يظن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أنه ببعض رسوم كاريكاتورية لشذاذ الصحافة الفرنسية أو الأوروبية سينال من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، “بأبي أنت وأمي يا رسول الله”، صلَّت عليك ملائكة الرحمن ما دام الزمان واستمر المكان.
لن يتجاوز أي فرد؛ رئيساً كان أم تابعاً، في بلد أوروبي أو في فرنسا، أن يعدو فعله إلا كما فعلت حمالة الحطب أم جميل أروى بنت حرب، زوجة أبي لهب بن عبدالمطلب، لقد أنزل الله آمراً نبيه بقوله: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214)، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بجمع قومه وإبلاغهم بأنه رسولٌ من عند الله تعالى، وأنذرهم كما أمره ربه.
فقال أبو لهب: “تباً لك، ألهذا جمعتنا؟!”، وكانت أم جميل “حمالة الحطب” تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد انتهت قصتهما هي وأبي لهب بقوله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ {1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ {2} سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ {3} وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ {4} فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ {5}) (المسد).
إن كل حرف أو خط أو رسم في كاريكاتور يرسمه حاقد أو جاهل فمصيره إلى فناء، أما من دعمه بسلطته السياسية والدولية كرئيس فرنسا فلا يعدو فعله فعل أبي لهب، سينتهي ذكره ويرد على عقبه، ومآله مآل كل من تطاول على النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أو بعد مماته، مروراً بيوحنا الدمشقي (676 – 749م)، الذي أول من كتب في كتابه المسمى “DEVAERESBIUS” زوراً بأن بحيرى الراهب هو الذي قام بمساعدة الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابة القرآن الكريم.
وللكنيسة الإسبانية دور في نشر الخرافات عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أبرز من كتب مسيئاً للنبي صلى الله عليه وسلم المفكر الألماني “مارتن لوثر” (MAREIN LUTHER) (1483 – 1564م) ونصَّ –لعنه الله- بهتاناً “أن محمداً هو الشيطان، وهو أول أبناء إبليس”، فداك أبي وأمي يا رسول الله.
وفي العصر الحديث يأتي كتاب “آيات شيطانية” للهندي المرتد سلمان رشدي الذي نشر عام 1988م في قائمة المجدفين.
القائمة طويلة فيمن قاموا بمحاولة تقليل شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوجيه الاتهامات زوراً وبهتاناً، كل أولئك نسيهم التاريخ وبقي ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في العالمين.
وتظل فرنسا بطبيعة إرثها التاريخي تواصل حقدها المتستر بالعلمانية وشعارات الحرية منذ تجييشها لأول حرب صليبية على يد بابا فرنسا “أوربان الثاني” عام 1095م في كليرمونت جنوب فرنسا من أجل انتزاع القدس من أيدي المسلمين.
في حين أن الراهب الفرنسي “سان برنار” كان له الدور الأول والفعَّال في الحملة الصليبية الثانية على الشام، وعقد بابا روما “يوحنا الثالث” من أجلها مجمعاً كنسياً في مدينة فيزولاي بمقاطعة آفالون الفرنسية، وتحمس الملك الفرنسي “لويس السابع” للحملة، وكان الملك الفرنسي “فيليب أغسطس” أحد أركان الحملة الصليبية الثالثة على بلاد الشام.
واستمرت فرنسا في نهجها ضد المسلمين ترفع راية الحروب الصليبية بحملات ممنهجة، منها حملة “لويس التاسع” على مصر عام 1249م وهزيمته، وبعدها بـ21 عاماً عاود بحملة صليبية ثامنة عام 1270م وفشل أيضاً، وتابع “نابليون بونابرت” بأيديولوجية الصراع ضد المسلمين في عام 1798م ليحتل مصر ثم يخرج منها فاشلاً، وعاد الفرنسيون لاحتلال الجزائر عام 1830م، وتونس عام 1881م.
لقد كان لفرنسا مسار تفتيت الكيان الإسلامي باتفاقية “سايكس بيكو” عام 1916م، ليظل العالم العربي والإسلامي إلى اليوم مفككاً.
إن دور فرنسا تاريخياً كان ضد الإسلام المسلمين، وهو إرث صراع تاريخي قائم على أيديولوجية دينية، لكن هل سيستطيع “ماكرون” تغطية نور النبوة ودين الإسلام؟!
إن الإسلام سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، وإن المسلمين يذكرون محمداً صلى الله عليه وسلم كل يوم خمس مرات مع كل أذان للصلاة، وكذلك في كل صلاة عند التشهد، لأن الله أراد ذلك، وسيظل ذكر محمد صلى الله عليه وسلم هو الأعلى؛ (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشرح: 4)، وسينسى التاريخ فرنسا و”ماكرون”، وسيبقى ذكر محمد صلى الله عليه وسلم.