أميّة بن أبي الصلت هو شاعر جاهلي من أهل الطائف، وكان أبوه أبو الصلت شاعراً أيضاً.
قال محمد بن سّلام الجُمَحي: «وبالطائف شعر وليس بالكثير، وإنما كان يكثر الشعر بالحروب التي تكون بين الأحياء، نحو حرب الأوس والخزرج، أو قوم يغيرون ويغار عليهم، والذي قلل شعر قريش أنه لم يكن بينهم نائرة ولم يحاربوا؛ وذلك الذي قلل شعر عمان وأهل الطائف في طرف، ومع ذلك كان فيهم: أبو الصلت بن أبي ربيعة، وابنه أمية بن أبي الصلت، وهو أشعرهم» (طبقات فحول الشعراء، 1/ 259).
وتتفق الأخبار على أن أميّة هذا كان متصلاً في الجاهلية بأهل الكتاب، يسمع أخبارهم وكتبهم، ويتصل بمن يكفر بالأصنام من العرب، ويبحث عن التوحيد، وقد ترك هذا أثراً في شعره.
قال ابن سّلام أيضًا: «وكان أميّة بن أبي الصلت كثير العجائب، يذكر في شعره خلق السماوات والأرض، ويذكر الملائكة، ويذكر من ذلك ما لم يذكره أحد من الشعراء، وكان قد شامَّ –أي اقترب من- أهل الكتاب» (طبقات فحول الشعراء، 1/ 259).
ومن شعره قوله:
إله العالمين وكل أرض ورب الراسيات من الجبال
وشق الأرض فانبجست عيونًا وأنهارًا من العذب الزلال
ومنها في وصف الجحيم:
وسيق المجرمون وهم عراة إلى ذات المقامع والنكال
فنادوا ويلنا ويلًا طويلًا وعجوا في سلاسلها الطوال
فليسوا ميتين فيستريحوا وكلهم بمجر النار صال
وقال في وصف الجنة:
وحل المتقون بدار صدق وعيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون وما تمنوا من الأفراح فيها والكمال
ومن قصيدة في كمالات الله تعالى:
ملائكة لا يفترون عبادة كروبية منهم ركوع وسجد
وقال في الحنيفية ومعناها التوحيد:
كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنيفة زور
وقال يذكر قصة تضحية إبراهيم لابنه:
ولإبراهيم الموفي بالنذ ر احتسابًا وحامل الأجزال
أبُنيَّ إني نذرتك لله شحيطًا فاصبر فدى لك حالي
بينما يخلع السرابيل عنه فكه ربه بكبش جُلال
ربما تجزع النفوس من الأمـ ـر له فرجةٌ كحل العقال
ومن شعره في التوحيد والصمدية:
الحمد لله الذي لم يتخذ سندًا وقدر خلقه تقديراً
وعنا له وجهي وخلقي كله في الخاشعين لوجهه مشكوراً
وله في الظلم:
ودفع الضعيف وأكل اليتيم ونهك الحدود فكلٌّ حَرِم
ولأجل حسن شعره كان النبي صلوات الله عليه يستنشد شعره، فعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «هِيهْ»، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: «هِيهْ»، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: «هِيهْ»، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ. (رواه مسلم، 2255).
وفي رواية له: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنْ كَادَ لِيُسْلِمُ».