قالت صحيفة “واشنطن بوست”: إن جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في عزل تركيا وإخضاعها باءت بالفشل، حيث لم تفرج أنقرة حتى الآن عن القس الأمريكي المحتجز، أندرو برونسون، رغم العقوبات الأمريكية والتهديدات العلنية.
وذكر تقرير للصحيفة أن ترمب عندما حاول الضغط على تركيا هذا الشهر للإفراج عن القس الأمريكي أندرو برانسون، كان يراهن على أن الإجراءات الاقتصادية العقابية وعبارات التوبيخ العلنية ستجبر الرئيس التركي على التراجع بسرعة.
وأوضحت الصحيفة أنه بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الأزمة ما يزال القس برونسون قيد الإقامة الجبرية، ولم يركع أردوغان.
وأضافت أنه في الوقت الذي تراجعت فيه الليرة التركية بشدة، وجه أردوغان الغضب الشعبي المحلي تجاه الولايات المتحدة، وصور بلاده على أنها ضحية لتخريب متعمد، الأمر الذي صرف الانتباه عن المشكلات الاقتصادية في تركيا.
وذكرت أن تركيا حصلت على دعم في وقت مناسب من حلفاء خارجيين؛ وهو ما قوض جهود إدارة ترمب لعزل تركيا، وشمل هذا الدعم زيارة وزير الخارجية الروسي لأنقرة، والمحادثة الهاتفية بين أردوغان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتعهد قطر باستثمار 15 مليار دولار في الاقتصاد التركي.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى تصريح الرئيس التركي، أردوغان، يوم السبت الماضي، الذي وجه فيه انتقادات شديدة للبيت الأبيض، حيث أكد أن بلاده لن تستسلم لمن يقولون: إنهم شركاؤها الإستراتيجيون وهم يحولونها إلى هدف إستراتيجي.
ونقلت عن ليزل هينتز، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة جون هوبكنز الأمريكية، قولها: إن النزاع الأمريكي التركي كان مكلفاً لتركيا، ولكن قدرة أردوغان على الاستفادة من الأزمة تطرح أسئلة عما إذا كان ترمب استهان بالزعيم التركي، الذي يتصف بذكاء التكتيكات، وبالقناعة العميقة بأن القوى الغربية حريصة على إعاقة تركيا بسبب وضعها كدولة إسلامية قوية.
وقالت هينتز: إن ترمب لعب لمصلحة أردوغان، لأن الإجراءات القاسية التي اتخذتها الولايات المتحدة، علاوة على تغريدات ترمب المتهورة، بدت وكأن هدفها هو تدمير جهود أردوغان والمسؤولين الأتراك لطمأنة الشعب والأسواق، وأشارت إلى أن ترمب اضطلع بدور القوة المزعزعة لاستقرار تركيا.
وقال الأستاذ في العلاقات الدولية بجامعة كادر هاس بإسطنبول، سولي أوزيل: إن تركيز أردوغان على الأعداء الخارجيين عندما تواجهه تحديات داخلية، كان جزءاً من سياسته، لكن الفارق هذه المرة هو أن هناك دليلاً قوياً على وجود نوايا عدوانية ضد تركيا، مشيراً إلى أن الإجراءات الأمريكية القاسية تهدف إلى قصم ظهر تركيا.
وأضاف أوزيل أن تأثير العقوبات الأمريكية هي التأكيد لكثير من الأتراك بأن ما يجري ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل هو حرب اقتصادية تشنها الولايات المتحدة على بلادهم.
وحول التحركات التركية الأخيرة للتقارب مع القادة الأوروبيين، قال أوزيل: إن هذه التحركات لا تعني بالضرورة دفء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ولكنها تتعلق أكثر بتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة.