهار وتقدم في ظل وضع مضطرب بين أبنائه، فالجميع عنصر مؤثر في نهضة المجتمع؛ لذا تقبل الاختلاف والتنوع داخل المجتمع هو السبيل لمواجهة جرائم الكراهية وخطاب التمييز الذي ينتهجه البعض مثل اليمين المتطرف في أوروبا والتنظيمات الإرهابية التي تتخذ من الأديان ستاراً لممارساتها الدموية، وهو ما يواجهه الأزهر الشريف عبر هيئاته مثل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف.