يعتقد محللون يمنيون أن مؤتمر مانحي اليمن الذي عقد، أمس الثلاثاء، في جنيف بدعوة من سويسرا والسويد، وبرعاية الأمم المتحدة، ومشاركة الحكومة اليمنية والدول الداعمة، كان سياسياً في رسائله وإن تغطى برداء إنساني، وحمل تحذيرات للسلطة الشرعية والتحالف العربي من شن عملية عسكرية لتحرير ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح.
ويطالب يمنيون كثر بتحويل مبالغ المساعدات إلى البنك المركزي في عدن ليتسنى للحكومة اليمنية الإيفاء بدفع رواتب الموظفين في كافة مناطق البلاد، حتى يتمكن المواطنون من تجاوز حالة الفقر والعوز والجوع، بدلا من ذهابها إلى المنظمات الأممية التي تفشل في إيصالها إلى مستحقيها، بل وتستولي على معظمها مليشيا الانقلاب.
ونجحت الأمم المتحدة في جمع مليار ومائة مليون دولار من المانحين الدوليين، وهو نصف المبلغ الذي كانت دعت إلى الحصول عليه لدعم خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2017م، وسيذهب المبلغ إلى حساب المنظمات الأممية التي تنفذ أعمال الإغاثة في اليمن.
منبر سياسي
ويعتقد الباحث السياسي ياسين التميمي أن مؤتمر جنيف مصمم لإعادة فرض الخيار الأممي في التعاطي مع الأزمة والحرب في اليمن، بعد أن وصلت مهمة تسيير العملية السياسية من قبل الأمم المتحدة إلى طريق مسدود.
وقال التميمي في حديث لـ”الجزيرة نت”: إن مؤتمر جنيف جاء كمنبر سياسي صارخ هدفه هو توجيه الأنظار إلى تدخل التحالف العربي الداعم للشرعية باليمن، وجلب المزيد من الضغط والتأييد لإبقاء ميناء الحديدة والساحل الغربي تحت نفوذ مليشيا الحوثي.
ورأى أنه من المعيب تجزئة دور التحالف العربي، الذي يمارس هيمنة عسكرية على اليمن، ويبقي الباب مفتوحاً للمنظمات لابتزاز السلطة والتحالف العربي من زاوية العمل الإنساني.
وأشار التميمي إلى أن التحالف العربي هو أكبر ممول للأعمال الإنسانية والإغاثية باليمن، وما كان الأمر يستدعي فتح مزاد مثير في جنيف، لأن هذا الأمر فتح الباب لمحاكمة التحالف أكثر من كونه مناسبة لجمع التبرعات لصالح اليمن.
من جهته، رأى الباحث الاقتصادي محمد الجماعي أن مؤتمر المانحين كشف بوضوح الحصار الذي تتعرض له حكومة الشرعية من قبل أطراف في المجتمع الدولي، وهي التي تريد أن تبقي الصراع بالوكالة في اليمن على أشده.
وقال: إن خروج مؤتمر جنيف بنصف المبلغ الذي دعت إليه الأمم المتحدة له علاقة بالدور الضعيف الذي تمارسه في اليمن وفشلها في إيصال المساعدات إلى محتاجيها، خاصة بالمناطق المحاصرة وتحديدا تعز، ولضعف ثقة المانحين الدوليين في الأمم المتحدة وفشلها في إنهاء أزمة الانقلاب على الشرعية باليمن.
وأضاف الجماعي في حديث لـ”الجزيرة نت”؛ أن فشل الأمم المتحدة يبدو واضحاً من ضعف قدرتها على إيصال المساعدات الأممية إلى المدن المحاصرة والمناطق المهددة بشبح المجاعة، خاصة في محافظة الحديدة التي تصر المنظمة نفسها على بقاء مينائها تحت قبضة الانقلابيين وتحذر الشرعية من تحريره.
مسارات آمنة
ورغم الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه المواطن اليمني وحاجته الماسة إلى المساعدة لينجو من شبح المجاعة الوشيكة، فإن كثيراً من المساعدات التي نقلت عبر منظمات الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين استولت عليها مليشيا الحوثي وصالح.
وتتهم الحكومة اليمنية منظمات الأمم المتحدة بالفشل خلال عامين في إيصال الإغاثة والمساعدات إلى المناطق المحاصرة خصوصاً مدينة تعز.
وقد كان آخرها الأسبوع الجاري حيث استولى الحوثيون على مائتي شاحنة تحمل أطنانا من الإغاثة الإنسانية والطبية والأدوية كانت في طريقها إلى تعز المحاصرة عبر ميناء الحديدة الذي تسعى الشرعية لتحريره من قبضة مليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وأشار رئيس وزراء اليمن أحمد عبيد بن دغر خلال مشاركته بمؤتمر جنيف إلى مسؤولية انقلاب الحوثي وصالح عن مأساة اليمنيين الحالية، مؤكداً أنها الحقيقة العارية التي لا تقبل الزيف أو المراوغة وإن كان البعض لا يقبلها.
وقال ابن دغر: إن تعز المدينة الأكبر في اليمن بعد العاصمة صنعاء تعاني الحصار والقصف المستمر منذ سنتين، وما زالت الصواريخ البالستية الإيرانية الصنع تطال معظم المدن اليمنية.
وأضاف أن كل ذلك له سبب أول وأساسي وجذري هو الاعتداء على الدولة والشرعية والإجماع الوطني، إن مأساتنا بدأت هنا، وتنتهي بانتهاء هذه الأسباب.