لا يجد القلب المسلم سعادة تعدل سعادته حين يقال له: «لقد بنى الله لك بيتاً في الجنة»، وإن الناظر في سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد أنه ذكر هذه الجملة في عدد من أحاديثه كثواب وجزاء على بعض العبادات التي يقوم بها المسلم، فما أهم العبادات التي إذا فعلها المسلم بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة؟
أولاً: الإيمان بالله ورسوله والهجرة والجهاد في سبيله:
في سنن النسائي عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَنَا زَعِيمٌ، وَالزَّعِيمُ الْحَمِيلُ، لِمَنْ آمَنَ بِي وَأَسْلَمَ وَهَاجَرَ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَأَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي وَأَسْلَمَ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَبًا، وَلَا مِنَ الشَّرِّ مَهْرَبًا، يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَمُوتَ».
ثانياً: الحرص على طاعة الله ورسوله:
في صحيح البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَفَزِعَ، فَقَالَ: «مَنْ أَصْحَابُ هَذِهِ الْقُبُورِ؟»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَاسٌ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ»، قَالُوا: وَمِمَّ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنِ اللَّهُ هَدَاهُ، قَالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَمَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهَا، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ فِي النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بَيْتُكَ كَانَ لَكَ فِي النَّارِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَكَ وَرَحِمَكَ، فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ».
ثالثاً: المحافظة على صلاة 12 ركعة في اليوم والليلة غير الفريضة:
في صحيح مسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ»، قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وفي سنن النسائي بيان لوقت صلاة هذه الركعات، فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صَلَّى فِي يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ، رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ- أَظُنُّهُ قَالَ: قَبْلَ الْعَصْرِ- وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ- أَظُنُّهُ قَالَ: وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ».
رابعاً: بناء مسجد لله تعالى:
ففي صحيح البخاري ومسلم عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا للَّهِ تَعَالَى بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»، ولا يشترط في هذا المسجد أن يكون كبيراً أو يبنيه وحده، بل له الأجر حتى ولو كان كمفحص قطاة؛ يعني بحجم ما تحفره اليمامة في الأرض، ففي مسند الإمام أحمد عَنِ عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَنَى للَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ».
خامساً: الصبر على الابتلاء في سبيل الله:
أخرج الحاكم في المستدرك عن سيدنا سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تُعَذَّبُ بِالشَّمْسِ، فَإِذَا انْصَرَفُوا عَنْهَا أَظَلَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَكَانَتْ تَرَى بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ».
سادساً: حسن الخلق وترك الجدال والكذب:
روى أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ».
سابعاً: الصبر على مصيبة فقْد الولد:
في سنن الترمذي عَنْ سيدنا أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ».
ثامناً: الدعاء عند دخول السوق:
في سنن الترمذي عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ فِي السُّوقِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ».
تاسعاً: الدعاء عند النوم:
في مسند الإمام أحمد عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اضْطَجَعَ الرَّجُلُ فَتَوَسَّدَ يَمِينَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي، وَفَوَّضْتُ إِلَيْكَ أَمْرِي، وَأَلْجَأْتُ إِلَيْكَ ظَهْرِي، وَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ وَجْهِي، رَهْبَةً مِنْكَ، وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، وَبَاتَ عَلَى ذَلِكَ، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ، أَوْ بُوِّئَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ».
عاشراً: من قام بتنظيف المسجد:
في سنن ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أخرج أذى من المسجد بنى الله له بيتاً في الجنة».