توفي، يوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2019م، أخي في الله الداعية الصابر المحتسب الأستاذ وليد المير، رحمه الله ورفع درجته في عليين.
لقد كان في أيام مرضه صابراً محتسباً بالرغم من الآلام الشديدة المبرحة التي ألمّت به، إلا أنه ظل ثابتاً مؤمناً برحمة الله.
كان الأخ وليد المير، رحمه الله، منذ تأسيس جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت عام 1963م، ورفيق دربه الأستاذ خالد القطان، شابين في رحاب دعوة الإصلاح المباركة، لم يفرقهما إلا الموت الحق، وأسأل الله أن يطيل في عمر الأخ الكبير خالد القطان، ويحسن عمله وخاتمته، فإن هذين الرجلين مباركان في عملهما ودورهما في مجال الدعوة وتربية الشباب والأجيال.
وللأخ وليد المير، رحمه الله، التأثير الكبير في فُتُوَّة الدعوة؛ وذلك بنقله لفنون المدرسة الكشفية ومهاراتها ورجولتها إلى شباب الدعوة، وقد أنتجت تلك المدرسة شباباً رجالاً تخشنوا من نعومة الحياة المرفهة التي طالت المجتمع الكويتي.
أسس مع ثلة من إخوانه مركز الشباب لجمعية الإصلاح الاجتماعي في منتصف السبعينيات ليأوي إليه شباب الدعوة المباركة، وكانت جهوده في الدعوة والتربية جادة ومعتبرة، أثمرت جيلاً تسلم مراكز الخدمة والتأثير في المجتمع الكويتي.
كما كان لعضويته في مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي لسنين عديدة دور في تطوير عملها المؤسسي، وتدبير شؤون التنظيم الإداري والمالي فيها، وكانت بصماته واضحة في تأسيس “لجنة العالم الإسلامي” في مجال البر والإحسان والعمل الخيري في عام 1983م، التي نمت بذورها لتصبح جمعية الرحمة العالمية في يومنا هذا.
ولقد صاحبته سنين عديدة في أغلب هذه المجالات؛ فرأيته عن قرب رجلاً عاملاً صامتاً محتسباً، ولكن منذ تحرير الكويت عام 1991م كان سندي وعضدي في مجلة “المجتمع”؛ حيث أدار شؤونها المالية والإدارية إلى حين تقاعده ومرضه.
كل ذلك العمل في كفة، ولكن الأكثر تأثيراً هو عمله الصامت والهادئ، ووجهه الباسم الضاحك، وقدرته على حل المشكلات وتبسيطها، وفتح آفاق الطموح والتفاؤل في كل المواقف التي عاصرته فيها؛ حيث انتصب أستاذاً وقدوة لنا جميعاً، محبوباً بين جميع إخوانه لدماثة خلقه وتواضعه وسعيه الدؤوب لوحدة الكلمة والصف، وستفتقد الدعوة برحيله رجلاً كبيراً من رجالها.
إن كل ذلك النشاط والعمل المتواصل منذ عام 1963 إلى عام 2019م ما يقارب 56 عاماً قضاها رجل الدعوة بصمت وهدوء دون إعلان ولا إعلام ولا ضجيج، ودون دعوى الأسبقية في العمل والمزاحمة في القيادة وتكلف التصدر لمواقع المسؤولية، ولكنها كانت أيام عمل تتجسد فيها الأخلاق والمسؤولية والتضحية والوفاء، فكانت أعماله تضعه تاجاً على رؤوس الدعاة دون تكلف.
إن الأخ وليد المير، رحمه الله، يمثل نموذجاً قلَّ مثيله في عالم الدعاة، فعزاؤنا لزوجته وأولاده وأهله وأحبائه، وإنا لفراقك يا أبا خالد لمحزونون.