يبرز أهمية دور المرأة الإصلاحية في اليمن باعتبارها نموذجًا يمكن أن يعكس مدى التطور الذي بلغته تلك المرأة في اليمن خاصة وفي منطقة الخليج عامة، حيث تجلت إنجازاتها الملموسة في ميادين التنظيم، والتعليم، والسياسة، والإعلام، وحقوق الإنسان.
ومنذ تأسيسه في عام 1990م، حرص حزب التجمع اليمني للإصلاح على تمكين المرأة اليمنية وتعزيز دورها في مختلف المجالات، ومن خلال مناقشات فكرية مستمرة داخل أروقة الحزب على مدار تلك السنوات، تبلورت رؤية إصلاحية حول المرأة؛ مما ساهم في بلوغها هذا الحد من الإنجازات.
وفي إطار هذا الحوار، سنناقش مع نائبة رئيسة دائرة المرأة بحزب التجمع اليمني للإصلاح، نسيبة ياسين الغساني، الإنجازات والتحديات التي واجهت المرأة الإصلاحية في رحلتها نحو تحقيق التميز والتأثير الإيجابي في مجتمعها ووطنها، وجهود الحزب كحركة إصلاحية لتمكينها.
بداية، ما أبرز الإنجازات التي اكتسبتها المرأة وفقاً لمطالب الحركات الإصلاحية في اليمن؟
– الحركة الإصلاحية في اليمن قادت إلى كثير من الإنجازات الاجتماعية وعملت على تصحيح الكثير من المفاهيم الفكرية التي مثلت مشكلة حقيقية في فترات سابقة، وبلا شك أن المرأة كان لها نصيب من هذه الفوائد المكتسبة، وكانت مساهمة أيضاً في تحقيقها، على سبيل المثال كان التعليم في فترة ما قبل ثورة 26 سبتمبر محصوراً على فئة معينة وطبقة واحدة؛ وهم الهاشميون، وهذه الحال كانت ترقى لمعتقد أنه لا يجوز للعوام التعليم، أو في أحسن الأحوال ليس بالضرورة أن يتعلموا، هذا كان فيما يتعلق بتعليم الرجال، فما بالك بالمرأة.
الحرب تحد كبير.. والمجتمع لا يزال يقف عائقاً أمام عمل المرأة
الحركة الإصلاحية عملت على إزالة هذه التصورات والمعتقدات، واستفاد الجميع من جهودها، والمرأة كفئة أساسية في المجتمع استفادت بلا شك، وفتح الباب أمامها لتتعلم، وأنا ذكرت التعليم باعتباره البوابة الرئيسة للعبور، ومفتاحاً وحيداً لأي تطور أو تحديث.
ما التحديات التي تواجه المرأة في تولي المواقع، والحصول على فرص داخل الحركات الإصلاحية اليمنية؟
– هناك تحديات كثيرة، من وجهة نظري، حالياً الحرب وعدم الاستقرار السياسي والأمني في المقدمة منها، دور المرأة تراجع خلال سنوات الحرب؛ لأن الظروف التي تخلفها والمناخ الذي يعمل فيه الجميع (الرجال والنساء) لا يشجع الكثير على العمل العام، هناك صعوبات وعوائق، وأخطار أيضاً، تترتب على أي نشاط في الشأن العام.
الأمر الآخر، أن المجتمع ما زال غير مقتنع بممارسة المرأة لبعض الأدوار العامة، وللعلم ساهمت الحرب في تكريس هذه النظرة.
ما الأدوار التي تقلدتها المرأة داخل حزب التجمع اليمني للإصلاح، وأبرز نشاطاتها فيه؟
– المرأة في الإصلاح مشاركة في كل الأطر والتكوينات التنظيمية، ومتواجدة في أعلى الهرم القيادي للحزب، وعلى الأغلب ما من دور يمارسه الإصلاح إلا وللتنظيم النسائي في الحزب مشاركة فيه، على سبيل المثال؛ شاهدنا تمثيلاً لعضوات إصلاحيات في وفود رسمية تمثل «الإصلاح» في مؤتمرات ولقاءات خارجية ومن بينها أممية، وقبلها شاركت ممثلات «الإصلاح» في مؤتمر الحوار الوطني في لجنة صياغة وإعداد الدستور اليمني.
هل أنجزت المرأة في مجال الدعوة داخل حزب الإصلاح؟ وهل هناك انتقادات توجه إليها من قواعد الحزب؟
– العمل الدعوي في «الإصلاح» معرّف بنشاط التوجيه والإرشاد، وهو أحد المهام الأساسية لكثير من الأحزاب اليمنية، ونحن في الإصلاح وفي القطاع النسائي للحزب على وجه التحديد نوليه أهمية باعتباره بوابة رئيسة للإصلاحات المجتمعية، وقد حققنا الكثير من الإنجازات التي ثمارها الآن واضحة، هذا العمل مر بمراحل متعددة، في البداية كان التركيز والاهتمام منصبين في الجانب الفكري والتعليمي والثقافي، واستطعنا تصحيح الكثير من المفاهيم المخالفة لمبادئ الدين الإسلامي، وقواعد الإنسانية، مثل فكرة الاستعلاء والاصطفاء والتمييز العرقي.
المرأة في «الإصلاح» صوت مسموع ونموذج للمشاركة والقيادة
في مراحل لاحقة، أصبح العمل الدعوي يحقق إنجازات في المجالات الاجتماعية وغيرها من المجالات، بالإضافة إلى المجالات السابقة التي انطلق منها، والمرأة بالطبع كانت عنصراً فاعلاً في كل المراحل والإنجازات.
بالنسبة للانتقادات، نعم نلقى انتقادات وهي موجودة في كل عمل، كونها ضرورية لتصويبه وتجويده، ما يصلنا من انتقادات هي في الحقيقة مطالب لتوسيع قطر الدائرة التي نعمل فيها، وهذا واجبنا، لكن التحديات أمامنا كثيرة.
ما التوصيات والأفكار الجديدة التي يمكن طرحها لتعزيز دور المرأة في الحركات الإصلاحية؟
– تطلعات المرأة اليمنية عموماً ورغبتها في المساهمة القوية في مجالات الحياة العامة عامل إيجابي، وننظر إلى هذا الدور التي هي متحمسة لممارسته كركيزة أساسية نعتقد أنها ستكون عاملاً حاسماً في تحقيق السلام باليمن، وستساعد على الانطلاق نحو بناء وطننا الذي أنهكته الحروب.
هل الحزب يراعي المفاهيم الدولية حول المرأة ويحاول تطوير دورها وفقاً لهذه المفاهيم؟
– بالتأكيد، نحن نراعي كل المفاهيم التي تصب في صالح المرأة، الإصلاح ملتزم بالعمل ضمن منظومة من القيم والأخلاق والمبادئ السياسية والقانونية والحقوقية، تشكل إطاراً لمن أراد أن يكون فاعلاً في مسرح الأحداث العامة، وهذا لا يعني أننا نقفز على واقعنا، هناك خصوصية محلية بالطبع لكل قطر وبلد في العالم، ولدينا في الإصلاح قدرة على المواءمة بين المفاهيم الدولية والخصوصية المحلية بما لا يخل بأحدهما، في مؤتمر الحوار الوطني قدم الإصلاح قرابة 30% من النساء ضمن قائمة ممثليه في المؤتمر الذي استمر أكثر من عام، وناقش معظم القضايا الساخنة، ومثلت مخرجاته قاعدة متينة لبناء الدولة.
ما البرامج الحالية التي وضعها الحزب لنشاطات المرأة؟
– الحزب الآن يقوم بعملية ديمقراطية ويعيد تشكيل كثير من فروعه التنظيمية المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، من خلال الانتخابات الداخلية، وهي استحقاق تنظيمي وفق اللائحة الداخليةلـ«لإصلاح».
العمل الدعوي النسائي بوابة للإصلاحات المجتمعية
المرأة حاضرة في هذه العملية ومساهمة بفاعلية، القطاعات النسائية اختارت بنفسها قياداتها في كل المحافظات التي تمت فيها هذه الانتخابات، وبالطبع هذا الأمر ينسحب على المديريات.
ماذا فعلت المرأة في حزب الإصلاح لمواجهة تداعيات وآثار الحرب الأهلية الدائرة الآن في اليمن؟
– قبل أن نتحدث عن ماذا قدمت المرأة، دعنا نتحدث عن الضرر الذي لحق بالمرأة بسبب هذه الحرب، ويمكن أن نصنفها صنفين:
الأول: الأضرار التي طالت المرأة بشكل مباشر، حيث تم استهدافها بالقتل والسجن والمطاردة ونهب الحقوق، والتضييق عليها في العمل والوظيفة والدراسة والحركة.
الثاني: هو ما تضررت منه بشكل غير مباشر نتيجة قتل أو سجن أو تشريد أحد أقاربها، الزوج أو الأب أو الابن أو الأخ.. وهناك كانت المرأة ضحية بالنتيجة.
انعكس كل هذا على حالتها النفسية والصحية والاجتماعية، نحن نبذل جهوداً كبيرة للتخفيف من هذه الحالة، وانعكاساتها على المرأة اليمنية، وننشط في الجانب الحقوقي أيضاً، ضمن حزمة من الأنشطة لحماية المرأة من الاستهداف، ورفع الظلم عنها، ونتواصل مع منظمات حقوقية معنية في الداخل والخارج، ونسهل عملها بما يحقق هدفنا في حماية المرأة اليمنية.