سلّم مجلس النواب الأمريكي إلى مجلس الشيوخ لائحة اتهام الرئيس السابق دونالد ترمب بالتحريض على التمرد في خطاب ألقاه أمام أنصاره قبل هجوم دام على مبنى الكونغرس (الكابيتول)، مما يمهد الطريق لمساءلته الثانية.
حمل تسعة من أعضاء مجلس النواب سيمثلون الادعاء في محاكمة ترمب، يرافقهم كاتب المجلس والقائم بأعمال رئيس الحرس، لائحة الاتهام إلى مجلس الشيوخ في موكب مهيب عبر الكابيتول.
وتقدموا واضعين كمامات اتقاء لفيروس كورونا، إلى قاعة مجلس الشيوخ متبعين مساراً سلكه غوغاء من أنصار ترمب في السادس من يناير بينما اشتبكوا مع الشرطة.
ولدى وصولهم إلى مجلس الشيوخ، تلا مدير المساءلة في مجلس النواب النائب جيمي راسكين الاتهام قائلاً: دونالد جون ترمب تورط في جرائم وجنح كبيرة من خلال التحريض على العنف ضد حكومة الولايات المتحدة.
وانضم عشرة من الجمهوريين في مجلس النواب إلى الديمقراطيين في التصويت لصالح مساءلة ترمب، في 13 يناير، لكن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ سيتعين عليهم الحصول على دعم 17 جمهورياً لإدانته في المجلس المقسم بالتساوي بين الحزبين، وهو أمر صعب نظراً لاستمرار الولاء لترمب بين قاعدة الناخبين المحافظين في الحزب الجمهوري.
وذكرت شبكة “سي.إن.إن” أن الرئيس جو بايدن عبّر عن اعتقاده بأنه لن تكون هناك أصوات كافية لإدانة سلفه ترمب في محاكمته بمجلس في الشيوخ في إطار مساءلته.
وقالت الشبكة: إن بايدن أبدى تشككاً في أن يصوت لإدانة ترمب 17 عضواً جمهورياً بمجلس الشيوخ، وهو العدد اللازم لهذه الخطوة إذا صوت جميع الديمقراطيين الخمسين لصالح الإدانة.
وأفادت “سي.إن.إن” بأنها أجرت مقابلة مقتضبة مع بايدن.
وكان أكثر من 30 ديمقراطياً حاضرين بينما كان يتلو راسكين لائحة الاتهام مقابل ثلاثة جمهوريين فقط، هم زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل، وميت رومني، وروجر مارشال.
وانتشرت شرطة الكابيتول على امتداد المسار الذي سلكه المشرعون من مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ، وما زالت الإجراءات الأمنية حول المبنى مشددة.
9 فبراير بداية المحاكمة
والجمهوري ترمب هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي سيسائله مجلس النواب مرتين، ومن المنتظر أن يصبح الأول الذي يواجه المحاكمة بعد تركه المنصب، وانتهت فترته يوم الأربعاء الماضي.
ومن المتوقع أن يبدأ مجلس الشيوخ محاكمة ترمب في التاسع من فبراير في بند مساءلته، ومن المقرر أن يعمل أعضاء مجلس الشيوخ المائة كمحلفين في المحاكمة التي قد تفضي إلى عدم أهلية ترمب للترشح للرئاسة مجدداً.
وقال السناتور الديمقراطي باتريك ليهي، أطول أعضاء مجلس الشيوخ خدمة، أمس الإثنين: إنه سيرأس المحاكمة.
وذكر مصدر بمجلس الشيوخ أنه على الرغم من أن الدستور الأمريكي يخوّل لرئيس المحكمة العليا رئاسة مساءلة الرؤساء، فإن عضواً بمجلس الشيوخ يرأسها عندما لا يكون الرئيس في السلطة، وانتخب ليهي (80 عاماً) لأول مرة في مجلس الشيوخ عام 1974.
ورأس جون روبرتس رئيس المحكمة العليا مساءلة ترمب الأولى في مجلس الشيوخ عندما برأه الجمهوريون، الذين كانوا يسيطرون على المجلس في ذلك الوقت، في فبراير 2020 من اتهامات بإساءة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس بعد طلبه من أوكرانيا التحقيق مع بايدن ونجله.
وقال معاون: إن ليهي سيتمكن من التصويت في المحاكمة، مشيراً إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ لا يزال بإمكانهم التصويت على جميع الأمور إذا رأسوا المجلس.
واعترض عدد من المشرعين الجمهوريين على المساءلة، ودفع بعضهم بأنها ستمثل انتهاكاً للدستور الأمريكي لأن ترمب لم يعد رئيساً.
قالت السناتور جوني إرنست للصحفيين: ما زالت لديَّ مخاوف بشأن دستورية هذا، وكذلك إزاء السابقة التي ستضعها (المحاكمة) بخصوص محاولة إدانة مواطن عادي.
وأضافت متسائلة: فهل سيمكن استخدام هذا ضد الرئيس (السابق باراك) أوباما؟
ورفض زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الديمقراطي تشاك شومر هذا الطرح.
وقال للمجلس: نظرية أن المجلس لا يمكنه محاكمة مسؤولين سابقين ستصل إلى حد بطاقة دستورية للخروج من السجن لأي رئيس.
والمجلس المكون من مائة عضو مقسم بالتساوي ببين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن الديمقراطيين معهم الأغلبية بسبب الصوت المرجح الذي تتمتع به نائبة الرئيس كامالا هاريس، ووافق زعماء مجلس الشيوخ يوم الجمعة على تأجيل المحاكمة أسبوعين لمنح ترمب مزيداً من الوقت لإعداد دفاعه والسماح للمجلس بالتركيز على أولويات بايدن المبكرة ومنها تعيين أعضاء إدارته.