“يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة، ومن هنا فقد قررت ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد”.
بهذه الكلمات فاجأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المصريين مساء أمس الإثنين في تدوينة على حسابه الرسمي على موقع “فيسبوك” مؤكداً أن “هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء”، وهو ما أعقبه ترحيباً ومطالبات بعفو شامل وتصحيح حقوقي، فيما لم تغب التوقعات السلبية وفق رصد مراسل “المجتمع”.
الإجراءات القانونية
وبحسب مصادر قانونية، فإن قرار إلغاء مد حالة الطوارئ سيترتب عليه العديد من الإجراءات أهمها إلغاء محاكم أمن الدولة طوارئ، وهي عبارة عن دوائر خاصة في المحاكم الابتدائية للفصل في الجرائم المترتبة على مخالفة الأوامر العسكرية الخاصة بحظر التجول وأي جرائم أخرى منصوص عليها في قانون الطوارئ أو في أي القانون العام ويحيلها رئيس الجمهورية إلى محاكم أمن الدولة طوارئ.
ويقف أمام هذه المحاكم الآن عدد بارز من الحقوقيين والنشطاء والصحفيين منهم: هدى عبد المنعم، وعلاء عبد الفتاح، ومحمد الباقر، ومحمد أبو هريرة، وعائشة الشاطر، وحسام مؤنس، وهشام فؤاد.
وصرح المستشار بهاء الدين أبو شقة، وكيل مجلس الشيوخ، بأن القرار يعني إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية وعودة كافة الضمانات الدستورية المقررة في الدستور والإجرائية المقررة في الإجراءات الجنائية أمام المحاكم العادية.
وأضاف أنه من المقرر “إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية أمام محاكم أمن دولة طوارئ والأحكام التي كانت تخضع للتصديق من مكتب شئون أمن الدولة، على أن تخضع هذه الأحكام لإجراءات الطعن العادية، على تخضع الجناية للنقض”.
تطلعات حقوقية لتوسيع الحريات وإصدار عفو
مطالب بالعفو
وطالب المستشار القانوني والحقوقي المفرج عنه مؤخراً محسن بهنسي مؤسسة الرئاسة المصرية بإصدار عفو.
وقال في تعليقه على القرار: “عقلي وقلبي متعلقين بإخلاء سبيل كل المحبوسين احتياطياً في قضايا النشر والرأي مع قرار إلغاء مد قانون الطوارئ، فخذ بالعفو وأمر بإخلاء السبيل، والله مصر محتاجها”.
ورحب حزب المحافظين بالقرار، قائلاً في بيان وصل مراسل “المجتمع”: “سبق للحزب أن اعترض على فرض حالة الطوارئ واستمرارها، على أساس أن القوانين الطبيعية كفيلة بالتعامل مع التصرفات الخارجة عن القانون والنظام العام كافة”.
وأضاف أن القرار يجنب البلاد الآثار السلبية التي تنجم عن تطبيقها، والتي تنعكس على كل مناحي الحياة بما فيها المنحى الاقتصادي والسياسي.
وثمن المجلس القومي لحقوق الإنسان القرار مؤكداً أنه “خطوة هامة نحو تعزيز وتنفيذ وحماية حقوق الإنسان المصري، كما انه يعبر بصدق ويعكس بشكل كبير حالة الاستقرار والتنمية التي تشهدها البلاد”.
كما رحبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالقرار.
وقالت المنظمة في بيان اطلع عليه مراسل “المجتمع”: “الانفراجات التي تشهدها البلاد منذ مايو 2019م تسير بثبات يبعث على التفاؤل من خلال الافراجات المتتابعة لغالبية محتجزي الرأي وإنهاء الملاحقة لاغلبية المتهمين في القضية رقم 173 من ناشطي المجتمع المدني، وتبني رئيس الجمهورية إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021– 2026م، في سبتمبر الماضي”.
وطالبت باستكمال الانفراجة خلال الأسابيع المقبلة على نحو ما هو مأمول لإغلاق الملفات التي شكلت بواعث القلق خلال الفترة الماضية والبدء في سلسلة الإصلاحات التشريعية التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
الموالاة تشيد ومعارضون يقللون من التأثيرات
جدل المعسكرين
سياسياً، سجل معسكرا الموالاة والمعارضة مواقف متضادة، حيث سجلت الموالاة ترحيباً واسعاً بالقرار فيما قلل معارضون من توابع القرار، وفق رصد مراسل “المجتمع”.
من جانبه ثمن حزب الأغلبية البرلمانية “مستقبل وطن” القرار مؤكدا أنه يؤكد على الاستقرار و يعبر بمصر إلى آفاق جمهورية جديدة.
وفي المقابل، قلل أمين عام المجلس الأعلى للصحافة الأسبق الكاتب الصحفي قطب العربي من تأثيرات القرار.
وقال في تدوينة على صفحته الرسمية على “فيسبوك”: “إلغاء حالة الطوارئ لن يغير شيئا كثيرا في مصر باستثناء إنهاء دوائر أمن الدولة في المحاكم، وهذا أمر جيد بلا شك”.
وأضاف أن الأزمة في التعامل بضوابط بعيدة حتى قانون الطواريء نفسه الذي يحمل مجموعة من الضمانات التي لا تطبق مؤكدا أن للقرار أبعاد دولية ، بحسب ما يرى.