تنوعت المبادرات الشعبية والحكومية بمصر لمواجهة الغلاء والضغوط الاقتصادية المتلاحقة على المصريين قبل شهر رمضان، بالتزامن مع ارتفاعات جنونية في الأسعار وتحذيرات من احتكار السلع وحملات لمواجهتها، دفعت الحكومة إلى تقديم طلب جديد للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، ما يلقى بظلاله على المشهد العام.
الحكومة المصرية تتقدم بطلب للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي
ارتفاعات جنونية
وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في الأسعار مرتين في الفترة الأخيرة، أولها بعد اشتعال الحرب الأوكرانية الروسية خاصة في سوق الإنشاءات والمواد الغذائية خاصة الخبز، والتي دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتدخل بتوجيه الحكومة بتسعير الخبز غير المدعوم للمرة الأولى منذ توليه مقاليد الحكم.
ولم يقتصر ارتفاع الأسعار في مصر على القمح فقط، الذي تسبب بزيادة سعر الخبز، فشملت الزيادة أسعار الزيوت والحديد والأسمنت واللحوم والدواجن.
وفوجئ المصريون الإثنين الماضي، بإصدار البنك المركزي المصري قراراً برفع سعر الفائدة 1% ما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار في مواجهة الجنيه المصري ليقترب من 19 جنيهاً مصرياً، أعقبها ارتفاعات في أسعار بعض السلع ومخاوف من موجة غلاء واسعة.
ونقلت تقارير إعلامية محلية، الخميس الماضي، عن مصدر حكومي توقع بزيادة أسعار المنتجات البترولية خلال الربع القادم نتيجة ارتفاع أسعار النفط العالمية وسعر الصرف.
يأتي ذلك متزامناً مع الاجتماع المرتقب بداية الشهر المقبل للجنة الخاصة بتحديد ومتابعة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية، التي ستعقد لتحديد أسعار المواد البترولية للربع الثاني من العام الجاري (أبريل- يونيو).
وكشف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، عن أن مصر بدأت مشاورات مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج تمويلي جديد.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الخميس الماضي، على هامش افتتاح معرض “أهلاً رمضان” لبيع السلع المنخفضة والمدعومة.
وبدأت مصر منذ نحو ست سنوات التعاون مع صندوق النقد الدولي، وحصلت على قرض بنحو 12 مليار دولار في 2016 ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وشهدت مصر تعويماً للجنيه المصري في ذات العام ليفقد نحو نصف قيمته أمام الدولار، كجزء من برنامج الحصول على القرض الدولي.
ووفق رصد مراسل “المجتمع”، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، منذ ارتفاع الأسعار، تعليقات غاضبة وساخرة من موجة الغلاء.
تحركات لضبط الأسواق والأسعار وكفالة المحتاجين
حملات متواصلة
في سياق متصل، أعلن جهاز حماية المستهلك بمصر، شن 140 حملة على 20 محافظة في الأيام الأخيرة في إطار ضبط الأسواق ومكافحة احتكار السلع.
وفي بيان رسمي صادر عن الجهاز، فإن جهود الحملات الأخيرة أسفرت عن ضبط 1238 طن مواد غذائية وتحرير 777 محضراً للمنشآت المخالفة.
كما واصلت الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة حملاتها لضبط الجرائم التموينية.
وأسفرت الحملات عن ضبط (1323) قضية تموينية متنوعة شملت حجب سلع غذائية ومواد بناء والاستيلاء على السلع المدعومة وبيعها بأزيد من السعر.
مؤسسات مجتمع مدني أطلقت عدداً من المبادرات لتوزيع السلع الغذائية على المواطنين بأسعار مخفضة
مبادرات متعددة
وأطلقت عدد من مؤسسات المجتمع المدني عدد من المبادرات لتوزيع السلع الغذائية على المواطنين بأسعار مخفضة في المناطق والقرى المختلفة، أو توزيعها في إطار الحملات الخيرية المعلنة، لمواجهة موجة الغلاء والظروف الراهنة.
وأعلنت مؤسسة “صناع الخير”، مواجهة ارتفاع أسعار السلع، من خلال إطلاق مبادرة “بالخير جايين”، والتي اعتمدت فكرتها على تلبية الاحتياجات الأساسية من السلع الغذائية الضرورية للشرائح الأكثر احتياجاً في القرى.
وانطلقت المبادرة بالتعاون مع أكثر من 200 جمعية أهلية صغيرة، لتوزيع 50 ألف حقيبة مواد غذائية.
وأطلقت مؤسسة “حياة كريمة” عدة قوافل تحت اسم “وصل الخير”، لتوزيع المواد الغذائية في القرى الفقيرة والنائية والأكثر احتياجاً، خاصة قبيل استقبال شهر رمضان.
وأطلقت مؤسسة مصر الخير البارزة في المجال الخيري 3 حملات خيرية بمناسبة شهر رمضان وهي: “إفطار صائم، كارت الخير، سند العيلة”، بهدف إفطار الصائمين وتقديم مواد غذائية ووجبات لغير القادرين.
وأعلن بنك الطعام المصري، أنه سيقوم بالتعاون مع آلاف الجمعيات الخيرية المعتمدة من قبل البنك في جميع أنحاء الجمهورية بتوصيل كراتين إفطار الصائم إلى الحالات الأكثر فقراً المسجلة طول شهر رمضان.
وبحسب أرقام رسمية فإن هناك أكثر من 15 ألف تجمع في المحافظات المصرية لبيع السلع المدعمة، بالإضافة إلى أكثر من 900 تجمع للمجتمع المدني.