أوصى علماء وباحثون بإنشاء مؤسسات تثقيفية تهتم بنشر الآثار العلمية للعلماء، مؤكدين على ضرورة إحياء أعمال الدعاة والقادة الذين كان لهم دور عظيم في إحياء علوم الدين، والفكر الإسلامي، لا سيما رموز الشعب الفلسطيني.
ودعوا إلى جمع وطبع ونشر كل مؤلفات الشهيد د. عبدالله يوسف عزام؛ لتكون مادة علمية دسمة في بناء الأجيال القادمة.
جاءت هذه التوصيات خلال المؤتمر العلمي الدولي الخامس بعنوان “شهيد الأمة العالم د. عبدالله عزام”، الذي نظمته رابطة علماء فلسطين في فندق الكومودور بمدينة غزة، بحضور نخبة من العلماء والباحثين والمهتمين ورجال الإصلاح والوجهاء.
الدعوة الغراء
من جهته؛ قال رئيس رابطة علماء فلسطين أ.د. نسيم ياسين: إن د. عزام، رحمه الله تعالى، كان له الأثر الكبير لأجل هذا الدين، وهذه الدعوة الغراء التي انتفض إليها هذا العالم الذي جمع بين السيف والقلم، والدعوة والجهاد في سبيل الله تعالى.
ولفت إلى أنه كان له أثر على الأمة الإسلامية، وليس على القضية الفلسطينية فحسب، بل على الأمة جميعاً، فهو كان أحد أعمدة الدعوة إلى الله تعالى.
وتضمن المؤتمر 24 بحثاً عملياً محكماً من داخل وخارج فلسطين، عُرضت خلال 3 جلسات علمية، وكانت الجلسة الأولى بعنوان “الجهاد والقضية الفلسطينية من منظور الشهيد د. عبدالله عزام”، أما الثانية فكانت بعنوان “فقه الشهيد د. عبدالله عزام وجهوده الفكرية”، فيما جاءت الجلسة الثالثة بعنوان “الشهيد د. عبدالله عزام وجهوده التربوية”، تحدث الباحثون والباحثات فيها عن سيرة الشهيد العالم د. عبدالله عزام، وفكره وعلمه وجهاده ومسيرته الدعوية، وجهوده في جمع وحدة الصف والمجاهدين، وما هو مستفاد من هذه السيرة والمسيرة.
لقد تعلق قلب الشهيد عزام بحب الدين، فكان الالتزام واضحاً على محياه في حرصه على الصلاة، وقيام الليل، وتلاوة القرآن، والحرص على صلة رحمه منذ صباه، فهو لم يكن مثل أقرانه يلهو ويلعب، بل كان عقله وتفكيره يسبق عمره بمراحل.
يذكر أن والدته كانت تستيقظ في الليل فتدخل على ابنها وإذا به يصلي، فتقول له: “يا ولدي، رفقاً بنفسك، والْزمْ فراشك واسترح”، فيقول لها: “وهل لنا من راحة للنفوس والقلوب إلا بالعبادة”! رغم أنه في ذلك الوقت كان ما زال في مرحلة الدراسة الأساسية، وقد عمل على تعزيز حب قيام الليل في أهله وعشيرته.
وخاض عزام رحلة دعوية وعلمية وجهادية استمرت سنوات طويلة في المقاومة الإسلامية في مواجهة الاحتلال “الإسرائيلي” في فلسطين، وكذلك السوفييتي في أفغانستان، واستشهد يوم الجمعة 24 نوفمبر 1989، بانفجار استهدفه عندما كان في طريقه لإلقاء خطبة الجمعة، حسبما اعتاد في مسجد “سبع الليل” بمدينة بيشاور الباكستانية، وقد سبق هذا الاغتيال محاولة أخرى لقتله قبل شهر من استشهاده، حيث تم تفخيخ المنبر الذي كان يخطب عليه؛ واستشهد معه نجلاه محمد (ابنه البكر)، وإبراهيم (ابنه الأوسط)، ودُفنوا في “مقبرة الشهداء العرب” بالمدينة، رحمهم الله تعالى جميعاً.
النتائج والتوصيات
وخلص المؤتمر الدولي إلى العديد من النتائج التي تلاها رئيس اللجنة العلمية أ.د. خالد الخالدي، التي من أبرزها: إنَّ شخصية الشهيد د. عبدالله عزّام قد تشكَّلت من خلال الدعوة الإسلاميةِ والواقع الجهادي الذي عاشه في فلسطين والأردن وأفغانستان.
وأشار إلى أن د. عزّام بيَّن من خلال مؤلفاته وأقواله المأثورة عنه أنّ الجهاد هو الطريق الشرعي الذي يجب على الأمة الإسلامية أن تتبناه وتسلكه في تحرير الأراضي المسلوبة من الأعداء وخاصة فلسطين.
ولفت إلى أنه أعاد للأمة مفاهيم الحياة الحقيقية والصحيحة التي يريدها الإسلام، فجمع بين المدرسة والمسجد والميدان، والبندقية والقلم.
وأشار إلى أن مشاركة الشيخ عزام ساهمت في الجهاد بالتأثير في غيره من العلماء والدعاة، وأدَّت مشاركته لتقديم الصورة المثالية للعالم الرباني والداعية المجاهد.
وأكد أنه أحد الشخصيات المؤثرة في انطلاق الحركةِ الإسلامية الفلسطينية بعمل مسلح في انتفاضة الحجارة عام 1987، وذلك من خلال أفكاره وكتبه وتلامذته الذين تأثروا به.
وحول التوصيات التي حملها المؤتمر فقد ذكر الخالدي أبرزها التي تتضمن إطلاق صفة الإمام على الشيخ الشهيد عبدالله عزام تقديراً لغزارة علمه، وقوة عزمه، وشدة صبره، وحسن بلائه في ميادين العلم والدعوة والجهاد.
وأوصى المؤتمر الجهات المسؤولة المختصة في غزة بإطلاق اسم الشيخ عزام على أحد الشوارع الرئيسة؛ ليبقى في ذاكرة الأجيال قدوة حسنة في مجالات العلم والدعوة والجهاد والتمسك بالدين والثوابت.