رجح محللون سياسيون فلسطينيون أن قطاع غزة قد يدفع ثمن حملة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في مارس المقبل، عبر ما وصفوه بـ”إحماء الجبهة الميدانية للقطاع
رجح محللون سياسيون فلسطينيون أن قطاع غزة قد يدفع ثمن حملة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في مارس المقبل، عبر ما وصفوه بـ”إحماء الجبهة الميدانية للقطاع”.
وأشار هؤلاء إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة بحق سكان غزة، والتي أودت بحياة فلسطينيين اثنين منذ بدء سريان اتفاقية التهدئة والاستهدافات المتكررة للصيادين والمزارعين، علاوة على المماطلة المتعمّدة في إعادة إعمار القطاع بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، تعتبر جزءا واضحا من حملة نتنياهو الانتخابية.
ورجحوا تطور الوضع الميداني في غزة، وأن يشهد القطاع، الذي يسكنه نحو 1.9 مليون فلسطيني، تصعيدا إسرائيلياً بإتباع سياسية “الفعل ورد الفعل”، معتبرين أن تلك السياسة التصعيدية هي عودة واضحة إلى الوضع الذي شهده القطاع، قبيل الحرب التي شنّها الكيان الصهيوني في السابع من يوليو الماضي، وأودت بحياة أكثر من ألفي فلسطيني، وأصابت ما يفوق 11 ألف بجروح، فضلا عن الدمار المادي الواسع.
وقبيل ظهر أمس، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عن مقتل أحد عناصرها برصاص الجيش الإسرائيلي جنوبي غزة.
وأقر الجيش الإسرائيلي بقصف أهداف في غزة من الجو، وبقذائف المدفعية، ردا على ما أسماه بـ “الاعتداء الذي استهدف قواته شرق الجدار الأمني جنوب القطاع، ظهر أمس الأربعاء، من داخل حدود غزة”.
وتوعد نتنياهو، في بيان أمس، بأن إسرائيل سترد “بقوة على أي محاولة لخرق الهدوء الذي تم تحقيقه في الجنوب (غزة) بعد عملية الجرف الصامد”، وهو المسمى الإسرائيلي للحرب الأخيرة على القطاع.
وفي هذا الصدد، قال وليد المدلل، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، إن “الجانب الإسرائيلي وحكومة نتنياهو تمرّ بفترة حاسمة وهي فترة الانتخابات، وقد يدفع قطاع غزة ثمن حملة نتنياهو الانتخابية”.
وتابع أن “الانتخابات الإسرائيلية القادمة تمثل مجالا للمنافسة والمزايدة (بين الأحزاب المتنافسة)، وفي كل مرة يعتبر استهداف غزة مادة إعلامية تتحول إلى مجال للتنافس الانتخابي”.
ويرى المدلل أن “نتنياهو يسعى جاهدا لتسخين الجبهة الداخلية في غزة.. ويبرز ذلك من خلال الانتهاكات المتكررة بحق الصيادين والمزارعين، ومقتل فلسطينيين خلال فترة التهدئة بين الفصائل والجانب الإسرائيلي، والغارتين اللتين شنتهما الطائرات الإسرائيلية مساء الجمعة الماضية”.
واستطرد الأكاديمي الفلسطيني قائلا، إن “تشكيل الحكومة المقبلة، والتي من المفترض أن تجمع بين الإطارين السياسي والعسكري كما يرى مراقبون عسكريون إسرائيليون، يعد دلالة على أن الحكومة القادمة تسعى إلى إثبات قدرتها على التعامل مع غزة من الناحية العسكرية”.
وأضاف أنه انطلاقا من هذا الدليل “نتوقع أن يقدم الجيش الإسرائيلي، خلال الحملة الانتخابية، على عمل عسكري محدود ضد غزة، ولا يمكن تحديد ماهية ذلك العمل، لأن هناك احتمالية لتدحرج الوضع الميداني، ولذلك لا يمكن التنبؤ به”.
ومن وجهة نظر المدلل فإن “قطاع غزة، وملف القضية الفلسطينية، سيدفعان ثمن حملة نتنياهو الانتخابية، فالناخب الإسرائيلي يبحث عن ضمانات على توفير الأمن له بشكل يتجاوز احتياجاته الاجتماعية والاقتصادية”.
ومؤخرا، حذّرت حركة “حماس”، في بيان، من أن يكون التصعيد الإسرائيلي، جزءا من حملة نتنياهو الانتخابية. وتعتبر إسرائيل حماس “منظمة إرهابية”، وتحاصر غزة منذ أن فازت الحركة بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.
واتفق مع هذا الطرح المحلل السياسي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية في غزة، هاني البسوس الذي قال إن: “قطاع غزة بالفعل سيدفع ثمن حملة نتنياهو الانتخابية، وما قتل فلسطينيون في غزة، وشنّت غارات ضد أهداف في القطاع، إلا لتكون بداية لتلك الحملة”.
وتابع أن “رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي (نتنياهو) يعيش في مأزق حقيقي بعد فشل الحرب التي شنّها على غزة”.
ورجح البسوس أن “يكون هناك تنافس لتسخين الجبهة في غزة لكي يثبت المتنافسون الإسرائيليون للناخب الإسرائيلي أن حكومة كل منهم (في حال فوزه وتشكيله الحكومة) لديها قوة عسكرية رادعة”.
واستطرد قائلا إن “نتنياهو سيتبع أسلوب الفعل ورد الفعل، الذي كان يتبعه الجيش الإسرائيلي قبيل الحرب الأخيرة، لإيصال رسائل للمقاومة الفلسطينية بأن إسرائيل جاهزة للقيام بعملية (عسكرية) جديدة”.
لكن المحلل السياسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، استبعد أن يشهد قطاع غزة تصعيداً عسكرياً كبيرا كجزء من الحملة للانتخابات الإسرائيلية المبكرة.
وتابع أبو سعدة: “خلال حرب الـ51 يوماً على غزة، لم يملك نتنياهو حلاً عسكرياً للقضاء على المقاومة، وذلك الحل لن يجده اليوم لو اتبع الأسلوب ذاته في حملته الانتخابية”.
ورجح أن “ثمن حملة نتنياهو الانتخابية، الذي سيدفعه قطاع غزة، سيكون ضمن سياسة الفعل ورد الفعل، أي أن الجانب الإسرائيلي سيسعى إلى استفزاز المقاومة عسكرياً للحصول على حجّة لضرب القطاع، وهو ما سيعتبره الجانب الإسرائيلي رد فعل”.
وختم أبو سعدة حديثه باحتمال أن “يلجأ الجانب الإسرائيلي إلى تسخين جبهته مع الجانب السوري، لكونه الحلقة الأضعف، لاسيما في ظل انشغاله (نظام بشار الأسد في سوريا) بالأحداث الداخلية، وعدم وجود رد سوري إزاء الغارات الجوية الإسرائيلية السابقة على أهداف في سوريا”.
جدير بالذكر أن منذ عام 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عاماً من حكم عائلة الأسد، وإقامة نظام ديمقراطي يتم فيها تداول السلطة. غير أن نظام بشار الأسد اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى معارك دموية بين القوات النظامية وقوات المعارضة، ما تزال مستمرة حتى اليوم، وأودت بحياة أكثر من 200 ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.