شهد السودان تحولات جذرية في سياساته الخارجية على مر العقود، فبعد فشل انقلاب هاشم العطا (الشيوعي) في يوليو 1971م، اتجه السودان نحو الغرب، خاصة مع توجه مصر نحو الغرب في السبعينيات، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991م، أصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة، وهيمنت على السياسة الدولية، متبعةً رؤيتها الأحادية وإشعال الحروب، كما حدث في العراق وأفغانستان، وفصل جنوب السودان، وتعقيد قضية الشرق الأوسط بدعمها الكامل لـ«إسرائيل».
أدى هذا التغير في السياسة الدولية إلى خلق توازنات جديدة، حيث سعت الدول إلى تعزيز علاقاتها مع القوى العالمية الجديدة مثل روسيا والصين لمواجهة الهيمنة الغربية، في هذا السياق، تأتي أهمية العلاقات السودانية – الروسية.
الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية
يقع السودان في شمال شرق أفريقيا، ويعد نقطة ربط إستراتيجية بين الغرب والجنوب والشمال، وله ساحل يمتد على البحر الأحمر، يتمتع السودان بمساحة زراعية كبيرة، ويعبره نهر النيل من الجنوب إلى الشمال، بينما يجري النيل الأزرق من الجنوب الشرقي قادمًا من إثيوبيا ليصل إلى الخرطوم.
يمتلك السودان ثروة حيوانية ضخمة وموارد طبيعية غنية تشمل الذهب، الكروم، الفضة، الأسبستوس، النحاس، الحديد، اليورانيوم، واحتياطيات من الغاز الطبيعي والبترول، لم يتم استغلال هذه الموارد بشكل كافٍ بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني ونقص الدعم.
نموذج التعاون مع الصين
عندما فرضت الولايات المتحدة حصاراً اقتصادياً على السودان في التسعينيات، اتجهت الحكومة السودانية لتعزيز علاقاتها مع الصين، التي قدمت عروضاً لاستغلال النفط السوداني بنظام التمويل طويل الأمد؛ مما فتح للصين أبواب القارة الأفريقية، هذا التحالف كان نموذجاً للتعاون بين الدول النامية والاقتصادات الصاعدة.
روسيا بعد بوتين
مع وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة في روسيا عام 2000م، تغيرت السياسة الروسية من كونها دولة ضعيفة إلى دولة تسعى لاستعادة مكانتها كقوة عظمى، ترى روسيا في السودان شريكاً إستراتيجياً في مشروعها للعودة إلى مسرح القوى العالمية كقطب ثان، ودخول روسيا إلى السودان يمكن أن يفتح لها أبواب أفريقيا اقتصادياً وأمنياً.
فرص التعاون بين السودان وروسيا
1- المجال الاقتصادي: السودان يحتاج إلى الاستثمارات الروسية في استخراج موارده المعدنية، بما في ذلك الذهب والبترول، كما يمكن لروسيا أن تقدم خبراتها في تطوير البنية التحتية.
2- التقنية الزراعية: يمكن لروسيا أن تسهم في تطوير الزراعة السودانية من خلال توفير التقنية الزراعية المتقدمة.
3- المجال الصحي والتعليمي: يمكن لروسيا تقديم المساعدة في بناء القدرات الصحية والتعليمية من خلال تقديم الخبرات والتدريب.
4- المجال العسكري: يمكن لروسيا تقديم الدعم العسكري للسودان في ظل النزاعات الداخلية.
5- الدعم السياسي والدبلوماسي: يمكن لروسيا تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي للسودان في المحافل الدولية.
التحديات المستقبلية
1- التغيرات السياسية في السودان: يعتمد التعاون على استقرار الأوضاع السياسية في السودان.
2- التنافس الدولي: تزايد التنافس الدولي على أفريقيا قد يعيق تعزيز العلاقات السودانية – الروسية.
3- المشكلات الاقتصادية الداخلية: يعاني السودان من مشكلات اقتصادية مثل التضخم والبطالة.
4- العقوبات الدولية: استمرار العقوبات الاقتصادية على روسيا قد يؤثر على قدرتها على الاستثمار في السودان.
تتجه العلاقات السودانية – الروسية نحو تعزيز الشراكة الإستراتيجية في المستقبل، بناءً على المصالح المشتركة، لتحقيق الفائدة القصوى من هذه الشراكة، يجب على البلدين التغلب على التحديات الموجودة وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي.
_____________________
1- “The Geopolitical Importance of Sudan in Africa,” African Affairs Journal, 2023.
2- “Russia’s Foreign Policy in Africa: Interests and Strategy,” International Relations Review, 2022.
3- “Sudan’s Economic Challenges and Opportunities for Growth,” Economic Development Quarterly, 2023.
4- “China’s Engagement in Africa: A Model for Russian-Sudanese Cooperation,” Global Economic Studies, 2021.
5- “The Role of Natural Resources in Sudan’s Future,” Journal of African Studies, 2022.