دعت 4 منظمات حقوقية بارزة السلطات اللبنانية إلى إحالة التحقيق مع عناصر وضباط قوى الأمن المدعى عليهم بتعذيب لاجئ سوري والتسبب في وفاته، إلى القضاء الجزائي العادي، بدلا من القضاء العسكري “غير العادل بطبيعته”.
والمنظمات الحقوقية هي: هيومن رايتس ووتش، والمفكّرة القانونية، ومنظمة العفو الدولية، و”منّا” لحقوق الإنسان.
وأفادت تقارير بقيام عناصر من المديرية العامة لأمن الدولة بتعذيب بشار عبد السعود (30 عاما) بعد توقيفه يوم 30 أغسطس/آب 2022، وقد توفي متأثرا بجراحه في اليوم التالي 31 أغسطس/آب.
وفي 2 سبتمبر/أيلول، عقب تداول وسائل الإعلام نبأ وفاة السعود وصورا لآثار الكدمات على جثته، أمر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية (المدعي العام العسكري) القاضي فادي عقيقي، بتوقيف ضابط من أمن الدولة و3 عناصر آخرين والادعاء عليهم بجرم التعذيب، وإحالتهم إلى قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، وهم يخضعون حاليا للتحقيق أمام القضاء العسكري “الذي يفتقر إلى الاستقلالية ويضم قضاة يعيّنهم وزير الدفاع”، وفق بيان المنظمات الأربع.
وقالت المسؤولة في المفكرة القانونية غيدة فرنجية، إن “وفاة السعود خلال احتجازه لدى أمن الدولة تتطلب تحقيقا شاملا وعادلا أمام القضاء الجزائي العادي، إذ لا يمكن للقضاء العسكري إنصاف أسرته”.
وفي 8 سبتمبر/أيلول، قدّمت أسرة السعود -بوكالة محاميها محمد صبلوح- شكوى جزائية بشأن التعذيب أمام النيابة العامة التمييزية، لكنّ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات أحال الشكوى إلى المدعي العام العسكري، خلافا لـ”قانون معاقبة التعذيب”.
وفي 15 سبتمبر/أيلول، قدّمت أسرته طلبا جديدا لإحالة ملف التحقيق إلى القضاء الجزائي، لكن عويدات أحال هذا الطلب أيضا إلى المدعي العام العسكري.
ووفق المنظمات، فإن إحالة التحقيق إلى القضاء العسكري تخالف القانون الدولي كما فسرته هيئات المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، كما تخالف المادة 15 من “قانون أصول المحاكمات الجزائية” اللبناني التي تنصّ على أن الجرائم التي يرتكبها أفراد الضابطة العدلية أثناء قيامهم بوظيفتهم بوصفهم مساعدين للنيابة العامة، تخضع لصلاحية القضاء العدلي وحده.
وقالت المنظمات إن اختصاص المحاكم الجزائية العادية بشكاوى التعذيب ضمانة أساسية لحقوق الانتصاف العادل لضحايا الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، مثل التعذيب أو انتهاكات حقوق الإنسان.
وخلصت المنظمات إلى أن هيكلية القضاء العسكري في لبنان والإجراءات القانونية المتبعة أمامه، تعني أن عناصر وضباط القوى الأمنية لن يُحاكموا أمام محكمة مختصة، ومستقلة، ونزيهة.
ونبّهت إلى أن معظم القضاة في المحاكم العسكرية ضباط من الأجهزة العسكرية والأمنية، يعيّنهم وزير الدفاع، ولا يُشترط فيهم حيازة شهادة في القانون أو تدريب قانوني. كما لا يمكن للمنظمات الحقوقية والإعلام متابعة المحاكمات العسكرية إلا بإذن مسبق من القاضي الذي يرأس الجلسات. بالإضافة إلى ذلك، لا يسمح قانون القضاء العسكري للضحايا بأن يكونوا طرفا في المحاكمة، بل شهودا محتملين في أحسن الأحوال.