انطلقت أمس الإثنين، أعمال الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية بمدينة جنيف السويسرية، في محطات لم تحقق حتى الآن أي تقدم ملموس على صعيد تطبيق القرارات الدولية، وصياغة دستور جديد.
وتأتي أعمال اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة، ضمن إطار الحل السياسي للأزمة السورية الممتدة منذ العام 2011، ووفقاً للقرار الأممي (2254) الصادر عام 2015.
وينص القرار الأممي على تشكيل حكم انتقالي، وكتابة دستور يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما قسم المفاوضات السورية إلى 4 سلال هي الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
ويقود المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، تسيير المفاوضات بين أطراف اللجنة الدستورية، فيما قاد سلفه ستيفان دي ميستورا جولات عديدة في جنيف، وامتدت لفترات طويلة دون تحقيق أي تقدم.
تشكيل اللجنة
واتخذ قرار تشكيل اللجنة الدستورية ضمن مخرجات مؤتمر الحوار السوري الذي انعقد في سوتشي الروسية، في 30 و31 يناير 2018، وبرعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران.
وبعد أكثر من عام ونصف عام من المشاورات، أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في 23 سبتمبر 2019، تشكيل اللجنة الدستورية، ضمن الجهود لإنهاء الحرب السورية الممتدة منذ عام 2011.
وأفاد غوتيريش، بموافقة نظام بشار الأسد ولجنة المفاوضات السورية (التابعة للمعارضة)، على إنشاء لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة بتسيير أممي.
وعقب ذلك، عقدت في 30 أكتوبر 2019، أعمال الهيئة الموسعة للجنة الدستورية المكونة من 150 عضواً بالتساوي بين 3 أطراف هي النظام والمعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني.
وسمّت المعارضة هادي البحرة رئيساً مشاركاً للجنة الدستورية عن المعارضة، فيما سمي النظام أحمد الكزبري رئيساً مشاركاً من طرفه.
لجنة الصياغة
وبعد أسبوع من الاجتماعات في جنيف، اتفقت الهيئة الموسعة للجنة الدستورية على تشكيل لجنة الصياغة أو الهيئة المصغرة التي تكون الهيئة الموسعة مرجعيتها، ولجنة الصياغة مؤلفة من 45 عضواً بالتساوي بين الأطراف الثلاثة.
وخلال اجتماعات الهيئة الموسعة، استمع الأعضاء لبعضهم بعضاً ضمن ما سمي بـ”رؤى أعضاء اللجنة الدستورية” حول شكل الدستور المقبل في البلاد، وطرحت عدة أفكار قدمت لاجتماعات اللجنة المصغرة.
وفي 4 نوفمبر 2019، عقدت لجنة الصياغة أول اجتماعاتها بجنيف، من أجل تحديد جدول الأعمال، وشهدت الاجتماعات خلافات وخرقاً لمدونة السلوك الناظمة للاجتماعات.
واختتمت الجولة في ظل خلافات على جدول الأعمال ومطالبة من المعارضة باستمرار الاجتماعات لتحقيق تقدم في كتابة مسودة دستور، في حين اكتفى النظام بأسبوع واحد.
فشل اجتماع الجولة الثانية
ورافق الفشل اجتماعات الجولة الثانية، التي انطلقت في 25 نوفمبر 2019، بسبب الإخفاق في الاتفاق على جدول الأعمال بين الأطراف السورية من النظام والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني.
وأعلنت المعارضة في هذه الجولة أنها قدمت 5 مقترحات لبدء الحديث عن المضمونات الدستورية، فيما تحدث النظام عن الركائز الأساسية، وهي موضوعات سياسية، أو الاجتماع دون أجندة أعمال وتحديدها داخل الاجتماع، وهو ما رفضته المعارضة.
ومع انتهاء هذه الجولة، قال المبعوث الأممي بيدرسون: اختتمنا الدورة الثانية للجنة الدستورية، ولم يكن من الممكن الدعوة إلى عقد اجتماع المجموعة المصغرة، لأنه لم يكن هناك اتفاق على جدول الأعمال.
وأضاف: النظام الداخلي الأساسي ينص على أن الرئيسين المشتركين سيعملان على توافق الآراء، والاتفاق على جدول الأعمال، وهذا لم يكن ممكناً.
إعاقة كورونا للاجتماعات
ومع انتهاء الجولة الثانية، توقفت الاجتماعات بسبب عدم توافق الأطراف على جدول الأعمال، في حين بذل المبعوث الأممي جهوداً مع الدول الضامنة، والدول المعنية للدفع باتجاه التوافق على جدول الأعمال.
وخلال هذه الجهود، سيطرت جائحة كورونا على العالم أجمع، وتصدرت الأجندات العالمية، وهو ما أعاق الاجتماعات، وطرح موضوع اللجنة الدستورية إلى مكان متأخر في الاهتمام العالمي.
وأعلن النظام السوري استعداده للمشاركة في أي جولة بجنيف، ولكن ذلك لم يمكن ممكناً بسبب الإغلاق العام في معظم دول العالم.
ورأت المعارضة أن إعلان النظام استعداده للاجتماع في ظل كورونا، أنه تهرب نظراً لعدم إمكانية انعقاد الاجتماع، ولم يكن ممكناً عقد جولات جديدة في العالم الافتراضي.
الجولتان الثالثة والرابعة
وبعد توقف دام أقل من عام، عادت عجلة الاجتماع في الجولة الثالثة، وعقدت في 24 أغسطس 2020، في ظل إجراءات مشددة بسبب كورونا، ومع ذلك توقفت الاجتماعات بسبب ثبوت إصابة أعضاء بالفيروس قادمين من دمشق، لتتواصل لاحقاً.
ولم تسفر أعمال الجولة الثالثة للجنة الدستورية عن تحقيق تقدم رغم الاتفاق على جدول أعمال مسبق وهو مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور.
واختتمت الجولة الثالثة مع تأكيد بيدرسون وجود اختلافات عميقة بين الأطراف السورية في عدة قضايا، قائلاً: لم نصل لمرحة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف بسبب وجود اختلافات عميقة في وجهات النظر.
وعقدت الجولة الرابعة، في 30 نوفمبر الماضي، واختتمت أيضاً دون تحقيق تقدم، وأشار بيدرسون إلى اختلاف وجهات النظر بين المشاركين خلال المباحثات، مبيناً بالقول: دعوني أذكركم أننا هنا للاستماع إلى هذه الاختلافات.