في معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي، حيث يتبوأ العلم والحوار مكانتهما الرفيعة، عُقدت ندوة مميزة تحت عنوان «رحلة في عالم الإسلاموفوبيا.. من الظاهرة إلى الفهم والتداعيات»، حيث تم استقطاب أبرز العقول لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة التي تطفو على سطح الحوادث والتطورات في عالمنا اليوم.
في بداية المناقشة، قدّم د. طلال الخضر قصة مُؤثرة عن كيفية انتشار مصطلح «الإسلاموفوبيا»، وكيف أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وتحدث عن جذور هذه الظاهرة المرعبة وعن الأحداث التي أدت إلى انتشارها، بما في ذلك صراع الحضارات وما تلا ذلك من حروب وصراعات.
ومن خلال كلمته، قدم د. الخضر نظرة عميقة إلى التاريخ والسياسة، مبيّنًا كيف أن «الإسلاموفوبيا» لم تكن ناتجة فقط عن الأحداث العالمية، بل كانت أيضًا نتيجة لمفاهيم مسبقة وتحيّزات ثقافية ضد الإسلام والمسلمين.
لكن لم يكن د. الخضر وحده في هذه الرحلة، فقد انضم إليه د. إبراهيم العدساني، الذي جلب معه الحماس والتحفيز، مؤكدًا أهمية مكافحة هذه الظاهرة على جميع المستويات، سواء كانت من خلال الحكومات أو المنظمات غير الحكومية.
«الإسلاموفوبيا» صناعة
فقد قال أستاذ العلوم السياسية في كلية القانون العالمية د. طلال الخضر: إن مصطلح «الإسلاموفوبيا» شاع وتضخم في حقبة ظهرت فيها ما يسمى بأطروحة «صراع الحضارات بين الإسلام والغرب»، خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من حروب، مشيراً إلى أن تلك الحقبة شهدت ظهور حركات مسلحة ذات خلفية متطرفة؛ مما أدى إلى انفجار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي ترى أن الإسلام لم يعد تهديداً للحضارة والثقافة الغربية، بل أصبح يرى بأنه تهديد سياسي وديني.
وبين أن «الإسلاموفوبيا» امتداد للاستشراق الذي يحمل تحيزاً عاماً ضد العرب ومن حولهم، ثم ظهر هذا المصطلح ليخصص هذا التحيز ضد الإسلام تحديداً والمسلمين، مشيراً إلى أن تعريف الأمم المتحدة لهذا المصطلح بأنه «الخوف أو كراهية الإسلام والمسلمين بشكل غير مبرر والتحامل أو التحيز ضد أشخاص أو جماعات بسبب هويتهم الإسلامية مما يؤدي إلى الإساءة أو العدوان اللفظي أو الجسدي عليهم أو إقصائهم أو تهديدهم سواء كانوا أفراداً أو جماعات».
وقال: إن «الإسلاموفوبيا» صناعة تنظمها مؤسسات ومراكز دراسات وشبكات إعلامية، وهو نتيجة طبيعية لمشاهد الإبادات الجماعية في غزة التي تسترخص الدم العربي، ونتيجة حتمية لتصريحات سياسيين صهاينة التي تنزع عن الفلسطينيين الصفة الإنسانية، كما أنها وصلت حداً لا يُطاق، واختتم قائلاً: «الإسلاموفوبيا» أراقت دم وديع الفيومي (6 سنوات) بـ26 طعنة في بيته بأمريكا.
ظاهرة منتشرة
من جانبه، قال عضو مجلس إدارة جمعية النجاة الخيرية د. إبراهيم العدساني، خلال الندوة: إن «الإسلاموفوبيا» ظاهرة منتشرة وآخذة بالازدياد وتعززها المفاهيم الخاطئة التي ينشرها الإعلام الغربي ما نتج عنها أعمال إجرامية ضد المسلمين.
وأكد العدساني ضرورة مكافحة هذه الظاهرة على كل المستويات عبر الحكومة وجمعيات النفع العام لنشر التوعية والمفاهيم الصحيحة ومواجهة هذا المفهوم المتطرف.
وقد حضر الندوة مساعد وزير الخارجية لشؤون المعهد السفير ناصر الصبيح، وعدد من رؤساء البعثات الأجنبية والدبلوماسيين.