تحدث د. يوسف القرضاوي، مدير معهد السُّنة والسيرة في قطر، عن الخصائص العامة للإسلام التي تعرض إليها في كتابات عديدة، ومنها ربانية الدين الإسلامي من حيث المصدر والغاية أو الوجهة، والأخلاقية في الحياة والسلوك، والعالمية في طبيعة الرسالة الإسلامية والتسامح مع المخالفين وخصوصاً مع أهل الكتاب؛ مما يفسر أن الحضارة الإسلامية كانت حضارة تنوع وشاركت فيها أقليات عرقية ودينية.
وبيَّن د. القرضاوي أن من سماحة الإسلام عدم منع أصحاب الديانات الأخرى من ممارسة شعائر دينهم، معرجاً على منع المحجبات من الدراسة في فرنسا، وقارن بين هذه الممارسة وفلسفة الإسلام التي تصل إلى درجة التسامح مع المخالفين فيما يبيحه لهم دينهم ويحرمه الإسلام مثل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير انطلاقاً من مبدأ عدم التضييق عليهم فيما يدينون به، وكذلك خاصية الواقعية في التعامل مع طبيعة الإنسان المركبة.
وفي مداخلة ثانية، تناول د. القرضاوي العلاقة بين الإسلام والعلمانية، فذكر بأن هذه الأخيرة إذا كانت تعني الاهتمام بشؤون الدين والدنيا وبالعقل؛ فهي مقبولة، أما إذا كانت -كما ينادي بها اليوم- تعني الدنيا على حساب الآخرة والعقل على حساب الوحي، والعلم على حساب الإيمان، وعزل الدين عن وظيفته في المجتمع وحصره في المسائل الشخصية؛ فهي مرفوضة باعتبار أن الدين عقيدة وشريعة في نفس الوقت، مشيراً إلى أن المسلمين في المجتمعات غير الإسلامية مطالبون بتحكيم الشريعة في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية فقط.
ودعا الفرنسيين إلى تجاوز الحواجز النفسية وعقدة الحروب الصليبية واحترام حرية التدين للمسلمين المقيمين في فرنسا، وبالخصوص مسألة الحجاب الذي لا يعتبر رمزاً، وإنما أمر ديني، كما دعا إلى الاعتراف بقدر من التنوع الثقافي.
* العدد (1126) ص30–33 – بتاريخ: 19 جمادى الآخرة 1415ه – 22 نوفمبر 1994م.