الإسراف والتبذير سلوكان مذمومان في الإسلام، ويعتبران من الذنوب التي نهى الله عنها، وحذر منها رسوله صلى الله عليه وسلم، فالإسراف يعني الإنفاق الزائد عن الحد في الأمور الحلال، بينما التبذير يعني الإنفاق فيما هو حرام أو بدون فائدة مقابلة، ويشير القرآن الكريم إلى أن الإسراف والتبذير يؤديان إلى الهدر والفساد في الأموال والموارد.
في شهر رمضان، يكثر الإسراف والتبذير في الأطعمة والمشروبات، حيث يتم إعداد موائد ضخمة وإفراط في التنوع والكميات دون النظر إلى الحاجة الحقيقية أو الاعتدال في الإنفاق، هذا السلوك يخالف الروح الحقيقية لرمضان التي تشمل العبادة والتقرب إلى الله والتضامن مع المحتاجين والفقراء.
وتحذر العديد من الدراسات الطبية من أخطار الإسراف في تناول الطعام خلال رمضان، حيث يمكن أن يؤدي التناول الزائد والسريع للطعام إلى مشكلات صحية مثل اضطرابات الجهاز الهضمي وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم، فيجب على الصائمين أن يتجنبوا الإسراف في تناول الطعام، ويفضل الاعتدال والتوازن في الإفطار والسحور لتجنب المشكلات الصحية.
علماء الشريعة يؤكدون أن الإسراف والتبذير يعتبران من الذنوب الكبيرة، ويحثون المسلمين على الاعتدال والتوازن في الإنفاق، وتجنب الإسراف في جميع الأمور، بما في ذلك الطعام والشراب، لذلك يجب على الصائمين أن يكونوا متواضعين في اختيار الأطعمة والمشروبات.
وقد حض أستاذ الشريعة د. عجيل النشمي، في حسابه على موقع «إكس»، على عدم الإسراف، مشيراً إلى أن ما يكثر في شهر رمضان هو إعداد الكثير من الأصناف، وفي النهاية الكثير منها يرمى في سلات القمامة؛ لذا يجب على الإنسان الاقتصاد، وأن يقدم هذه الأطعمة للعمال والفقراء.
فيما قال المحامي والقانوني أنور الطبطبائي، في حسابه عبر منصة «إكس»، نحتاج حملة شعبية يشارك فيها المؤثرون في «السوشيال ميديا» للحد من الإسراف والتبذير والمباهاة في مناسبات رمضان المتنوعة، وتوجيه الناس بالبساطة وعدم التكلف، وإنفاق أموالهم لهذه المناسبات للفقراء والمساكين فهم أولى بها، والله يبارك ويزيد من فضله لمن يشكر نعمته على الوجه الصحيح.
فيما يؤكد د. محمد البراك أن الإسراف والتبذير من السلوكيات الشرعية المحظورة التي نهى الله تعالى عنها، يستند ذلك إلى الآيات القرآنية التي تحث على ضبط النفس وعدم الإسراف في الطعام والشراب، مثل قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: 31)، وقوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً {26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) (الإسراء).
وأشار البراك إلى أن الإسراف يشير إلى الإنفاق الزائد عن الحاجة، بينما التبذير يعبر عن الإنفاق في غير محله وفي أمور معصية، تحث هذه الآيات على الاعتدال في الإنفاق وضبط النفس في استهلاك الطعام والشراب، كما ورد في السُّنة النبوية، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالاعتدال في الأكل والشرب وفي الاستهلاك بشكل عام، مشيرًا إلى أن الإسراف والتبذير من الخصال المذمومة، علينا أن نتجنب الإفراط في الولائم والتباهي بالطعام والشراب، خاصة في رمضان، الذي يجب أن يكون موسمًا للعبادة والتقرب إلى الله.
وتابع البراك: ينبغي لنا أن نتجنب مظاهر الإسراف في الشهر الكريم، مثل التسوق الزائد، والشراء بكميات كبيرة من الطعام والشراب والملابس، فرمضان ينبغي أن يكون فرصة للتقرب إلى الله وزيادة الوعي بحقوق المحتاجين والمساكين، وليس فرصة للتباهي والإسراف في الاستهلاك.