تحت عنوان “ما خطوات لبنان المقبلة مع استمرار الاحتجاجات”.. سلطت “وكالة الأنباء الفرنسية” الوضوء على تداعيات استمرار المظاهرات في لبنان التي لم يسبق لها مثيل، وجعلت بيروت تئن من وطأتها.
وقالت: إنه في حين يبحث الساسة عن مخرج، ينفد الوقت بسبب الضغوط المالية على الدولة المثقلة بالديون التي تكافح من أجل سداد الفواتير وسط شح الدولار على نحو متزايد، الأمر الذي دفع البعض للتساؤل كيف يمكن أن تنتهي الأزمة؟
وأضافت أن المتظاهرين يطالبون “بإسقاط النظام”، وهو شعار “الربيع العربي” الذي أسقط أربعة زعماء في عام 2011، لكن ثمة ما يُعقّد أي مفاوضات إذ لا توجد قيادة واضحة للمتظاهرين بالإضافة إلى أن سياسة الطائفية في لبنان لديها العديد من مراكز القوة، علاوة على ذلك، تعود المنافسات القديمة بين القادة إلى الظهور.
وأضافت: ويمكن للأحزاب الرئيسة أن تتفق على تعديل حكومي يترك رئيس الوزراء السني سعد الحريري في منصبه، لكنه يغير وزراء بارزين بخبراء مؤهلين بشكل أفضل لتنفيذ إصلاحات تشتد الحاجة إليها.
مثل هذا الحل وهو مطروح للنقاش سيحتاج إلى دعم جميع الأحزاب الرئيسة، ويجب أن تتفق الحكومة أيضاً مع حصص تقاسم السلطة الطائفية بين المسيحيين والطوائف المسلمة.
وقد لا يرضي هذا المتظاهرين الذين يعرفون أن القرارات ستبقى في أيدي الأحزاب المهيمنة.
وأشارت إلى أن خيار استقالة الحريري من منصبه غير مطروح على الطاولة الآن لأنه يشعر مع عدد من الأحزاب الرئيسة أن ذلك سيغرق لبنان في أزمة أعمق في وقت دقيق، وقد وافق شركاؤه في الائتلاف على الإصلاحات التي أعلن عنها يوم الإثنين.
وقال وزير سابق: المشكلة الحقيقية أنك لا يمكنك أن تأتي برئيس وزراء غير سعد لأنه لا يوجد سني آخر يهبط بالمظلة الآن وهو الوحيد الذي يحظى بالدعم الدولي.
ولا بد أن ينتمي رئيس الوزراء إلى السنة بموجب نظام المحاصصة الطائفي في لبنان.
ربما يأمل بعض السياسيين في أن يحل الإرهاق على المتظاهرين مما يخفف الضغط ويسمح للحكومة بالاستمرار دون تغيير حتى تتمكن من تنفيذ الإصلاحات.
ونقلت الوكالة عن مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط قوله: السيناريو الأكثر احتمالاً حدوث بعض التغيير الوزاري.. للتخلص من بعض الشخصيات التي لا تحظى بشعبية كبيرة”.
وغذت الاحتجاجات الظروف الاقتصادية الصعبة، وزاد الطين بلة بفعل تباطؤ تدفقات رأس المال الحيوية لتمويل عجز مالية الدولة والواردات.
ويشعر اللبنانيون العاديون بهذا، فقد بات من الصعب الحصول على الدولار بسعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 ليرة، وقال تاجر عملة: إن الدولار وصل إلى 1680 ليرة يوم الخميس.
وتم استخدام احتياطيات الدولار لسداد الديون المستحقة بالعملات الأجنبية، وقال حاكم مصرف لبنان المركزي هذا الشهر: إن البنك مستعد لسداد الديون المستقبلية.
وتعهدت الدولة مراراً بالحفاظ على ربط العملة والوفاء بسداد الديون في الوقت المحدد، وقال مصرف لبنان: إنه سيواصل تأمين احتياجات العملة الصعبة للقطاعين العام والخاص بسعر صرف ثابت.
ولكن وزير الخارجية جبران باسيل أشار الأسبوع الماضي إلى أن الأموال قد تنفد من لبنان بحلول نهاية العام، وأوضح أنه حذر الزعماء الآخرين من هذا في سبتمبر أيلول.
وعرضت دول ومؤسسات أجنبية في العام الماضي على لبنان نحو 11 مليار دولار في صورة قروض ميسرة، لكنها تريد أن ترى الإصلاحات أولا، ولا يوجد أي مؤشر على الإسراع بتقديم المساعدة.
ودول الخليج التي كان يمكن الاعتماد عليها للحصول على المساعدة تشعر بالقلق من نفوذ جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران في لبنان.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية: إن الشعب اللبناني “محق في الغضب” من حكومة رفضت معالجة الفساد المستشري.
وأردف المسؤول قائلاً: “فجأة لديهم مشكلات في السيولة وثمة مخاوف بشأن تخفيض قيمة العملة، هذا شيء كان على جدول الأعمال وفي الأفق لبعض الوقت”.
ولكن إلى أي مدى يمكن أن يتفاقم الوضع إذا تم تخفيض قيمة الليرة بشكل حاد ولم يتمكن الناس من الحصول على الأموال من البنوك، فسوف تعم الفوضى بعد ذلك، على حد قول المعلق نعوم.
وقد تكون أعمال النهب التي وقعت الأسبوع الماضي مؤشراً على ما هو آت.
وقال الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط: “سوف نواجه الفوضى، إذا استمر سعر الدولار في الصعود.. فهذا يعني أن القوة الشرائية ستتقلص، سيصبح الفقراء أشد فقراً وسيحاول كثيرون استغلال الفوضى في محاولة كسب العيش. قد يتحول الأمر إلى أعمال شغب في مرحلة ما”.
ويقول محللون وسياسيون: إن حزب الله سيختار ممارسة الضغط من أجل تعديل وزاري لإرضاء المتظاهرين الذين ينتمي كثيرون منهم إلى الشيعة بدلا من استخدام القوة ضدهم بحسب مصر العربية.
____________________________