قبل أقل من سنتين، كنت مع الأخ د. صلاح الجري في زيارة لقطب سياسي للحديث عن موضوع عيالنا في تركيا ومحاولة حلحلة الموضوع بدلاً من حالة الجمود التي كانت مسيطرة على الأوضاع في حينها! أخبرنا أنه لابد من تنفيذ الحكم أولاً، فأجبنا أنهم نفذوا الحكم (أقل واحد فيهم قضى ما يقارب ثلاثة أشهر في السجن)، ومع هذا هم على استعداد للدخول مرة أخرى، فقال ويجب عليهم الاعتذار، فقلنا هم على استعداد بعد الوصول مباشرة وأمام وسائل الإعلام أن يقدموا عبارات التقدير والاعتذار عن كل ما تسبب بالإزعاج وسوء التقدير للأمور، وهكذا طلبوا اعتذاراً خطياً فاستأذناهم أن نصيغ نحن الاعتذار بدلاً من الصيغة المقترحة وقتها، فسمحوا لنا بإعداد صيغه توافقية، فرجعنا وكتبنا اعتذاراً اعتقدنا أنه يرضي الجميع، وقدمناه وعلمنا في اليوم التالي رفض المقترح!
أعيد كتابة هذه الحادثة بشيء من التفصيل للتاريخ، وبمناسبة ذهاب عدد من نواب المعارضة لزيارة قطب سياسي آخر وفتح موضوع العفو معه، وما يتردد من أنه أخبرهم بضرورة كتابة اعتذارٍ بالصيغة المتداولة نفسها!
البعض يعتقد أن هذا الإصرار لتجنب الإحراج من المطالبة بالعفو عن خلية العبدلي، إن تم العفو عن المتهمين بدخول مجلس الأمة! وهذه المطالبة ليست في محلها، فلا تجوز المقارنة بين من جمع سلاحاً بهذه الكمية وبهذه النوعية وخبأها بهذا الشكل ونقلها بهذه الطريقة مع من اعترض على إهدار الأموال العامة وعبّر عن رفضه بالتجمع جهاراً نهاراً في ساحة الإرادة واتجه للاحتماء بمبنى مجلس الأمة بعد أن أغلقت في وجهه كل الطرق!
العفو عن المهجرين من أعضاء مجلس الأمة السابقين يعتبَر مطلباً شعبياً ومنطقياً، بعد أن تجاوزت الكويت عن إساءة دول الضد لها، تلك الدول التي وقفت ودعمت وأيدت صدام في غزوه للكويت ومحاولته مسحها من الخريطة! بل إننا اليوم في الكويت نقدم لهذه الدول دون استثناء قروضاً ومساعدات لحكوماتها وشعوبها، ولم نطالبها بالاعتذار أو قطع علاقاتها مع النظام العراقي في تلك الحقبة من الزمن!
البلد في حاجة إلى استقرار سياسي داخلي وإلى تلاحم وإلى تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا لا يتم إلا إذا كانت كل الأطراف مستعدة للتضحية من أجل تحقيق هذه الأماني، ونبذ العناد وفرض الهيمنة بالقوة، لذلك نتمنى ونتوقع أن تُعاد الحسابات في التعامل مع نواب الشعب وممثليه، ويتم الاتفاق معهم على تحقيق أولوياتهم التي وعدوا الشعب بها.
شكراً «حدس»
أقامت الحركة الدستورية الإسلامية حفل تكريم لبعض رجالاتها الذين تركوا العمل السياسي المؤسسي مؤخراً، وحل محلهم مجموعة من الشباب تم انتخابهم من المؤتمر العام للحركة، وبما أنني كنت أحد المكرمين، فقد خالجتني مشاعر عدة، كان أميزها شعوري بحجم التضحية التي يقدمها هؤلاء الشباب عند قبولهم تحمل مسؤولية العمل السياسي لمثل هذا التيار الديني، الذي تتهمه أطراف إقليمية ودولية بالتطرف وفقاً لمنظورهم اللاإسلامي! فشكراً لحدس وقيادة حدس وشباب حدس على هذا التكريم الرائع وهذه التضحية غير المسبوقة من شباب في مثل أعماركم، لا تنشدون إلا طاعة الله ورضاه وخدمة دينه ووطنه في وقت غيركم يبحث عن الاستمتاع أكثر وأكثر في ملذات الحياة!
_______________________
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.