قصة المثل كما ذكرها القاضي والمؤرخ والنسابة الأديب حمد الحقيل في كتابه «كنز الأنساب ومجمع الآداب»، أن رجلًا يدعى الحصين بن عمرو بن معاوية بن كلاب أحدث في قومه حدثًا فخرج هاربًا، فاجتمع برجل من قبيلة جهينة يُقال له الأخنس بن كعب، فتعاقدا ألاَ يلقيا أحدًا إلا سلباه، وكلاهما فاتك يحذر صاحبه، فعرفا أن رجلاً من لخم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم، فذهبا في طلبه، فوجداه نازلاً في ظل شجرة، فعرض عليهما الطعام فنزلا وأكلا وشربا.
ثم إن الأخنس الجهني ذهب لبعض شأنه، فلما رجع وجد سيف الحصين مسلولاً، والرجل اللخمي غارقاً في دمه، فسل سيفه، وقال للحصين: ويحك! قتلتَ رجلاً حُرِم علينا دمه بطعامه وشرابه! فقال له الحصين: اقعد يا أخا جهينة، فلهذا ومِثله خرجنا، ثم إن الجهني شغل الحصين بشيء، ثم وثب عليه فقتله، وأخذ متاعه ومتاع اللخمي، ثم انصرف إلى قومه راجعًا بماله، وكانت لحصين أخت تسمى صخرة، فكانت تبكيه في المواسم وتسأل عنه فلا تجد من يخبرها بخبره، فقال الأخنس حين أبصرها:
كَصَخرةٍ إذ تسائِلُ في مراحٍ وفي جرمٍ وعِلْمُهُما ظنونُ
تُسائِلُ عن حصينِ كلَ رَكْبٍ وعند جُهَيْنةَ الخبَرُ اليَقِينُ
فمَنْ يَكُ سائلاً عنه فعـندي لسائِلِهِ الحديثُ المستَبِينُ
فلما تيقنوا لاحقًا من أن الأخنس الجهني قتل الحصين كما قال منشدًا، صار شطر البيت مثلاً، تضربه العرب في معرفة الأخبار وصحتها.