تبخير الأضحية وتعطيرها.. تكحيل الخروف ليلة عيد الأضحى.. تزيين الأضحية بالحناء والورود والتيجان.. مصارعة الخراف.. كوافير الأضاحي.. كل هذه مجموعة من العادات والتقاليد الغريبة التي ارتبطت بشعيرة الأضحية في عدد من الدول العربية والإسلامية لتضفي مزيداً من البهجة والسرور على المحتفلين بعيد الأضحى.
ففي تونس، يحرص الأهالي على تبخير الأضحية قبل الذبح؛ اعتقاداً أن هذا الأمر يخلصها من السموم الموجودة في الدماغ والدم.
وعن هذه العادة يقول خالد عبدالله، طالب جامعي من أبناء محافظة تونس، في حديث لـ«المجتمع»: إن أصحاب الأضحية يشعلون الكانون قبل عملية الذبح ويضعون فيه البخور ثم يأتون بالأضحية لتشم الدخان المنبعث من البخور وهو ما يجعلها تعطس فتخرج من أنفها مواد سوداء اللون.
ويضيف أن الأهالي يعتقدون أن هذه المواد هي عبارة عن سموم كانت موجودة الدماغ والدماء والأنف، وأنه بخروجها من جسم الأضحية يكون لحمها أطيب.
ويشير إلى أن هناك تقاليد مختلفة تنتشر في بعض المناطق الأخرى لا سيما في المحافظات الجنوبية، مثل تزيين الأضحية وتلوينها بالحناء من أجل إسعاد الأطفال الصغار.
تكحيل الخروف!
ومن تونس إلى جارتها ليبيا، تتشابه العادات والتقاليد المرتبطة بشعيرة الأضحية بدرجة كبيرة، الأمر الذي قد يعود إلى التقارب المكاني والاختلاط بين مواطني البلدين.
يقول ماهر عبدالرحمن (40 عاماً)، أحد أبناء منطقة بنغازي شرقي ليبيا: إن الأهالي في بلاده يقومون في ليلة العيد بتكحيل الأضحية بالقلم الأسود أو بالكحل العربي!
ويضيف عبدالرحمن، في حديث لـ«المجتمع»، أن من العادات الأخرى المتعلقة بالأضحية هو أن ربة المنزل تشعل النيران في الكانون، ثم تضع فيه البخور قبل أن تدور في أطراف البيت، وهي تردد ابتهالات دينية.
وفي بعض المناطق في ليبيا، كمنطقة وادي عتبة يحرص الأهالي على تزيين وتجميل شكل الأضحية بالحناء قبل يوم النحر، فتوضع الحناء على مناطق متفرقة كالرأس والظهر، لتضفي مزيداً من البهجة على هذه الشعيرة.
مصارعة الكباش!
أما في الجزائر، فيحرص الكثيرون على تنظيم مسابقة بين الخراف قبل يوم النحر، وتتمثل هذه المسابقة التي يشهدها الكبار والصغار في «مصارعة الكباش» التي تعد من أقدم العادات في البلد العربي الواقع شمال أفريقيا.
وخلال المسابقة، يتناطح الخروفان حتى يجبر الخروف المنتصر المهزوم على الانسحاب من الحلبة التي يلتف حولها كثير من المتفرجين وسط حماس شديد انتظاراً لما ستسفر عنه المواجهة.
وتنظم مسابقات المصارعة في العديد من المناطق الجزائرية، لا سيما في شرق البلد العربي، ومن أشهر الأحياء التي تحرص على تنظيم هذه المسابقة حي «صالونبييه» في العاصمة الجزائرية.
وعلى الرغم من أن السلطات في الجزائر لا تشجع على تنظيم هذه العادة القديمة، فإنها ما زالت مستمرة، وتحظى بشعبية واسعة بين الجزائريين.
ولا تقتصر العادات المرتبطة بالأضحية في الجزائر على المصارعة، بل تشمل تقاليد تتعلق بتزيين الأضحية، حيث تحرص الأمهات على وضع الحناء على جبين الأضحية وتلف حولها شرائط زهرية اللون كنوع من التجميل.
لِيّة الخروف لمواجهة البعوض!
وعن العادات والتقاليد المرتبطة بالأضحية في السودان، يقول أحمد عبدالرحمن، الشاب السوداني المقيم في مدينة أم درمان، لـ«المجتمع»: إن هناك عادة غريبة يحرص عليها بعض الأهالي بعد ذبح الأضحية تتمثل في استخدام «لِيّة» الخروف كدهن للجسم مضاد للبعوض.
ويضيف عبدالرحمن قائلاً: إنه نظراً لانتشار الناموس في السودان بشكل كبير خاصة في المناطق الواقعة على ضفاف نهر النيل، فإن البعض يقوم بتسييح اللية ويضيف إليها بعض المواد الكيميائية التي تجعل رائحتها طيبة ثم يدهن بها ذراعيه والأجزاء المكشوفة من جسمه، مشيراً إلى أن هذا الأمر يحمي من لدغات البعوض.
وفي موريتانيا، يحرص صاحب الأضحية على تنظيفها لا سيما في الأسبوع الأخير قبل موعد الذبح، وهناك من يخصص لأضحيته حماماً أسبوعياً بالصابون، وقبل الذبح مباشرة يقوم بتعطير الخروف حتى تنبعث منه رائحة طيبة.
تزيين الأضحية مهنة في باكستان!
أما في باكستان، فيحرص الكثيرون على تزيين الأضحية من خلال تلوينها ورسم النقوش عليها قبل يوم النحر.
بالإضافة إلى تلوين الأضحية، يهتم الباكستانيون بتزيين الأضحية بالورود والتيجان حتى تجذب الانتباه ويجعلها تسر الناظرين في أسواق الماشية، وهو الأمر الذي يمثل عاملاً مساعداً في رفع سعر الأضحية وفي إقبال المشترين عليها.
ودفع التنافس بين تجار الأضاحي في بعض الأحيان إلى المبالغة في تزيين الخراف أو الأبقار من رؤوسها حتى أقدامها، وهذا الاهتمام هو ما أوجد باعة متخصصين في تزيين الأضاحي بجانب أسواق الماشية.
وطور الباكستانيون عادة تزيين الأضاحي بمرور الوقت، فلم تعد تقتصر على استخدام أوشحة ملونة أو الحناء لتلوين جلدها، مثلما كان في السابق، بل أصبحت عملية الزينة الخاصة بالأضحية حرفة قائمة بذاتها.
فقد ابتكر العاملون في هذه المهنة أشكالاً أكثر تطوراً لزينة الأضحية، شملت التزيين بقطع القماش المطرزة والأجراس والقلائد التي تجعل الخروف أو البقرة تبدو كمشهد احتفالي بالعيد.
وحالياً، توفر هذه المهنة فرص عمل لآلاف النساء الباكستانيات اللاتي يقمن بخياطة وتطريز زينة الأضاحي في أشكال وألوان جميلة، ويحرصن في كل عام على ابتكار أشكال جديدة من الزينة حتى تستمر هذه الحرفة في ظل إقبال الناس على شراء منتجاتها.
كوافير الأضاحي!
وفي تركيا، تنتشر عادة أخرى يطلق عليه «كوافير الأضاحي»، حيث يحرص بعض التجار على عرض المواشي المخصصة للأضحية في شكل وصورة مميزة، من خلال الاستعانة بمتخصصين في قص شعر الحيوانات وأصوافها وتزيينها قبل عملية النحر.
وفي إطار هذا التقليد، يجعل المتخصصون الأضاحي من الماشية والأغنام بفضل مهاراتهم تبدو في صورة مبهرة تجذب من يرغبون في شراء الأضحية.