ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة حديثة وسهلة للتواصل بين الأصدقاء في مختلف دول العالم، لكن الشباب العربي كيَّفها حسب احتياجاته المختلفة، فمع انطلاقة شرارة “الربيع العربي” في تونس حوَّل الشباب العربي تلك المواقع من ساحة للتواصل الاجتماعي إلى وسيلة للحشد الثوري والسياسي؛ بهدف إسقاط وتغيير أنظمة الحكم العربية، وأطلق حينها على ثورات الشباب من قبل المحليين بثورات “الفيسبوك” وثورات “الفضاء الإلكتروني”.
في اليمن، لجأ عدد من الشباب اليمني إلى مواقع التواصل الاجتماعي لممارسة العمل الخيري والإنساني، عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وإغلاقهم العديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية وتردي الحالة المعيشية في أوساط المواطنين في معظم أحياء العاصمة صنعاء، بعد أن تسبب الحوثيون في إيقاف عمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية والتنموية داخل المدينة تحت مبرر أنها تتبع لحزب التجمع اليمني للإصلاح والذي تعتبره الجماعة عدوها اللدود.
وتنشط مجموعات من الشباب عبر مواقع التواصل مثل “فيسبوك” لجمع التبرعات؛ بهدف مساعدة بعض الفقراء أو المصابين بأمراض تحتاج تكاليف عالية لعلاجها، والمتواجدين في الأحياء والمدن التي يعيشون فيها، وذلك من خلال طرح قصص معاناتهم في مواقع التواصل ودعوة روادها إلى مساعداتهم.
وسيلة عصرية وتفاعل متفاوت
نادية عبدالله، وهي ناشطة وعضو مؤتمر الحوار، تنشط في مجال العمل الخيري والإنساني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تروي لنا قصة عملها الخيري عبر مواقع التواصل؛ حيث تعتبر هذه المواقع طريقة مناسبة لتسهيل الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع، ورجال المال والأعمال والمسؤولين الحكوميين.
تعمل نادية على عرض الحالة بمنشور قصير في “الفيسبوك” لتنتظر تفاعل المتابعين لها.. تقول: يتم التفاعل مع منشوراتي في هذا الشأن بشكل متفاوت، حيث أتحدث عن الحالات الموجودة في المدينة التي أسكنها وحسب؛ ولأنها معروفة لدى كثير من الناس، تجد تفاعلاً مع الكثير من الحالات التي تطلب التبرع لها.
تضيف: يتم تحويل المبالغ المالية من قبل المتبرعين باسمي، وبدوري أقوم بإيصالها للحالة، ثم أكتب تقريراً عن الحالة، مشيرة إلى إحدى الحالات وهي أسرة لديها أيتام مصابون بالعمى، حيث جمعت لهم التبرعات لصالح بناء منزل لهم، كما أن قيامها بتوثيق كل تفاصيل عمليات البناء والشراء للمتبرعين ساعد في زيادة الثقة.
وحول الأخطار التي تصادفها بسبب الوضع الأمني، لاسيما وهي ناشطة في المجال السياسي والمعارض لجماعة الحوثي، تقول نادية عبدالله: هنالك الكثير من الأخطار تعترضنا بسبب نشاطي السياسي، وأيضاً بسبب الوضع الأمني الراهن الذي نتج عنه غياب مؤسسات الدولة الأمنية.. مع ذلك، نصر على الاستمرار في العمل، لتخفيف معاناة من نستطيع من الفقراء الذين زاد وضعهم خاصة منذ الانقلاب على السلطات الشرعية.
سهولة الوصول ومخاوف من عمليات نصب
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي المتخصص في القضايا المجتمعية همدان العليي، أن وسائل الإعلام الاجتماعي تعتبر إحدى الوسائل التي تساعد على جمع التبرعات والمساعدات لمن يحتاجها، كونها تعمل على تسهيل وصول المعلومات سواء كانت صورة أو أرقاماً أو فيديو يمكن من خلالها التأكد ممن يريدون المساعدة من الحالات الفقيرة أو التي تحتاج لمساعدة.
وأضاف العليي أن الأمر لا يخلو من عمليات النصب في أحيان كثيرة، حيث يقوم بعض الشباب باستخدام بعض الصور واختلاق بعض القصص؛ بهدف جمع المساعدات من الميسورين والذين يكونون في الغالب خارج اليمن، ليكون ذلك سبباً عدم وصول هذه المساعدات لمن يستحقها.
وأشار العليي إلى أن تلك الممارسات لا تلغي إيجابيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المساعدات ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وبإمكان أي متبرع أن يتخذ إجراءات معينة تضمن وصول تبرعاتهم للمحتاجين، مؤكداً وجود نماذج كثيرة ناجحة.
وكانت مليشيات جماعة الحوثي قد أغلقت عدداً من المؤسسات والجمعيات الخيرية عقب سيطرتهم على العاصمة صنعاء 21 سبتمبر 2014م؛ ما ضاعف من أزمة المعيشة لدى السكان في معظم محافظات اليمن، خاصة الأسر الفقيرة التي تعتمد أساساً على المساعدات المقدمة من هذه الجمعيات.